هجوم على غزة مستبعد.. ولكن!

أكرم عطا الله-زمن برس

هل هناك حرب على غزة أم لا؟ ولماذا هذه التهديدات التي تصاعدت في الأسبوع الأخير من القادة العسكريين في إسرائيل وكأن الحرب على الأبواب؟ وما الذي تريده إسرائيل من غزة بالضبط؟ هذه الأسئلة تبدو مشروعة ومسموعة جدا بعد استدارة إسرائيل لتهديد على إيران الذي بدا كأنه تراجع في الأسبوع الأخير لتتحول فجأة باتجاه غزة. أمام لجنة الخارجية والأمن قال رئيس الأركان الإسرائيلي قبل حوالي عشرة أيام " أن جولات التصعيد الأخيرة والمس بسكان الجنوب سيقود إلى أن يطلب الجيش عملية هجومية ونوعية بقطاع غزة" ثم عاد غانتس وكرر الأسبوع الماضي خلال احتفال للواء "جفعاتي" أحد أركان القوات البرية للجيش الإسرائيلي قائلا"الجيش مستعد لخوض حرب عسيرة على غزة"قائلا أن" أقل من 20كم تفصلنا عن الإرهابيين الذين يجلسون ويطلقون الصواريخ".

انضم وزير الدفاع أيهود باراك يوم الجمعة الماضي بتهديد أكثر صراحة عندما قال "يمكن الآن احتلال قطاع غزة إذا اتخذ الكابينيت القرار" فهم من ذلك التصريح أن الجيش الإسرائيلي جاهز لاحتلال غزة وبانتظار قرار المجلس الوزاري وخصوصا أن تصريحه هذا جاء أثناء مؤتمر عقد في مقر قيادة لسلاح الجو في هرتسيليا وكان هدفه البحث في كيفية اتخاذ القرار بما يخص الحرب الأخيرة التي شنت قبل ثلاث سنوات على غزة، إذ أن الربط بين هذا وذاك فسر أن له مدلولات تتعلق بالتحضير لعدوان ثم اتبعت إسرائيل ذلك باغتيال ستة فلسطينيين وبدا كأن طبولها على وشك أن تدق. ولكن لماذا ستقوم بإسرائيل بشن عدوان على القطاع والذي تحكمه حركة حماس وخاصة أن الأخيرة حظيت بالئناء من صحافة الجمعة في إسرائيل فقد قالت يديعوت "أن قادة حماس أثبتوا أنهم يعملون على إحباط الإرهاب" وقد اعتبرت الصحيفة أن إسرائيل وحماس تجدان نفسيهما في جبهة واحدة أمام منظمات الإرهاب السلفية المتطرفة في قطاع غزة.

إذن عدو إسرائيل في القطاع هذه الجولة هم السلفيين فهل تستطيع إسرائيل القضاء عليهم إذا ما قامت بعملية عسكرية على قطاع غزة؟بعض الإسرائيليين يقولون هذا مستحيل والمسألة الثانية أن عملية على قطاع غزة قد تقوى السلفيين وربما تضعف حماس في مواجهتهم. الأهم ما الذي تريده إسرائيل من غزة؟ جواب هذا السؤال ربما هو الذي سيحدد السلوك الإسرائيلي القادم سواء تهدئة أم تصعيد,فإسرائيل كانت قد قرأت ما أعلنته الأمم المتحدة بتقريرها بأن قطاع غزة لن يكون قابلا للحياة يعد سنوات,وقد أعلنت إسرائيل قراءتها في مؤتمر هرتسيليا التاسع وربما كانت أبحاثها قبل ذلك بكثير ،فقد بدأت بالانسحاب من غزة وهي تدرك ما ستؤول إليه الأمور ثم حصل الخلاف الذي انتهى بسيطرة حماس على غزة فإسرائيل يتمثل مشروعها بدفع غزة باتجاه مصر والتخلص منه نهائيا وقد بدأت باتخاذ خطوات عملية وها هو القطاع يذهب إلى حيث أرادت وأن النظام السياسي الفلسطيني المنقسم بتركيبته الحالية هو النظام النموذجي لتمرير المخطط الإسرائيلي إذن لا حكومة وحدة تعيد غزة ولا عودة للسلطة إلى غزة وبالتالي لا تغيير لنظام الحكم في القطاع فأي تغيير يعقد دفع غزة إلى الجنوب ومن هنا فإن احتمال الحرب على غزة أو إعادة احتلال غزة يعني عودة المشروع الإسرائيلي للصفر بعد أن قطع شوطا كبيرا ،ويعني أيضا إعادة ارتباط غزة بإسرائيل بعد أن أخرجتها الأخيرة من رحمها كما وصفت الصحافة الإسرائيلية.

