تحديات عام 2012
ما ينتظرنا كفلسطينيين في هذا العام 2012، بدءاً وقبل أي شيء آخر، هو الحفاظ على كياننا الوطني والسياسي، في ظل متغيرات وأحداث محتملة كبيرة، وشديدة التأثير والخطورة على وجودنا وكياننا ومستقبلنا في آن!.
ما واجهناه منذ الانطلاقة 1965، لم يكن سهلاً ولا يسيراً، بل اشتمل على منعطفات سياسية، طوّرت الفكر السياسي، وغيّرت من البنى الكيانية السياسية، ومن المواقع الجغرافية لوجودنا السياسي.
ما دفعناه في هذا المسار الطويل، منذ 1965 وحتى العام 2011 كان كبيراً وثميناً للغاية، هناك عشرات الآلاف ممن دفعوا حياتهم ثمناً لمساراتنا السياسية، الرامية إلى إقامة الدولة المستقلة ذات السيادة. بذلت جهود هائلة في المسارات السابقة، لكن ما نواجهه هذه الأيام هو أمر مصيري ووجودي في آن، ستتوقف عليه آفاق مستقبلنا برمته.
صحيح أن هناك صراعاً سياسياً اتخذ بعداً دموياً في بعض مراحله، وبعداً انشقاقياً بين الضفة والقطاع، وخلال سنواته تراكمت ملفات كثيرة، تحتاج إلى معالجات جذرية صادقة، ودون ذلك ستبقى الأمور كما هي، بل أشد خطورة في ظل إطار عام لعملية مصالحة، دون وجود حقيقي لتلك المصالحة.
الانشقاق بحد ذاته، يشكل تحدياً جدياً لوجودنا الوطني، خاصة فيما تشهده المنطقة من متغيرات.
إضافة إلى ذلك، هو تحدٍّ آخر، هو تطوير الفكر السياسي الفلسطيني، وتطوير أداء عمل السلطة و 'م.ت.ف'، بما يتناسب ويتلاءم مع تطورات هذه الأوضاع الذاتية والمحيطة بنا على حد سواء.
هناك ضرورة حقيقية لتطوير أداء عمل 'م.ت.ف'، في ظل المتغيرات السياسية المحيطة بالقضية الفلسطينية، خاصة بعد انسداد أفق المفاوضات في ظل حكومة نتنياهو الراهنة، وفي ظل الانحياز الأميركي التام والكامل للجانب الإسرائيلي وخياراته، حتى الاستيطان فوق الأراضي الفلسطينية.
لا ندري حقيقة ما هي صورة الوضع العربي القادم، في ظل 'الربيع العربي' وما سيتمخض عنه من تطورات إقليمية. هناك توجه ديمقراطي واضح، خاصة، فيما يتعلق بجمهورية مصر العربية، لكن هذا التوجه، لم ينجز بعد حياة ديمقراطية حقيقية.. هناك احتمالات مفتوحة وعلى الاتجاهات كافة.
إسرائيلياً، صحيح أن حكومة نتنياهو تعنتت، ما أدى إلى وقف المفاوضات، وصحيح أن إسرائيل تشهد نمواً يمينياً واضحاً، لكنها في الوقت نفسه تشهد تفاعلات داخلية خطرة، تمس وجودها ومستقبلها، مما بات يطرح أسئلة ذات طابع وجودي في أوساطها، هذه الأسئلة تأتي في ظل مناخات، ما تشهده المنطقة العربية من تطورات عاصفة، وفي مناخات وأجواء الأزمة التفاوضية، وتمنع إسرائيل وقف الاستيطان، والاستجابة للإرادة الدولية.
بات الإسرائيليون، يستشعرون المخاطر الوجودية لكيانهم وأمنهم، سواء أكان عمق هذا الاستشعار ما يتعلق بالمستقبل العربي عموماً، أم بتطورات الأوضاع الإقليمية المحيطة، خاصة فيما يتعلق بالتحدي النووي الإيراني.
الأمور مرهونة، يصعب التكهن بمواقيتها ومضامينها، وما سيتمخض عنها.