معبر رفح.. وماذا عن المعابر الأخرى؟!
خاص بزمن برس
لا شك أن قرار السلطات المصرية بفتح معبر رفح بشكل كامل يوميا وطوال أيام العمل في الأسبوع في الاتجاهين، قد لقي ترحيبا واسعا في مختلف الأوساط الشعبية والرسمية في قطاع غزة، لما يمنحه هذا القرار من حرية لحركة المغادرين والقادمين الذين عانوا كثيرا طوال فترات الإغلاق المتعاقبة، وترك أثرا ملموسا على حياة كل مواطن فلسطيني في قطاع غزة كون معبر رفح، ما زال يشكل الرئة الوحيدة التي يتنفس منها سكان القطاع.
إلا أن هذا الترحيب يعتريه الكثير من القلق، فقد عانى سكان القطاع من جراء قرارات لا تأخذ وجهتها نحو التنفيذ، ويعتقد على نطاق واسع لدى مواطني القطاع أن قرارات الإغلاق والفتح للمعبر تتم وفقا لمزاجية بعض المسئولين أحيانا، وإجراءً عقابيا أحيانا أخرى، فيما يعتقد البعض أن للأمر علاقة مباشرة بالأمن القومي المصري. وهناك خشية من أن يشكل أي حادث، أن يتحمل سكان القطاع مسؤوليته ويتم غلق المعبر " لأسباب أمنية" ويدفع المواطن الذي يذهب ضحية مثل هذه الحوادث ثمنا من حرية حركته عبر المعبر.
ويزيد من هذا القلق، أن إمكانية العودة إلى إغلاق معبر رفح لأسباب أمنية ما تزال قائمة طالما استمرت "عملية النسر" التي تقوم بها القوات المسلحة والأمن المصري في سيناء، ومطاردة عناصر الإرهاب والإجرام، واحتمالات الاحتكاك في أكثر من زمان أو حادث بشكل، وبآخر بمسألة المعبر، مما يفرض على جمهورية مصر العربية ذات الحق الأساسي والأصيل في إغلاق وفتح المعبر وفقا لمصالحها ورؤيتها، في أن تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الإنسانية لمواطنين قطاع غزة، الذين يعتبرون أن أمن مصر هو من أمن فلسطين.
إلا أنه من الملاحظ، وفي ظل الاهتمام المتزايد بمسألة فتح وإغلاق معبر رفح، أن هناك تجاهلا واضحا لبحث مسألة فتح المعابر الخمسة التي تربط قطاع غزة، بالاحتلال الإسرائيلي، وتخلي عن مسؤولية هذا الاحتلال عن قطاع غزة باعتباره ما زال تحت الاحتلال، وفقاً للقانون الدولي الذي يحمل دولة الاحتلال مسؤولية تأمين الحاجات الأساسية للمواطنين. إن هذا التجاهل الذي يعمل على دفاع قطاع غزة جنوبا نحو جمهورية مصر العربية، بدلا من الاندفاع والتوجه شمالا نحو وحدته الجغرافية والسياسية مع باقي الأراضي المحتلة خاصة الضفة الغربية المحتلة، ولعل في ذلك كشفا للأسباب الحقيقية وراء إخلاء إسرائيل لمستوطناتها من قطاع غزة عام 2005، وكأنها بذلك ليس فقط تنسحب من القطاع وتخلي مسؤوليتها عنه وعن توفير احتياجات مواطنيه، بل بدفعه نحو جمهورية مصر العربية، كما كان الأمر عليه قبل احتلالها للقطاع عام 1967م، حيث كان القطاع تحت الإدارة المصرية.
وما يزيد من خطورة هذا التوجه، أن يطرح اشتباكا جزئيا مع جمهورية مصر العربية في حال إغلاق معبر رفح، بينما يجب أن يظل الاشتباك مفتوحا وبكل الاتجاهات مع الاحتلال وأحراره على استمرار الحصار على قطاع غزة، خاصة أن هذا التوجه يدعو إلى إقامة منطقة تجارة حرة على الحدود بين قطاع غزة وجمهورية مصر، وهناك مخاوف من أن هذه الدعوة قد تتسبب في اندماج اقتصادي مع مصر يقابله انفصال القطاع عن الضفة الغربية سياسيا واقتصاديا وتقويضا لفرص دمج شقي الوطن المتاح من الضفة وغزة، على أن إقامة منطقة تجارة حرة، من حيث المبدأ، يجب ألا يشكل قلقا، إذا ما كان متوازيا مع توجهات حقيقية نحو المعالجة الداخلية الفلسطينية، وإتاحة المجال أمام تعميق أواصر الوحدة سياسيا واقتصاديا بين القطاع والضفة، والتوجه نحو فتح معركة سياسية على كافة الأصعدة من أجل الضغط على الاحتلال، كي تعيد إسرائيل فتح كل المعابر مع قطاع غزة.