"محامو الأسرى...شركاء في الجريمة"

رام الله: كتب الأسير عبد الفتاح دولة - ممثل أسرى فتح في سجن بئر السبع- مقالاً، ليفتح الباب للحديث عن مدى مصداقية ما يقوم به محاموا الأسرى وجديتهم في الدفاع عن موكليهم في القضايا التي يكلفون بها.

وقال الأسير دولة في مقاله إن "هناك أسماء كثيرة لمحامين كثر غير أكفاء، همهم كسب المال"مضيفاً أنهم وكِّلوا للدفاع عن قضايا الأسرى الانسانية، إلا أنهم سجلوا اخفاقات قاتلة واهتموا بجمع الأموال الهائلة على حساب أعمار الأسرى وما من رقيب أو حسيب وفقا لما جاء في مقال الأسير.

وفيما يلي المقال الذي أرسله الاسير عبد الفتاح دوله من داخل المعتقل كما نشره موقع صحيفة القدس الإلكتروني.

الاسير عبد الفتاح دولة من داخل سجن ايشيل " بئر السبع

الاسير الفلسطيني بين مطرقة القضاء العسكري الاسرائيلي وسندان محامي الدفاع .

من هو محاميك؟

أولى الأسئلة التي يسألها رفاق القيد لزميلهم الأسير في أماكن تجميع الاسرى الخاصة بمحاكم الاحتلال الاسرائيلي، لمدة تسعة أعوام أتردد خلالها لمحكمة عوفر العسكرية، وأنا أشارك رفاقي الأسرى جلسات نقاش وتقييم أداء المحامين الموكلين للدفاع عن قضايا الاسرى الفلسطينيين في سجون اسرائيل، وقلما أجد رضاً يذكر عن أداء هؤلاء المحامين أمام اخفاقاتهم المتكررة والتي ترتقي إلى حد الجرائم التي تضعهم في دائرة الشراكة مع المحاكم العسكرية في إعدام أعمار الأسرى وأحلامهم نتيجة لعدم كفاءة البعض منهم وصفقات الآخرين، فمع كل أسير فاجعة محاميه شريك اصيل فيها، فمن هو المسؤول؟ وكيف ومتى سيوضع حد لهذه الجرائم التي تسلب الأسرى أعمارهم ويلقى بهم في غياهب الجب والموت البطيء؟ فمنذ أن أخفقت الحركة الأسيرة مع بداية تاسيسها في بلورة موقف جماعي رافض للاعتراف بالمحاكم العسكرية الاسرائيلية وقبول الاسرى المثول أمامها وأمام أحكام طوارئها المنافية لشكل الأسير الفلسطيني الانساني والقانوني المعترض أن تكون عليه باعتباره أسير حرب .

أمعنت هذه المحاكم في القاء أحكامها الجائرة على الأسرى الذين لم يصلح دفاعهم في إحقاق العدل التائه في أروقة محاكم الظلم وسوء أداء الدفاع الضعيف وقليل الخبرة والحنكة وقد يسلم بأحكام هذه المحاكم وحول جهده لاستثمار ملفات موكليه بتكديس المال وعقد الصفقات الرخيصة بالجملة مع ادعاء هذه المحاكم .

قصص وجرائم كثيرة لطالما انتظرنا من يفتح ملفاتها ويقف على تجاوزاتها ويضع حداً لمرتكبيها ويحمي أعمار الأسرى من الاعدام، ألا أنها أمام الصمت والتقصير وغياب المسائلة والمحاسبة في تزايد واستمرار أسماء كثيرة لمحامين كثر غير أكفاء، همهم كسب المال، وكِّلوا للدفاع عن قضايا الأسرى الانسانية، سجلوا اخفاقات قاتلة واهتموا بجمع الأموال الهائلة على حساب أعمار الأسرى وما من رقيب أو حسيب، بل ونجد منهم من يتسلم مناصب قانونية هامة في مؤسسات دورها أن تدافع عن حقوق وقضايا الأسرى ويعمل على الافراج عنهم لا العكس. والمفارقة المبكية المفرحة مقال لأحد هؤلاء المحامين النجوم مما جاء فيه ((لعقود تعاطى الفلسطينيون مع واقع هذه المحاكم فقدر محكوم واجل لا غنى عنه ولا بديل واليوم وعلى خلفية ما يعتري هذا الجهاز في عطب وتغييرات خطيرة (لقصة القضاء الاسرائيلي) هناك حاجة ماسة لاعادة النظر ودراسة ما يمكن وما يجب أن نفعله نحن العرب لهذه المحاكم )) كلام جميل ومهم لمحامي عريق تمرس التعاطي مع واقع هذه المحاكم وأبدع في عقد الصفقات معها لكن ليس كزبون كما يقول وانما كشريك مع هذه المحاكم لأن الزبائن الحقيقيون هم أولائك الأسرى الذين وكَّلوه للدفاع عنهم، فصاروا زبائن عنده وعند غيره .

