6-12-2011
صحيفة النهار
دمشق توافق بشروط على بروتوكول المراقبين
وتصاعد في عمليات القتل الطائفي بحمص
أعلنت دمشق أنها ردت بـ"ايجابية" على جامعة الدول العربية في ما يتعلق بتوقيع بروتوكول نشر مراقبين في البلاد "وفق الاطار الذي يستند الى الفهم السوري لهذا البروتوكول" واشترطت ان يتلازم التوقيع مع رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الجامعة على سوريا وأن يلغى قرار تعليق مشاركة دمشق في الاجتماعات التي تعقدها الهيئات التابعة للجامعة. ووقت قال الامين العام للجامعة نبيل العربي ان مشاورات تجري في شأن الرد السوري، سقط العشرات من القتلى في تصاعد لموجة العنف الطائفي في مدينة حمص.
وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي في مؤتمر صحافي بدمشق بأن سوريا "ستوقع بروتوكول جامعة الدول العربية ضمن اطار ايجابي يستند الى الفهم السوري للبروتوكول".
وأضاف "ان الطريق بات سالكا لتوقيع البروتوكول وأن دمشق اتخذت هذه الخطوة حفاظا على العلاقات العربية – العربية وحرصا على السيادة السورية". وأوضح ان "ما قدمته سوريا لا يمس بجوهر البروتوكول وهي لم تضع شروطا، لكنها أرادت ان يكون البروتوكول متجانسا، وأرادت ايضاحات واستفسارات لكي يكون هناك تنسيق عالي المستوى من أجل نجاح مهمة الوفد".
وسألته "النهار" هل تسمح السلطات السورية بحرية الحركة لخبراء الوفد في زيارة الاماكن التي يختارونها من دون مرافقة السلطات السورية، فأجاب مقدسي: "ان التنسيق سيكون عالي الجودة، وسوريا تريد حرية تحرك للوفد، لكنها ستشكل لجنة وطنية لمواكبة الوفد... دمشق تريد منع التدويل وتريد وقف العنف والتعاون الايجابي".
وهل ثمة رسائل تريد دمشق توجيهها من خلال المناورات العسكرية التي قامت بها الاحد؟ أجاب: "هي مناورات تدريبية تجري كل فترة، لكنها في هذه الظروف بالذات تريد تأكيد الجاهزية القتالية للجيش، خصوصا ان سوريا تعيش في منطقة معقدة".
وقال ان "دمشق تريد التأكيد مجددا على التعامل بايجابية مع جامعة الدول العربية لضخ النبض في العلاقات العربية – العربية"، وأن "السلطات السورية أحاطت الجانب الجزائري بالموقف السوري". وشدد على ان سوريا في "ايجابيتها في التعامل مع البروتوكول لا تقوم بأية مناورات، وان القيادة السورية تختار مصلحة بلادها".
وهل سوريا ورقة مساومة بين الدول العربية؟ أجاب: "سوريا تأسف لهذا الموقف، للدول العربية حقها المطلق في السيادة، كما أن لسوريا الحق في ذلك، ومن هنا تنطلق سوريا من مبدأ ان يكون الحل سوريا بامتياز".
واعتبر ان "الدور القطري الحالي لا يمكن ان يكون المحرك للعمل العربي، فهناك وهن عربي، مع الاحترام للجميع، وهناك مخطط للمنطقة واستهداف لمحور الممانعة، فهم يريدون كسر الضلع السوري. ومثال ذلك تصريحات المعارضة في الخارج ("المجلس الوطني السوري") التي قالت انها اذا وصلت الى السلطة في سوريا ستقطع العلاقة مع ايران وحزب الله، وهذا مؤسف ولا يمت الى الشارع السوري بصلة".
وردا على سؤال عما اذا كانت دمشق متفائلة بتوقيع البروتوكول، قال: "نحن متفائلون ولكن بحذر".
رسالة المعلم
وأفادت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" ان وزير الخارجية السوري وليد المعلم بعث برسالة الى العربي أبلغه فيها ان "دمشق تود أن يجري التوقيع بينها وبين الامانة العامة لجامعة الدول العربية على مشروع البروتوكول في دمشق استنادا الى خطة العمل العربية التي اتفق عليها في الدوحة بتاريخ 30 /10 :2011".
