إسرائيل تطارد الغزيين والمتضامنين

قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلية بشكل دائم ومنهجي على اشاعة وتعميم مظاهر التشرذم والانقسام بين ابناء الشعب الفلسطيني عموما وابناء الضفة والقطاع خصوصا. مستهدفة زرع بذور الفتنة في صفوف الشعب، والتمهيد للقوى المواطئة معها من حيث تدري او لا تدري في الداخل كما جماعة الانقلاب الاسود في غزة، وانصار الفتاوي "الفيدرالية" ودعاة تحميل الازمة المالية والاقتصادية للقطاع،مع الفارق بين جماعة الانقلاب والمجموعات الاخرى، للعب دور حصان طروادة لتعميق وتأبيد الانقسام .

آخر الانتهاكات الاسرائيلية على هذا الصعيد كان قرار قائد المنطقة الوسطى في الجيش الاسرائيلي، نينسان الون، الذي تضمن مطاردة واعتقال ابناء قطاع غزة في مدن الضفة من خلال حملات التفتيش داخل بيوت المواطنين في المنطة (A) ، وفي السياق ملاحقة المتضامنين الاجانب تحت حجج وذرائع واهية وزائفة. الخطوة الاسرائيلية القديمة- الجديدة تستهدف فيما تستهدف تذكير القيادة والشعب الفلسطيني وكل ذي صلة بالتسوية السياسية، ان دولة الابرتهايد الصهيونية، لا تعترف باتفاقات اوسلو.

وان التزمت لفترة شكليا، فإنها ومنذ زمن لم تعد معنية باية التزامات. لاسيما وان اتفاقية اوسلو اقرت في مادتيها الرابعة والخامسةن بان الاراضي الفلسطينية في الضفة بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة وحدة جغرافية وادارية واحدة، وان الولاية عليها للفلسطينيين. وهي (المادتان 4و5) تعني ان حق الاقامة والتنقل لابناء الشعب العربي الفلسطيني مكفول في حدود الاراضي المحتلة عام 1967، دون تصريح من اي جهة اسرائيلية او غيرها.

لكن قوات جيش الحرب الاسرائيلية تنفذ اوامر قيادتها السياسية في تصفية ودفن اتفاقيات اوسلو. خاصة وان الخطوة ليست معزولة عن عمليات التهويد ومصادرة الاراضي واعلان العطاءات المتواصلة لبناء الاف الوحدات الاستيطانية في وعلى اراضي ابناء الشعب في الضفة مع محاصرة قطاع غزة المستمرة للعام السادس على التوالي، وكذا مع تغيير معالم المدينة المقدسة واحياءها العربية وعمارتها واثارها التاريخية ، وهدم البيوت وارسال اوامر الهدم دون توقف لبيوت العرب، وتنفيذ عمليات الاعتقال للنواب المنتخبين من الشعب وللمواطنين على حد سواء.

هذه وغيرها من الانتهاكات الخطيرة من جانب حكومات اسرائيل المتعاقبة وخاصة حكومة اقصى اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو، تريد ابلاغ قيادة السياسية لمنظمة التحرير وعموم الشعب الفلسطيني، انها لا تعترف باي شرعية سوى شرعية الاحتلال والعدوان وتصفية حقوق الشعب الفلسطيني كليا، ولا ليست قادرة ولا مؤهلة للعب دور الشريك السياسي في صناعة عملية السلام. وفي ذات الوقت، تؤكد من خلال اعتقالها للمتضامنات الخمس الاجانب، والعمل على طردهن، وطرد كل متضامن تعتقله، انها انحدرت الى ابشع اشكال الاستبداد القائمة في العالم الثالث، وبالتالي ليس لها علاقة بالديمقراطية وحرية الراي والتعبير واحترام القانون، وان بقيت ملامح هنا او هناك، فإن توصيات تقرير ادموند ليفي الخاصة بتشريع الاستيطان، قد قضت عليها.

لذا على دول العالم اجمع وخاصة اقطاب الرباعية الدولية العمل بقوة وبسرعة لوقف السياسات والانتهاكات الاسرائيلية التدميرية واعادة الاعتبار للتسوية السياسية من خلال الزام اسرائيل باستحقاقاتها. كما على القيادة الفلسطينية الشرعية والقوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني والقطاعات النسوية والشبابية والعمالية التصدي لاجراءات الاحتلال الاسرائيلي من خلال الاعلان الصريح والمباشر والفوري رفض قرار نينسان الوان الخاص بابناء قطاع غزة والمتضامنين الاجانب، وكذلك التحرك على المستويات المحلية والعربية والاسرائيلية والاقليمية والدولية لايقاف المهزلة الاسرائيلية، وعدم السماح لسلطات الاحتلال باعتقال اي مواطن غزي او متضامن اجنبي، وفي الوقت نفسه، دعوة الاصوات النشاز المتناقضة مع مصالح الشعب العليا بالتوقف عن الهذر السياسي البائس والفاقد للمنطق، والابتعاد عن سياسة التساوق مع قادة الانقلاب في غزة.

لان الازمة الاقتصادية والمالية اعمق من النفقات، التي تتحملها السلطة لخدمة ابناء قطاع غزة فضلا عن رواتبهم المستحقة لهم ، لاسيما وان غزة ليست "حماس" ولا يمكن ان تكون مع الانقلاب الحمساوي، وهي الان اكثر من اي وقت مضى ضد الانقلاب وانصاره ، ولكن الخلل ليس في المواطنين بل في القوى السياسية وخاصة حركة فتح، التي لم تتمكن من ترتيب امورها حتى الان بما يسمح لها تحمل مسؤولياتها التنظيمية والوطنية.