من المحامين الذين استهانوا بأعمار هؤلاء الأسرى ولم يهتموا الا باسمائهم وجمع المال، ترى الواحد منهم وقد برز نظريا عند مؤسسات التضامن والدفاع عن حقوق وقضايا الأسرى كمحراب دفاع عن هذه الحقوق الى أن ينشهر اسمه بما يمكنه من العمل لحسابه الخاص وكسب زبائن جدد، والأمثلة كثيرة لا نذكرها في سبيل أن يرى هذا المقال النور . تراهم اكثر الناس إنسانية واستعداداً لنصرة المظلومين الى أن تلمع اسماؤهم فيستنجد بهم الملهوفون بالعدل والحرية ، ليتحولوا بعد ذلك فجأة الى منشغلين ومتكبرين ومستثمرين وعرّابي كذب .

ولذلك لم يستثني كتاب لمؤسسة حقوقية اسرائيلية غير رسمية حمل اسم (يوجد قانون ) أداء محامي الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين الضعيف والسلبي في وصفه بما يحدث الحرائك الخلفية للمحاكم العسكرية حسب عنوان التقرير الذي يتحدث عن الجرائم القانونية التي ترتكب في هذه المحاكم بحق الأسرى الفلسطينيين والدور السلبي البارز لمحامي الدفاع غير الأكفاء وأصحاب الصفقات .

يليه تقرير صحفي آخر على صحيفة هآرتس الاسرائيلية يعنونه صاحبه (الدولة الاخرى ) في وصفه للمحاكم الاسرائيية استهجاناً منه بهذه الجرائم القانونية المرتكبة هناك والتي تنتهك حقوق البشر وتنتهك القانون الاسرائيلي نفسه ونحن عن هذا صامتون، لقد دفع أداء المحامون السلبي والضعيف العشرات من الأسرى بتوكيل محامين يهود لإعادة فتح ملفاتهم والدفاع عنهم أمام المحاكم العسكرية بعد أن نجح هؤلاء المحامون في تقليص مدة أحكام الكثيرين والحصول على أحكام أقل بكثير مما كان عليه الحال مع المحامون (العرب) الأمر الذي راح يدفع الكثير من الأسرى للجوء لمحامي اسرائيلي رغم المبالغ المالية الكبيرة التي يتكبدها الاسير وذويه في سبيل توكيل هكذا محامي، اذ لا مفر أمامهم في ظل ضعف ما هو متوفر، والسلطة الفلسطينية لا تقوم بتغطية هكذا حالات لأنها تدفع مبالغ كبيرة لمحامي المؤسسة الرسمية الغير قادرة رغم هذه المبالغ على تحقيق ذات النتائج التي يحققها المحامي الاسرائيلي وكأن هذا المحامي بلسانين والفلسطيني بلسان واحد .

ومن هنا فان على السلطة الفلسطينية بقدراتها القانونية ووزارة شؤون الأسرى أن تقوم بخطوات عملية في التعامل مع قضاء الاحتلال العسكري ووقف الجرائم التي ترتكب في هذه المحاكم والتي يشارك فيها المحامون وذلك من خلال:

1- وضع حد لتجاوزات المحامين وتشكيل لجنة قانونية لتفحص الملفات التي كانت بايديهم وتقييم مستوى وحجم الأخطاء المرتكبة من قبلهم واخضاعهم للمحاسبة واستبعادهم وفتح المجال للاسرى المتضررين من هؤلاء المحامين تقديم شكواهم ومتابعتها . 2

- اذا كان العامل المادي مهم لتشكيل دافع قوي أن يتم تقليص نسبة المحامين الغير أكفاء الذين تنفق عليهم السلطة الفلسطينية لصالح عدد أقل من المحامين ذوو الخبرة والكفاءة العالية.

3- والاهم التفكير الجدي في آلية جديدة للتعامل مع المحاكم الاسرائيلية الجائرة والغير شرعية وتثبيت الشكل القانوني الواضح للأسير الفلسطيني وفقا للعرف القانوني الدولي والانساني الذي يصنف الاسير الفلسطيني كاسير حرب والتعامل معه على هذا الاساس وليتذكر من يعنى بقضية الأسرى أن دوره العمل على الافراج عنهم لا المساهمة في سلبهم أعمارهم في سجون القهر والموت البطيء .