وجاء في الرسالة ان ذلك يستند ايضا الى الاستفسارات والايضاحات التي طلبتها سوريا من الامين العام للجامعة وردوده عليها، فضلا عن المواقف والملاحظات التي تقدمت بها الجزائر وما صرح به رئيس اللجنة الوزارية والامين العام للجامعة تأكيدا لرفض التدخل الاجنبي في الشأن السوري والتي تعتبر جميعها جزءا لا يتجزأ حسب فهمنا لمشروع البروتوكول.
وأضافت ان الحكومة السورية تعتبر جميع القرارات الصادرة عن مجلس الجامعة العربية في غياب سوريا وضمنها تعليق عضوية الجمهورية العربية السورية في الجامعة العربية، والعقوبات التي أصدرتها اللجنة الوزارية والمجالس الوزارية العربية في حق سوريا لاغية عند توقيع مشروع البروتوكول بين الجانبين.
كما تضمنت الرسالة دعوة للامانة العامة للجامعة لابلاغ الامين العام للامم المتحدة رسالة خطية تتضمن الاتفاق والنتائج الايجابية التي تم التوصل اليها بعد توقيع مشروع البروتوكول والطلب منه توزيع الرسالة على رئيس مجلس الامن والاعضاء وعلى الدول الاعضاء في الامم المتحدة كوثيقة رسمية.
العربي
وفي القاهرة، صرح العربي بانه يجري مشاورات مع وزراء الخارجية العرب في شأن "شروط" دمشق لتوقيع بروتوكول المراقبين في سوريا.
واكد ان المعلم "ارسل رسالة الى الامانة العامة للجامعة العربية قال فيها ان سوريا مستعدة لتوقيع بروتوكول بعثة المراقبين العرب، لكنه وضع شروطاً وطلبات"، موضحاً ان "هذه الشروط والطلبات تدرس حالياً بالتشاور مع المجلس الوزاري" للجامعة.
وسئل هل الشروط السورية تفرغ المبادرة العربية لتسوية الازمة السورية من مضمونها، فأجاب ان "هذه الشروط فيها امور جديدة لم نسمع عنها من قبل".
واكد ان العقوبات العربية على سوريا "سارية"، وانه لن تحدد اي مهل اخرى قبل تنفيذها.
"توتال" توقف نشاطها
وفي باريس أعلنت شركة "توتال" النفطية الفرنسية العملاقة انها ستعلق نشاطاتها في سوريا تطبيقاً للعقوبات الاوروبية التي فرضت على هذا البلد.
وقالت في بيان: "أعلمنا السلطة السورية بقرارنا وقف عملياتنا مع الشركة العامة للنفط تنفيذاً للعقوبات. وهذا الامر يتضمن انتاجنا في دير الزور وعقدنا مع مشروع غاز الطالبية" في شمال شرق البلاد. واضافت: "ان هدفنا الاول يبقى سلامة موظفينا".
صحيفة السفير
منظومة دير كيفا التجسسية: زُرعت على شبكة المقاومة منذ تموز 2006
مع كل منظومة تجسس إسرائيلية يتم اكتشافها، يتبين حجم الخرق الإسرائيلي للسيادة اللبنانية ومستوى التهديد الذي يشكله، بحيث يبدو جلياً تكامل الأدوار بين شبكات العملاء في الداخل وبين الجهد الاستخباراتي الإسرائيلي مدعماً بأحدث التقنيات الغربية، من أجل محاولة حل أحجية المقاومة التي فرضت معادلات جديدة في الصراع العربي ـ الاسرائيلي.
ووفق المعلومات المتوافرة لـ«السفير»، فإن المنظومة التجسسية الإسرائيلية المكتشفة بين صريفا ودير كيفا في قضاء صور «متطورة تقنياً، ويعود تشغيلها الى سنوات، اذ ان كل الترجيحات تشير إلى أنها زرعت إبان عدوان تموز 2006، كون هذه المنطقة سيطر عليها الإسرائيليون خلال الحرب وتحديداً مرتفع دير كيفا».
