جومانه ... أب أسير وأم متوفاة
زمن برس
غزة: "بسلم عليك يا بابا ومشتقاك كتير ونفسي تطلع بسلامة وتعوضني من أيام الحرمان إلى ضاعت مني، أنا يا بابا كبرت ومتفوقة في المدرسة"
بهذه الكلمات الطفولية، بدأت الطفلة جومانه أبو جزر حديثها عن رسالتها لوالدها الأسير علاء أبو جزر الذي اعتقلته قوات الاحتلال عام 2000 أثناء عودته من رحلة علاج مع والده على معبر رفح، وحكم عليه بالسجن ثمانية عشر عاما بتهمة أمنية.
منذ خمس أعوام تعيش الطفله جومانه (10 أعوام) معاناة مريرة بعد وفاة والدتها واعتقال والدها، ومنذ ذلك الحين تعيش مع الأمل بمستقبل جديد بين أحضان والدها، بعد أن ذهب عنها الأحباب واحدًا تلو الآخر.
لم تكد الطفلة جومانه تبصر النور، حتى وجدت نفسها في أحضان جدتها التي لعبت دور الأم والأب دون أن تعلم؛ فوالدتها توفيت بمرض عضال بعد أشهر من إنجابها، أما الوالد، فقد أُسِر أثناء رحلة علاج والده المريض.
وتقول جومانه "لزمن برس" أنا مرفوضة أمنيا منذ سنوات، ولم أر والدي سوى مرة واحدة منذ أن أسر، ولم تقدم أي من المؤسسات الحكومية والحقوقية عونا للطفلة حتى تتمكن من زيارة والدها مرة أخرى"، وترتبط أحلام جمانه بوالدها، حتى مهنة المستقبل تتمنى ان تكون المحاماة حتى " أدافع عن أبوي وكل المساجين".
الجدة والأم والأب الحاجة مريم أبو جزر ترى أن أصعب ما مرت به جومانه هو إخبارها بحقيقة وفاة أمها وتبرير غياب والدها وهي في هذا السن، وتروي الحاجة "لزمن برس " كيف أصبحت لجمانه كل شي في حياتها، حيث والدها في السجون الإسرائيليةـ ووالدتها توفيت، حتى عمها الذي كان الأب البديل لها استشهد في قصف إسرائيلي، وتوضح الحاجة أنَّ نجلها أيمن عم جمانة تكفل بتربيتها وتعويضها ما فقدته، وبدأ يحاول الترفيه عنها لخمس سنوات متواصلة حتى تخرج من حالها الغريب الصعب.
وبعد رحيل عمها، وجدت جمانة نفسها وسط معاناة كبيرة، وتعلّقت كل آمالها والعائلة معها بخروج والدها من المعتقل، فلا أحد يمكنه " تعويضها الحنان اللي بتحتاجو غير أبوها"، هذا الوالد الذي لا تعرف عنه جومانه شيئا ولا تحتفظ ذاكرتها بأية ملامح له قد تكون علقت بذاكرتها الغضة حين زارته لمرة وحيدة وهي بنت 3 سنوات، ولم يبق لجومانه إلا الاهتمام بدراستها بل والانشغال بها عن ما تعانيه، وظلت كما تقول جدتها تحصد المرتبة الأولى بين أترابها في المدرسة.
أحمد حرب