تحديد الأسعار ..هل هي قرارات على الورق؟
تقرير سجى نصرالله
خاص لزمن برس: بعد موجة الغلاء التي اشتاحات المدن الفلسطينية، والتي وقف الفلسطيني أمامها صفر اليدين، لا يدري ماذا يفعل بنفسه وبأطفاله، فمن جهة الراتب الذي لا يكاد يكفي للحد الأدنى من المستلزمات- هذا إن حصل عليه أصلا- وان حصل عليه سيكون مقتطع منه 40% او أكثر أو أقل، حسب همة الحكومة في هذا الشهر، وسخي الداعمين لها.
قامت بعدها الاحتجاجات على هذا الوضع، وأثيرت الضجة حول اتفاقية "باريس"، والتي يرى الفلسطيني إنها السبب في هذا الغلاء، فهي قوضت الاقتصاد الفلسطيني، وقلصت من هامش حريته، وأثقلته بما لا ينفعنا وينفع الاحتلال فقط، فاتفاقية باريس احتوت على 82 بنداً معظمها ليست لصالح الفلسطيني وتخدم مصالح الاحتلال أولا وأخيرا، فقد اعتمدت الاتفاقية في تحديد الأسعار على مستوى متقارب من الأسعار الموجودة في إسرائيل، مع انه معروف بشكل لا يمكن إنكاره كم أن الاقتصاد الفلسطيني هش ومتهالك بجانب الاقتصاد الإسرائيلي، بالإضافة إلى أن مستوى الدخل في إسرائيل أعلى بكثير من مستوى الدخل في الأراضي المحتلة، فكيف يتم الربط بين اقتصاديْن بعد كل هذه التباينات؟
واستجابة لمطالب المحتجّين، قامت وزارة الاقتصاد الوطني بتحديد أسعار 8 سلع أساسية، وهي الخبز الأبيض والزيت والسكر وحليب الأطفال والدجاج ولحم العجل الطازج والمجمد والبيض، ويتفرع عنها أيضا 33 سلعة، وقالت الحكومة إن ذلك جاء بهدف التخفيف عن المواطن، نتيجة ارتفاع الأسعار وعدم قدرة الحكومة على التدخل بسبب أزمتها المالية.
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل فعليا سيطبق هذا القرار، ام هي قرارات على الورق فقط ؟، هل هناك قانون ملزم للتجار؟ من بالضرورة سيحمي حقوق المستهلك؟
وفي ذلك يقول مسؤول وحدة الشكاوى في جمعية حماية المستهلك الدكتور "محمد شاهين"، أن تحديد الأسعار هو خطوة ايجابية ومتقدمة تقوم بها الوزارة، ولكن هذا الأمر له تبعات، وهو ان يتم متابعة ذلك في السوق، ويجب أن تخصص الوزارة لذلك طواقم ميدانية، لتتابع التزام التجار وأصحاب المحلات في الأسعار الجديدة، كما يجب على الوزارة إيجاد قوانين رادعة للتجار الغير الملتزمين بالأسعار الجديدة.
ويؤكد أنها خطة في الاتجاه الصحيح، ولكن يجب استكمالها ومتابعتها، فما زال هناك تفاوت وتباين في الأسعار بين مدن الضفة، وهو يعتقد أن السقف كان مرتفعا نوعا ما.
ويؤكد شاهين على خشيته، بان يصبح هذا التحديد مبرر لرفع الأسعار، ولكنه يقول" بان التفاوت في الأسعار بين المدن مبرر قليلا، فهذا يعود لارتفاع سعر تكلفتها، وارتفاع سعر الأيدي العاملة، فهو في المحافظات الجنوبية أعلى من الشمالية".
ويوضح، يجب أن لا ينعكس السقف السعري على جودة السلعة، وان لا يدفع المستهلك ثمن ذلك. وعن احتجاج تجار الجملة على تحديد الأسعار، يقول شاهين "إنهم أخر من يتحدث عن ذلك، فمثلا سعر كيلو الدجاج كان يتراوح بين (14-14.50) شيقل، ولكن الوزارة حددته بسقف أعلى لتصبح 15 شيقل"، بالتالي هذا التحديد راعى الحد الأعلى للأسعار، ومن يدفع ضريبة ذلك هو تاجر التجزئة وليس تاجر الجملة الذي يحافظ على هامش ربحه بأي سعر للسلعة، فهو يطالب بضمان حق تاجر التجزئة، وذلك لضمان استمرارية عمله.
ويضيف شاهين بأن المستهلك يتحمل جزء كبير من المسؤولية، فيجب أن يكون رقيب على ذلك، وان يبلغ عن أي تاجر لا يلتزم بالأسعار المحددة من قبل الوزارة. ومن جهة أخرى يقول القائم بأعمال وحدة الدراسات في وزارة الاقتصاد الوطني "عزمي عبد الرحمن"، إن التزام التجار بالأسعار الجديدة، كان شبه تام.
وأكد أن الوزارة أعدت عقوبات رادعة لكل من لا يلتزم بالأسعار الجديد، وأشار إلى أن الوزارة أعدت طواقم متخصصة، ذات كفاءة عالية، لعمل زيارات ميدانية للمحال التجارية، ومتابعة التزام التجار، بالأسعار الجديدة، وما يدلل على ذلك هو قيام الحكومة بإحالة 40 تاجرا مخالفا للنيابة، كما تم ضبط 200 طن من الأغذية الفاسدة، والمنتهية صلاحيتها، والوافدة من بضائع المستوطنات.
وعن اتهام الحكومة بعدم مراعاة الفرو قات الاقتصادية بين المدن، قال عبد الرحمن:"بان الهدف من تحديد السقف السعري هو توحيد الأسعار بين المدن الفلسطينية، ولكنه يقول إن جزء من التباين الذي كان موجود بين المحافظات هو مبرر، نظرا لارتفاع تكاليف الإنتاج في مدن عن مدن أخرى.
وأكد أن الحكومة بصدد دارسة أوضاع المدن، وبعد نجاح هذه الخطوة- تحديد أسعار السلع الأساسية- ستتجه الحكومة نحو مراعاة الفرو قات بين المدن، وتثبيت أسعار الخدمات الأخرى.
كما أشار أن الأسعار التي حددتها الوزارة ليست ثابتة وسيتم النظر بها شهريا، وتعديلها بمقتضى التغيرات والظروف في ذلك الوقت.
وأوضح أن الوزارة قبل أن تحدد ذلك، درست أوضاع السوق الفلسطيني، وراعت مصالح كل من تجار الجملة، وتجار التجزئة، وحددت أسعار منصفة وعادلة لكل الأطراف.
وردا على ذلك يقول "رامز أبو جسّار" صاحب محل تجاري في بلدة بيرزيت، "لم ألتزم بالتسعيرة التي وضعتها الحكومة لبعض السلع، لان ذلك سيكبدني خسائر كبيرة، وإذا رادات الحكومة دعم السلع الأساسية، فلترفع عنها ضريبة القيم المضافة، وليس تحديد أسعارها بطريقة ظالمة لنا".
وكما أكد أبو جسّار، "أن الحكومة لا تراقب الأسعار، ولا توجد لها طواقم تتابع ذلك، وكل التجار لم تلتزم بالتسعيرة الجديدة".
زمن برس