ويقول مصدر واسع الاطلاع لـ«السفير» إن هذه المنظومة كبيرة الحجم، فهي مكونة من ثلاثة أقسام، أولاً، جهاز التنصت والبث، ثانياً، البطاريات الكبيرة الحجم، ثالثاً، جهاز البث الذي يلتقط من الجهاز الأساسي وينقل المعلومات، «لذلك فإن العمل لزرعها وتشغيلها يحتاج الى عشرين شخصاً على الأقل وإلى عمل لعدة ايام، وهذا الأمر متعذر في الظروف الحالية كون المنطقة محل رصد ومراقبة دائمين من «اليونيفيل» والجيش اللبناني والمقاومة، كما ان هذه المنطقة يرتادها أصحاب كروم الزيتون والأراضي الزراعية من أهالي المنطقة».
ويضيف المصدر «أن مكان العثور على المنظومة التجسسية هو في احد كروم الزيتون الذي يتردد عليه اصحابه، وأن المجموعة التي قامت بعملية التركيب والزرع اخذت وقتها وعملت في بيئة غير معادية، أي أنها كانت تحظى بحماية مباشرة من قبل الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي رجح فرضية زرعها إبان عدوان تموز».
ويكشف المصدر أن الدافع الى هذا الاستنتاج هو المعطيات التالية:
- حفرت المجموعة بعمق مترين في حائط كرم الزيتون حتى وصلت الى السلك الهاتفي لشبكة اتصالات المقاومة ووضعت الجهاز الذي تخرج منه الأسلاك.
- شمل حفر المجموعة أيضاً زاوية كرم الزيتون، اي على بعد ثلاثة امتار وبعمق ستين سنتيمتراً حيث وضعت البطاريات التي تشحن الجهاز.
- وضع على التلّة المقابلة، جهاز يلتقط بث الجهاز الأساسي ويبث الى غرفة عمليات العدو (في مرصد جبل الشيخ).
ويشير المصدر الى ان «المجموعة المعادية بعد وصولها الى عمق مترين، حيث الشريط السلكي، عمدت الى جرح الشريط بحيث لا يتلف ووضعت عليه جهاز التنصت والبث بحيث صبّ الجهاز بشكل محكم على السلك الهاتفي، ليبث كل ما يلتقطه عبر تقنية ضوئية معقدة وحديثة تبث الى جهاز الإرسال على التلّة والموجّه نحو جبل الشيخ (هضبة الجولان)، حيث اكبر مركز إسرائيلي للتنصت والرصد والتجسس في المنطقة».
ويلفت المصدر الانتباه الى أن «البطاريات التي عثر عليها قادرة على تشغيل الجهاز لفترة زمنية طويلة لا تقل عن خمسة عشر عاماً، لأنها من الحجم الكبير ومحفوظة بعناية بحيث لا تؤثر فيها العوامل الطبيعية»، إلا أن ما يثير الاستغراب هو وضع البطاريات على عمق ستين سنتيمتراً مما يعرضها للكشف في حال قيام مالكي الكرم باستصلاحه وحراثته».
ويقول المصدر أيضاً «إنه برغم ارتياد المكان من قبل الأهالي فإن طائرات التجسس الإسرائيلية لم تعمد الى تفجير الجهاز إلا بعد تيقنها أنه كشف من قبل المجموعة المقاومة التي كانت تستكشف المكان وتتفقد الشبكة، بدليل ان التفجير لم يحصل والمجموعة قرب المنظومة إنما بعدما ابتعدت عنه، فسارع العدو الى تفجيره، كما أن ما يميز هذه المنظومة عن منظومتي صنين والباروك، أنها مزودة بجهاز تفجير يتم التحكم به عبر طائرة تجسس ترسل إليه الإشارة ليفجر نفسه تلقائياً، وهذا ما يميز أغلب المنظومات التي تكتشف في الجنوب، مع الإشارة الى أن جهاز البث على التلة والمموه كان واضحاً لمن يدقق في المكان، كون التلة تعرضت لحريق خلال الصيف المنصرم، كما أنه بعد حفر المجموعة المعادية عند حائط الكرم أعادت بناءه بشكل لا يلفت الأنظار وبنفس الوضعية التي كان عليها».
ويشير المصدر الى انه «بنتيجة تفجير المنظومة التجسسية، فإن الجهاز الأساسي الذي وضع على السلك الهاتفي تعرض للتلف الكامل، بما يعيق عملية تحليل الجهاز ومعرفة تقنياته وأسراره والخطورة العملية التي يشكلها، كما أن اكتشاف المزيد من هذه المنظومات يؤشر الى أن عددها المزروع في العمق اللبناني ليس قليلاً، وبالتأكيد هناك منظومات أخرى مزروعة لا بد من السعي لكشفها وهذا ما تعمل عليه مجموعات متخصصة من المقاومة ليلاً ونهاراً».
