"حملة أنا لاجئ يهودي".. اليهود العرب يردون!!
هاني حبيب-خاص زمن برس
جعبة المستوى السياسي الإسرائيلي، ما تزال مكتظة بالخطط والأفكار التي تبرزها إلى الساحة السياسية بهدف إفشال العملية السياسية التفاوضية مع الجانب الفلسطيني، وكانت الدولة العبرية، قد فاجأت الجميع قبل سنوات قليلة، باشتراط اعتراف الجانب الفلسطيني بيهودية الدولة، كجزء من العملية السياسية الهادفة إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهي تعلم أنه ليس بوسع القيادة الفلسطينية، أو أي فلسطيني الاستجابة لهذا الشرط تحت أي ظرف من الظروف، وفي الآونة الأخيرة، استخرج هواة السياسة الإسرائيلية من جعبتهم ما سمي بملف تعويضات اليهود العرب، ونظمت حملة تحت عنوان " أنا لاجئ يهودي" التي أطلقتها وزارة الخارجية الإسرائيلية وبإشراف نائب الوزارة داني أيالون من عائلة يهودية هاجرت من الجزائر.
حملة " أنا لاجئ يهودي" تدعو ميع اليهود الذين قدموا من الدول العربية إلى إعداد وثائق ومستندات عن حياتهم في الدول العربية قبل اللجوء إلى إسرائيل ونشرها على صفحة الفيس بوك التابعة لوزارة الخارجية.. وإلى أن يتم ذلك نشرت الخارجية الإٍسرائيلية ما زعمت أنها معلومات رقمية دقيقة تقارن فيها بين ممتلكات اليهود العرب، وممتلكات الفلسطيني قبل اضطرارهم للهجرة من فلسطين، كما تقارب رقميا حول أعداد الجانبين، كما تنشر بعض دساتير وقوانين الدول العربية في ذلك الوقت والتي كانت تعتبر اليهود من أهل الذمة، مما منع اليهود من ممارسة حقهم كمواطنين في تلك الدولة.
أيالون ذاته كشف عن الأسباب الحقيقية حول أسباب وتزامن طرح هذه الحملة قائلا:" ستسلط الأضواء مرة أخرى على ما يسمى بحق العودة الفلسطيني، والذي لا يعود كونه حيلة قانونية، فالقرار رقم 194 الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يتم الادعاء بأن مرجعية هذا الحق، لا يأتي على ذكر هذا التعبير، فضلا عن أنه غير ملزم قانونيا، شأنه شأن جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، التي تستخدم متعمدة عبارة اللاجئين الغامضة بدون وصفها بأية صفة".
من الواضح من هذا القول، أن حملة " أنا لاجئ يهودي" هي الرد على مطالبة الجانب الفلسطيني بتفعيل القرارات الدولية الخاصة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بلادهم والتعويض عن ممتلكاتهم المنهوبة والمصادرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، إذ أن " حق العودة" هو أحد أهم الملفات المرحلة في اتفاق أوسلو إلى العملية التفاوضية الخاصة بملفات الحل النهائي.
وقد نجحت إسرائيل مؤخرا بعقد اجتماع في الأمم المتحدة، حول اللاجئين اليهود، رغم الجهد العربي لمنعه، ورغم أن ليس هناك أي قيمة جدية لمثل هذا الاجتماع، إلا أن نجاح الخارجية الإسرائيلية بعقده، يشكل فشلا عربيا، وبداية لجهد إسرائيلي حول هذا الملف، تحاول الدولة العبرية من خلاله تعقيد حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
ويلاحظ أن مصطلح " لاجئ يهودي" يتضمن اعترافا قانونيا، بأن اليهود العرب، قد تركوا أوطانهم، "ولجأوا" إلى إٍسرائيل، ووفقا لهذا المصطلح فإن ما يسمى بحق العودة لليهود من كل شتات الأرض إلى إٍسرائيل، ليس له وجود، باعتبار أن حق العودة يضمن للاجئ العودة إلى بلاده، وفي هذا السياق، فإن حق عودة اليهود العرب الذين لجأوا إلى إسرائيل أوائل الخمسينات من القرن الماضي، إلى بلادهم التي تركوها لسبب من الأسباب، هو حق يجب أن يكون مكفولا، وهذا يتطلب حملة عربية واسعة تتضمن فيما تتضمن سلسلة التزوير المستمر من قبل الدولة العبرية حول لجوء اليهود والعرب إلى فلسطين عام 1948م.
إلا أن الرد على حملة وزارة الخارجية الإسرائيلية "أنا لاجئ يهودي" وقبل الرد الفلسطيني أو العربي، جاء من اللاجئين اليهود أنفسهم، ومن داخل إسرائيل ذاتها، فقد شكل اللاجئون العراقيون اليهود في إسرائيل لجنة أطلقوا عليها "لجنة يهود بغداد" برئاسة الشاعر الموغ بهار، الذي يقول :" داني أيالون والحكومة الإسرائيلية ووزراء من اليمن يحاولون استغلال تاريخنا بطريقة مهينة في ألاعيبهم السياسية".
كما أصدرت اللجنة بيانا ساخرا : نشكر الحكومة من حميم قلوبنا على الخطوة السريعة التي استغرقت 62 عاما، حتى تعترف بنا كلاجئين .. نحن غير مستعدين أن يتم تحصيل تعويضاتنا عن أملاكنا مقابل أملاك الآخرين – في إشارة واضحة إلى أملاك اللاجئين الفلسطينيين – فيما قال كوخامي شيمش – أحد نشطاء اللجنة – أن حكومة إسرائيل غبية في طرحها هذه الحملة لتحصيل حقوق اللاجئين اليهود من الدول العربية، فاللاجئ القادم من مصر وفقا للقانون الدولي هو الذي طرد من وطنه، ومن يبحث عن حل منصف للاجئين، فأفضل حل هو بإعادتهم إلى أوطانهم، فيعود اللاجئين اليهود إلى الدول العربية ويعود اللاجئين الفلسطينيين إلى فلسطين.
وأهم أنشطة هذه اللجنة تهدف إلى العودة إلى حقائق التاريخ حول هجرة اليهود العرب إلى فلسطين ، ومن بينها اتفاق بن غوريون مع نوري السعيد، وتدبير التفجيرات ضد الكنس اليهودية من قبل إسرائيل، للضغط على اليهود العرب للهجرة إلى إسرائيل.