الرئيس المصري المُرتجى

ربما يضطر واحدنا، الى صياغة موقف من المنافسة على موقع الرئاسة المصرية، على النحو الذي يتناسب مع رغبة لا يمكن مداراتها، في أن يصبح التغيير في المحروسة، حمّالاً لتوجهات مضادة لإسرائيل، أو لرياح الانقلاب الجوابي على أولئك المحتلين المنقلبين أصلاً، ليس على التسوية وحسب، وإنما حتى على منطق العلاقة الطبيعية بين البشر الأسوياء، وعلى أخلاقيات الحرب وأخلاقيات السلام!

ومن خلال متابعة ردود الأفعال الإسرائيلية، على الأحداث في مصر؛ يتضح جلياً أن استيعاب الدولة العبرية لطبيعة ما يجري في المنطقة، لا يزيد كثيراً عن استيعاب كل الأطراف التي فوجئت بالتطورات الثورية في العالم العربي. وحيال كل ثورة في كل بلد، كانت الأوساط الأمنية والسياسية الإسرائيلية، تتخبط، وتلجأ أحياناً الى إصدار تصريحات متضاربة مستلّة من قاموس الأوساط العربية الرسمية نفسها. وعندما هوجمت السفارة الإسرائيلية في القاهرة، من قبل شباب الثورة، رداً على انتهاك القوات الإسرائيلية للأراضي المصرية في سيناء وقتلها لبعض الجنود المصريين؛ بدت حكومة تل أبيب وكأنها تتلمس طريقها في الدُجى، فيما هي على يقين، بأن هناك ما يكفي من عظائم الأمور المتوقعة في مصر. وعلى الرغم من ذلك، بدت الأوساط الإسرائيلية الحاكمة، وكأنها أصيبت من نظيرتها العربية، بعدوى إنكار الواقع، مع عدوى الدجل عندما تنافق الثورات أو تحاول تشويهها، أو تذم الطغيان الذي هو مشربها ومبدؤها الثابت.

* * *

وأقول بصراحة، ربما يلومني عليها المخدوعون في "الإخوان المسلمين"؛ إن هؤلاء ليسوا هم الطرف الأمثل والأكثر جدارة في أخذ المجتمع والبلاد، الى موقف وطني وقومي يليق بمصر في مواجهة إسرائيل. فهؤلاء طلاب سلطة، وهم ذوو بنية قيادية موصولة برؤى ضيقة، وبشبكة مصالح لا تساعد على جمع المصريين على خيار وطني يُعلي من شأن المكانة التاريخية لبلادهم، ويُلجم إسرائيل بوسائل غير الحرب، ويضمن إعادة صياغة العلاقة مع الولايات المتحدة، على قاعدة الاحترام المتبادل. فمصر هي أمل العرب في بلوغ هدف التقابل في المصالح بينهم وبين الأمريكيين، لكي لا تظل سياسة هؤلاء تشجع الغطرسة الإسرائيلية بالغة السفاهة، وتحتقر الحكومات العربية وتستهتر بالحقوق العربية.

ربما يكون المؤهلون لأخذ مصر الى هذه الوُجهة، أولئك الذين يمتلكون الأيديولوجيا دون بُنية "الجماعة" أو الذين في مقدورهم جعل موقف الكبرياء والزعامة المصرية، قاسماً مشتركاً بين كل الأطياف، ولا يمكن أن يفلح رئيس خارج من كنف "السمع والطاعة" والتمييز حتى بين المسلمين.

إن الرئيس المصري المرتجي، هو ذاك القادر على الجمع بين الحرص الواعي والموضوعي على مصالح البلاد، والإدراك العميق لمتطلبات دور مصر التقليدي، في المنطقة وفي العالم، مع إدراك مسؤوليتها حيال الأمة!