نصرالله: من يعتبر اسرائيل عدواً عليه أن يشتري لنا السلاح ويدافع عنه
رأى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ان "البعض يعتبر ان اسرائيل ليست عدوا، اما من يعتبرها عدواً وخطراً فيجب ان يشتري السلاح ويعطينا السلاح ويدافع عن السلاح"، مضيفاً "نحن طلاب سلم أهلي واصلاح وعدالة وندعم من يقوم بذلك، ونحن طلاب وحدة لبنانية لأننا نرى في الوحدة قوة الشعب والوطن والامة".
نصرالله قال في الليلة العاشرة من محرّم، "لسنا طلاب سلطة ولم ننافس على شيء من هذا الحطام وما يعنينا من خلال تمسكنا بالسلاح والمقاومة ان نؤدي ما أمرنا الله به وليس ما يأمرنا الناس به او ما يتوقعه الناس منا، والله أمر الناس جميعاً بأن يقاتلوا دون ارضهم وان لا يتركوا ارضهم ومقدساتهم للاحتلال، والله أمرنا ان لا نسكت على هوان وان لا نترك كرامة شعبنا تدوسها اقدام الغزاة"، مشددا على ان حزب الله متمسك بالمقاومة وسلاحها من اجل ذلك وليس للسيطرة على البلد ولا لإلغاء أحد.
واكد نصرالله ان "السلطة والحكومة والمناصب والمواقع كلها لا تساوي شيئاً ولا نتطلع اليها، وأمنية كل واحد منا في حزب الله ان يلحق بالسيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب والحاج عماد مغنية".
وجدد نصرالله القول "لا تتآمروا على المقاومة وعلى سلاحها و"حلوا عنها" ولا نريد دعم احد، ودعوا المقاومة تدافع عنكم وعن وطنكم وكرامتكم ودمائكم واموالكم وخيرات بلدكم وعزكم وشرفكم"، مضيفاً "لا تتآمروا على المقاومة ولن يجديكم التآمر عليها لأننا حريصون عليها ومن واجبنا ان نحفظها ولو بدماء اعزائنا".
القاعدة: "علم الإسلام" وحده يجب أن يرفرف في سماء ليبيا
اعتبر أحد ابرز منظري تنظيم "القاعدة" أبو يحيى الليبي في تسجيل صوتي بث الاثنين، أن "علم الإسلام" وحده يجب أن يرفرف فوق ليبيا، داعياً الثوار السابقين الذين أطاحوا بنظام معمر القذافي إلى عدم تسليم أسلحتهم إلى الحكومة الجديدة.
وقال الليبي في تسجيل أعدته مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامية للقاعدة، وبثته...
الأخبار اللبنانية
الانتفاضة التي أشعلها عاطلون من العمل ويساريون باسم البطالة والجوع وغياب العدالة الاجتماعية، قبل أن يلحق بها الإسلاميون وغيرهم، أدت الى انتخابات ديموقراطية مكّنت الإسلاميين من السلطة بعد عقود من التهميش، التي دفعتهم الى العمل في الظل. عتمة دفعت العديدين منهم الى التطرّف. هذه الإفرازات الجديدة للانتخابات خلقت هلعاً في أوساط العلمانيين، ولا سيما من المظاهر المتطرفة التي يحاول السلفيون تلبيسها للمجتمع؛ أما وقد صاروا أصحاب السلطة، فهل يكونون «الدكتاتوريين الجدد»، أم أنّ حالة «الكباش» الذي تشهده الساحة التونسية ليس الا مرحلة مؤقتة نحو المشاركة وقبول الآخر والتعرف إليه؟
تونس | بعدما توحّد التونسيون بمختلف أهوائهم الإيديولوجية وراء هدف إطاحة نظام الرئيس زين العابدين بن علي، عادوا وانقسموا إلى قسمين بمجرد انفتاح أبواب السلطة على مصراعيها؛ نخبة مثقفة مؤمنة بالعلمانية كأسلوب للحكم ينأى بالإسلام عن براثن الصراع السياسي من جهة، وقطاع واسع من الشعب حُرموا «طمأنينة واستقراراً» كان يوفرهما لهم الحزب الحاكم السابق ليجدوا ضالتهم في حزب تمكّن من إعادة تلك الطمأنينة مرّة أخرى، عبر حسن توظيف الدين في الجهة المقابلة.
