لجنة ليفي: الفلسطينيون يحتلون "يهودا والسامرة"!!

كانت النتائج أكثر مما توقعه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، عندما شكل لجنة "شرعنة الاستيطان" فكل ما كان يأمل به عند تشكيلها، أن تجد هذه اللجنة الوسائل القانونية للتهرب من التعقيدات القانونية المحلية التي تعرقل بين وقت وآخر الخطة الاستيطانية لحكومته، وعندما شكل هذه اللجنة، مختاراً أعضاءها من عتاولة اليمين من القضاة المتقاعدين، لم يكن يعلم أن نتائج أعمال هذه اللجنة، ولفرط المفاجأة، ستمنعه من نشرها على الملأ، كونها ستضع حكومته في موقف بالغ الحرج أمام العالم كله، ذلك أن نتائج أعمالها، لم تتجاوز فقط ما تم التعارف عليه بشأن الاستيطان إسرائيلياً، وفقاً لتقرير ساسون الصادر عام 2005 الذي يشير إلى موقف القانون الدولي من العملية الاستيطانية، وكأنما "لجنة ليفي" التي شكلها نتنياهو، جاءت لإلغاء ما جاء في تقرير ساسون بهذا الشأن، ورداً على المواقف القانونية التي سبق وأن اتخذتها المحكمة الدستورية العليا قبل اسابيع قليلة حول عدم شرعية بعض المستوطنات.

لجنة ليفي هذه، قررت في نتائج أعمالها أن الفلسطينيين هم الذين يحتلون الضفة الغربية، وأن إسرائيل ليست دولة احتلال وفقاً للقانون الدولي واتفاقيات جنيف، خاصة ميثاق جنيف الرابع، ومرجع هذا الموقف ـ القرار هو شهادة ووثائق جمعية اليمين المسماة "رعفيم" ومجلس متيه بنيامين، عرضها على اللجنة المحامي دانييل رايزنر، الرئيس السابق لدائرة القانون الدولي في النيابة العسكرية العامة، وللصدفة فقط (!) فإن هذا الأخير هو مستشار المحامي اسحق مولخو، مبعوث نتنياهو للمفاوضات مع الجانب الفلسطيني!!

أثناء ولايته الأولى، أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية في حكومة نتنياهو موقفاً إعلامياً سياسياً، مفاده وجوهره، أن المستوطنات تكتسب الشرعية، وكان هذا الموقف هو جوهر العملية الاستيطانية وتسويقها للرأي العام الخارجي وللحكومات في الولايات المتحدة وأوروبا، على الرغم من ادانة هذه الدول للعملية الاستيطانية في كل مناسبة، الا أن لجنة ليفي، تجاوزت الحدود حتى تلك التي كان يرغب في "إعلانها" نتنياهو حول الاستيطان، ذلك أن الخطة الاستيطانية ليست شرعية فحسب، بل هي ضرورية، ولا يجب اصدار تشريعات للمواطنين الإسرائيليين، حتى يتمكنوا من الاستملاك، لاي غرض أو هدف، أية اراض في الضفة الغربية، ولا يجب أن ينتظر المواطن الإسرائيلي المناقصات الرسمية التي تعلن عنها الحكومة، أو ينتظر جمعيات استيطانية لكي يتمكن من أن يمتلك أرضاً، لأي غرض أوهدف في الضفة الغربية، إذ بإمكان المستوطن، وبدون العودة إلى أية جهة حكومية، أن يمتلك الأرض والسكن، كما هو الحال في كل "الأرض الإسرائيلية" أي أن العملية تتم وفقاً للقانون التجاري من دون أي تدخل من أية جهة لأسباب سياسية أو غيرها.

واللجنة، أكثر من ذلك، تدعو الحكومة الإسرائيلية إلى الامتناع عن هدم أي بيت للمستوطنين مهما كانت الاسباب، بل على الحكومة ان تصدر تعليماتها للإدارة المدنية في الضفة الغربية للسماح للمستوطنين ببناء بيوتهم في المستوطنات القائمة وفي المناطق التي وضع الجيش فيها يديه على اراض فلسطينية وحوّلها إلى مناطق عسكرية، بشكل فردي وشخصي أي ليس بالضرورة عبر مشاريع وقرارات حكومية، علماً أن الاراضي التي استولى عليها الجيش لإقامة ثكناته "لأغراض عسكرية أمنية فقط" وهو السبب الذي جعل وزير الدفاع الإسرائيلي باراك، وحتى الآن، يعارض إقامة مستوطنات على اراض كانت وزارته قد صادرتها لأسباب أمنية عسكرية، حتى لو أن هذه الأراضي قد تخلى عنها الجيش الإسرائيلي.

اكتشف نتنياهو، من نتائج تقرير لجنة ليفي، ان هناك من هم أكثر جدارة باسم أب أو آباء الاستيطان، كما اكتشف ان الافصاح عما ورد في هذه النتائج سيفجر قنبلة مدوية لا مثيل لها، لهذا وضع نتنياهو نتائج أعمال اللجنة وتوصياتها في الأدراج قرابة 18 يوماً بعد تسلمه لها، وحتى عندما أشارت صحيفة "مكور ريشون" عن بعض نتائج أعمال اللجنة تهرب ديوان نتنياهو من التعقيب عليها، ولم يتم اطلاع وسائل الاعلام عليها إلاّ بعد توزيع التقرير على وزراء الحكومة، عندها تسرب التقرير إلى وسائل الإعلام، دونما رغبة من نتنياهو، بطرح نتنائج هذا التقرير على الرأي العام، في الداخل والخارج. خطط نتنياهو الاستيطانية، مستمرة بالتنفيذ من دون إزعاج حقيقي، وهو يمتثل عملياً لكل ما جاء من توصيات للجنة ليفي، من دون الحاجة لمثل هذه التوصيات، وكان الهدف من إنشاء هذه اللجنة، التي شكلها نتنياهو تحت ضغط شديد من متطرفي حزب الليكود، مواجهة نتائجها بمواقف المحكمة الدستورية العليا، غير أن ما جرى الآن، أن نتائج هذه اللجنة ستجعله في مواجهة مع الدول الغربية، الولايات المتحدة وأوروبا تحديداً، ولهذا السبب كان يفضل أن يبقى التقرير سرياً.

وكانت إسرائيل قد اعتمدت منذ وقت طويل إطلاق "يهودا والسامرة" على الضفة الغربية المحتلة، وضمنياً، فإن هذا الاسم التوراتي، يجعل من الضفة الغربية المحتلة، أرضاً إسرائيلية، بالتعارض مع ما جاء في اتفاق أوسلو من أن الضفة الغربية وقطاع غزة هي أرض فلسطينية ووحدة جغرافية واحدة، ومن هنا فإن خطورة نتائج هذا التقرير، تتجاوز شرعية الاستيطان إلى تفسير إسرائيلي "جديد" حول الأراضي الفلسطينية التي ستقوم عليها دولة الفلسطينيين وفقاً لأي اتفاق ينجم عن العملية التفاوضية!!