ولكن قطاع غزة يعود بين قترة وأخرى للاشتباك مع إسرائيل من خلال الصواريخ والان على يد السلفيين الذين بدأت حكومة غزة ملاحقتهم بعد عملية سيناء في الرابع من آب الماضي وهم أرادوا بتلك الصواريخ أن يضعوا حركة حماس التي تلاحقهم في موقف محرج حيث ستكون المعادلة"حركة حماس تلاحق المجاهدين الذين يضربون إسرائيل", وبالرغم من انكشاف الأمر بالنسبة لأهداف تلك الصواريخ إلا أن أحدا من الفصائل لم يسجل ملاحظاته عليها وإن كانت خرقا للإجماع الوطني كما بقولون وهو إجماع خاء نزولا عند رغبة حركة حماس.

إسرائيل أمام الأعياد نهاية هذا الأسبوع عيد رأس السنة العبرية ولا تستطيع أن تفتح معركة تجعل أكثر من مليون إسرائيلي يمضون أعيادهم في الملاجئ فكل ما تريده إسرائيل هو أن تتوقف الصواريخ على الجنوب. إسرائيل تحمل حركة حماس المسئولية وتقول أنه ليس بإمكانها أن تطارد كل مطلق صواريخ فهناك سيد للبيت فليتحمل مسئولية لهذا تهدد حركة حماس وتصعد بالإعلان عن اجتياح قادم لتدفع الحركة وحكومتها بقطاع غزة على أن تقوم وتعمل كل ما من شأنه من أجل وقف الصواريخ على إسرائيل ويصاحب ذلك حملة من التحريض باعتبار أن السلفيين هم عدو مشترك لحماس ولإسرائيل وتذهب في أحيان لضرب مواقع فارغة لمقاتلي حماس وذلك بهدف تهديد استقرار الحركة وحكمها في القطاع.

هذه هي الرسالة الأبرز للتهديدات الإسرائيلية التهديد بالقوة بديلا عن استعمال القوة, استعادة قدرة الردع الإسرائيلية من خلال تخويف الخصم ودفعه للتفكير مرتين للعمل كما ينبغي, ولكن حين تعجز حركة حماس عن وقف السلفيين بالتأكيد قد تضطر إسرائيل بالعمل بنفسها ضدهم وضد حكومة حماس وحينها يمكن أن يكون العدوان على غزة مبررا, لكن عدد الصواريخ التي تنطلق لا تشكل دافع لهجوم إسرائيلي وخاصة أن ليس هناك خسائر بالأرواح.

المسألة الثانية أن أية عملية على غزة قد تعيد الاشتباك بين غزة وإسرائيل , ولكن إذا كانت العملية ضرورة لتعجيل دفع غزة باتجاه مصر أكثر قد نشهد تصعيد وعمل عسكري كبير ولكن لا يبدو ذلك في الأفق فالأمور تسير بمعزل عن إسرائيل ولكن المزعج هو الصواريخ كيف ستجد إسرائيل لها حل لا أعتقد أن ذلك يتطلب عملية هجومية نوعية كما قال رئيس الأركان وخاصة أن الاتصالات الإسرائيلية مع مصر بدأت منذ الأمس وبنفس المسار على الجانب الفلسطيني المصري و ترافقت مع رسالة شديدة اللهجة لحماس فجر الاثنين.