المجلس الثوري وقضايا راهنة
لست متفائلا كثيرا بما قد ينتج عن دورة المجلس الثوري، التي بدأت امس في رام الله. مع ذلك سيلقي المرء في بئر الدورة الجديدة حجرا لعل الشباب يتمكنوا من الارتقاء الى مستوى المسؤولية، ويحركوا المياة الراكدة في اكثر من ملف،منها: اولا العملية السياسية بحاجة ماسة الى قراءة جديدة، واليات عمل جديدة. لا يكفي الاستماع لما سيقوله رئيس حركة فتح عن تطور العملية السياسية، ونتائج اللقاءات التي اجراها. ولا ما قام به الدكتور صائب عريقات من اتصالات مع الادارة الاميركية واسحاق مولخو وموفاز، اللحظة بحاجة الى شجاعة في قراءة المشهد السياسي، بغض النظر توافقت القراءة مع رؤية القيادة ام اختلفت معها. لان القيادة وخاصة الرئيس محمود عباس بحاجة ماسة الى ان يسمع رؤى اخرى، رؤى جديدة غير المعروفة، وغير التصفيق لما يقوله، يريد مساعدته في استشراف المستقبل بنظرة بعيدة عن سياسة "تمسيح الجوخ" و"التصفيق" لما يقوله، لان مثل هكذا دور لا يساعد الرئيس ابو مازن. ثانيا المصالحة تحتاج ايضا الى مكاشفة شجاعة وتحديد المسؤول عن تعطلها حتى الان. وعن دور "فتح" الباهت، والضعيف في تكريس الذات في دفع عملية المصالحة للامام. ما تقوم به "فتح" مازال دون المستوى المطلوب. هناك غرق في التفاصيل وابتعاد عن الاساسي. نعم "حماس" من عطل المصالحة حتى الان، لكن السبب ليس لان حماس لا تريد المصالحة، انما لان "فتح" لم تعكس ثقلها في الشارع الغزي والوطني. ومازالت تراوح في مكانها، لان قيادات وكوادر الحركة غائبون عن الفعل الجدي، وفي حالة من التلهي بالحسابات الخاصة والشخصية. ثالثا ازمة قيادة "فتح" في قطاع غزة والمتمثلة الان في استقالة يزيد حويحي، وضرورة ايجاد مخرج جدي ومسؤول، ويرقى لمستوى المسؤولية التنظيمية، والمسؤولية الوطنية، لاسيما وان فتح مازالت تلعب دور الفصيل المركزي في الساحة الوطنية. ولا يكفي ان يعلن الدكتور نبيل شعث، انه لم يقبل استقالة حويحي وكأن الازمة انتهت عند هذا الحد؟! الازمة موجودة وعميقة، ومعروفة للجميع بدءا من الرئيس ابو مازن مرورا بامانة سر اللجنة المركزية وباقي مكونات الاطر القيادية الفتحاوية. الامر الذي يستدعي دراسة معمقة لواقع ازمة "فتح" في غزة وباقي الاقاليم، خاصة وان الذي استمع قبل ايام لما اعلنه عدد من مسؤولي الاقاليم في الضفة في الاجتماع الذي عقد في محافظة نابلس (الاسبوع الماضي) يستطيع ان يضع الاصبع على الجرح. لكن بعض اعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري وقادة الاجهزة الامنية يحرصوا على رسم صورة غير الموجودة في الواقع، ليرسموا صورة عن ادائهم ويبرئوا انفسهم من الاخطاء والموبقات الحاصلة في المحافظات المختلفة. ان كان المجلس الثوري يريد ان يكون على مستوى المسؤلية، عليه ان يرتقي لمستوى المسؤولية ويكاشف كل مسؤول في اللجنة المركزية وجهاز امني ومحافظة بما موجود في الواقع، دون اغماض العين عن الاخطاء والسلبيات والانتهاكات التي تمت وتتم. ليس هذا فحسب، بل يتطلب وضع حلول جدية وحاسمة وتغيير مواقع دون استمرار عملية التجريب العبثية، الحاصلة في قطاع غزة. تعمقوا في دراسة اسباب وعوامل الازمة، ولماذا مازالت تستفحل داخل صفوف الحركة، وضعوا الحلول الجذرية وكفى طبطبة على الذات وعلى المحاسيب والزلم. رابعا قضية مخيم نهر البارد في لبنان. لا يكفي ان نستمر بالتأكيد اننا مع لبنان المستقل والسيد. نريد اولا اعادة الاعتبار للانسان الفلسطيني في المخيم، وان نصارح بشكل جرىء القيادة اللبنانية بالكف عن سياسة الحواجز الامنية الموجودة امام المخيمات، ووقف تسيير الدوريات الامنية للجيش اللبناني في المخيمات، وخاصة مخيم نهر البارد، الذي استهدف من قوى الجيش اللبناني وبعض الزعران المحسوبين على بعض الاطراف اللبنانية والاقليمية. كما ان السلاح الفلسطيني داخل المخيم من المفترض ان يبقى لحماية امن المخيم والمواطن على حد سواء، وايضا مطلوب التخلص من الحلول الترقيعية التي جرت حتى الان في المخيمات وفي قيادة فتح. وآن الاوان للمسؤولين الفلسطينيين في مختلف الواقع ان يكبروا ويرتقوا بدورهم ومكانتهم السياسية والتنظيمية، وبالتالي ان يعلموا انهم ممثلون لقوة سياسية تمثل شعب ، وهذا يعني الكف عن التمسح بقائد جهاز الامن العسكري في الجيش اللبناني عباس ابراهيم، ورجالات المكتب الثاني. كفى هبوطا بالذات وبالشعب والمصالح الوطنية في لبنان. ولسنا مطالبين صباح مساء ان نعلن للرئيس ميشال سليمان ولرئيس وزرائه نجيب ميقاتي او غيره ان وجودنا مؤقتا، ونرفض التوطين، فهذه باتت من ثوابت السياسية الفلسطينية منذ النكبة في العام 1948. آن الاوان فتح ابواب العمل امام الفلسطيني في مجالات الحياة المختلفة، وانتهاء سياسة التضييق الامني من قبل الاجهزة اللبنانية، وبالمقابل اصلاح الحال الوطني في المخيم ووضع ضوابط للخلافات القائمة بين التيارات والتكتلات داخل الفصيل الواحد، وداخل الفصائل الوطنية . وهناك اسئلة كثيرة تتعلق بالسلطة الوطنية ومستقبلها والحكومة القادمة والقائمة، ومنظمة التحرير والشراكة السياسية، وأثر التغييرات والتطورات العربية على الحالة والوضع الفلسطيني، و..................... الخ a.a.alrhman@gmail.com