منذ أشهر، تعيش تونس احتداماً في الخلاف بين التوجهين المتناقضين، تارة تدور رحاه في وسائل الإعلام، وطوراً ينتقل مجال التعبير عنه إلى الشوارع والميادين العامة. منع الطالبات المنقبات من دخول كلية الآداب في محافظة منوبة بحجّة العجز عن التعرّف إلى الهويات، أجّج من جديد الجدل حول قضية الهوية ومسألة علاقة الدولة بالدين، لكن مع توافر معطى سياسي جديد يتمثل في أن النظام هذه المرة بيد الإسلاميين.
لقد أطلق الاعتصام، الذي تنفّذه مجموعة من السلفيين بكلية الآداب بمنوبة، صفارة الفزع من جديد بخصوص التمدّد السريع لفكر الإسلام المتطرّف، وانتقاله من مرحلة العمل الدعوي إلى طور الفعل الميداني والضغط الاجتماعي. وانتقل صخب قضية النقاب إلى قبّة المجلس التأسيسي، حيث يناقش النواب القوانين التي ستسيّر أمور البلاد إلى حدود إصدار دستور جديد.
هذا التوجس من تعاظم دور الإسلاميين، دفع الآلاف من التونسيين الى التظاهر طيلة الأسبوع الماضي أمام مقرّ المجلس التأسيسي للمطالبة بدولة مدنية، قبل أن يقرّروا تنفيذ اعتصام مفتوح لذلك الغرض. لتضاف اليهم، بعد ذلك، دفعات جديدة من الغاضبين سرعان ما بلوروا مطالبهم في «ضرورة الفصل بين السلطات الثلاث، وإدراج مجلة الأحوال الشخصية ضمن القوانين الأساسية، والتنصيص على حق الشغل والعدالة الاجتماعية في الدستور، والبث المباشر لمداولات المجلس التأسيسي، وعرض الدستور على الاستفتاء الشعبي، والحفاظ على الحريات العامة والفردية، ومحاسبة رموز الفساد وقتلة الشهداء».
وفي إحدى الخيم المنصوبة، تجمع عدد من النساء من مختلف الأعمار، وقالت إحداهن «أنا لست هنا للطعن في شرعية المجلس التأسيسي، وانما كي أمارس الضغط عليه حتى لا يحيد عن أهدافه، وللتعبير عن انشغالنا بالانتهاكات التي يقوم بها السلفيون منذ مدّة ضدّ الحريات الفردية للتونسيين». فمنذ الثورة، تزايد نفوذ التيار السلفي في تونس، وأصبح أحد أبرز أركانه، وهو حزب «التحرير» المتطرف، ينظم العديد من الأنشطة العلنية التي يدعو فيها إلى تكريس الخلافة الإسلامية، وإلى محاربة «الكفر والزندقة». وكوّن مجموعة من التونسيين ما سموه «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، التي بدأت أول نشاطاتها بخلع أستاذة جامعية جرى تعيينها كمتصرفة قضائية على إذاعة دينية خاصة.
وفي مكان منزوٍ، نصب عدد من العاطلين من العمل خيمتهم المهترئة، وبدا على ملامح وجوههم الإعياء والوهن بعد عناء أيام طويلة من الاعتصام أمام مقرّ شركة فوسفات قفصة بوسط العاصمة تونس. يقول أحدهم «نحن هنا للاعتصام بهدف المطالبة بحقنا في الشغل. الإسلاميون يريدون صرف اهتمامنا عن الأهداف الأساسية للثورة، المتمثلة في الحق في الشغل عبر اختلاق قضايا دينية ثانوية». وكانت منطقة قفصة، التي تبعد500 كيلومتر جنوباً عن العاصمة تونس، قد عرفت في الأسابيع الماضية موجة من الاحتجاجات على خلفية الإعلان عن نتائج توظيف عمال جدد في شركة الفوسفات، التي تُعدّ المُشغل الرئيسي لسكان المنطقة. وتحوم العديد من الشكوك حول طريقة هذا التوظيف، حيث يرى المحتجون أن عملية التشغيل التي تحدث مرة في كل عام تجري وفق معايير المحسوبية والرشوة.
ويبدو أن الحكومة وعت متأخرة خطورة الأحداث بقفصة، التي بلغت أطوارها إلى حدّ تدمير كل المنشآت العمومية، فأعلنت أنها ستقبل مطلب الاعتراض من طرف الذين رُفض تشغيلهم، وأنها ستعمل على إيجاد صيغة للتوافق بين حاجات شركة الفوسفات والمطالب الاجتماعية للعاطلين من العمل.
لكن مع هذا، رفض المعتصمون أمام المجلس التأسيسي فك اعتصامهم إلى أن تُقرّ مسألة إيجاد فرص شغل لهم، وهم الذين يعانون البطالة منذ سنوات طويلة. ما جلب لهم موجة تعاطف هامة من قبل التونسيين، من بينهم عدد من الأحزاب اليسارية، التي أوفدت شبابها للمكوث في مقر الاعتصام لإسنادهم معنوياً، وخاصة للوقوف معهم ضدّ بعض الأعمال العدوانية التي بات يتعرّض لها المعتصمون.
فعشية يوم الخميس الماضي، اعتدت مجموعة من الأشخاص على المعتصمين الموجودين أمام المجلس التأسيسي، واقتلعوا حينها إحدى الخيم بالعنف، قبل أن يفرّوا بعد تدخل أفراد من الشرطة. «بروفة» أولى خفيفة، قبل أن يقرّر أنصار حركة «النهضة» تنظيم تظاهرة يوم السبت أمام مقرّ الاعتصام للمطالبة بفض الاعتصام، مع أنّ الحركة دعت الى عدم التظاهر. وسرعان ما تحولت هذه التظاهرة إلى اشتباك.
المعتصمون المستاؤون من عنف البلطجية، الذي ذكّرهم بالأسلوب الذي اعتمده الحزب الحاكم السابق ضدّ المعارضين، تشبثوا بمواصلة اعتصامهم، مصدرين بياناً مؤكّدين فيه أنّ «اعتصام باردو هو تواصل للتحرك الشعبي الذي يمثل الضامن الوحيد للحفاظ على صيرورة الثورة»، محذرين من «خطر ولادة دكتاتورية جديدة باسم الديموقراطية والإرادة الشعبية التي عكستها نتائج الانتخابات».
في هذه الأثناء، دعت العديد من الجمعيات غير الحكومية إلى تظاهرة اليوم تزامناً مع انعقاد الجلسة العامة للمجلس التأسيسي، التي ستنظر في مشروع الدستور المؤقت.
قرّر أنصار حركة «النهضة» تنظيم تظاهرة يوم السبت الماضي أمام مقرّ المعتصمين قبالة المجلس التأسيسي للمطالبة بفض الاعتصام، مردّدين شعارات من قبيل «الشعب مسلم ولا يستسلم» و«احترموا إرادة الشعب ولا تتكلموا بلسانه. الشعب اختار، الإسلام هو الحل».
ورغم إصدار «النهضة» بياناً عشية يوم التظاهرة دعت فيه أتباعها إلى عدم التظاهر بغية الحفاظ على الهدوء، فإن المئات من المتعاطفين معها نزلوا إلى الشارع رافعين أعلام الحركة، ومطالبين بمنح الحكومة، المنتظر تأليفها خلال أيام، فرصة للعمل قبل الحكم عليها. إلا أنّ الملاحظ أن التظاهرة ضمت العديد من الأطفال والمراهقين، الذين ردّدوا شعارات مستفزة للمعتصمين، قبل أن تتحول المناوشات اللفظية إلى عنف عندما عمدوا الى رشق المعتصمين بالحجارة والقوارير، لتتدخل على الأثر قوات الأمن الفاصلة بين الطرفين، وتفرّق المعتدين. وتوضح المتحدثة باسم المشاركين في التجمع، ايناس بن عثمان، أن «الإسلاميين هاجمونا ورشقونا بالحجارة، الشرطة اطلقت الغاز المسيل للدموع». وتؤكد أن «التجمع مستمر، نحن باقون. الا أن المهاجمين يستفزوننا، لا يزالون في المنطقة، وينتظروننا في كل ناحية من الشارع».