ما بعد مهمة أنان!!!
من الواضح، من خلال تسلسل الأحداث في سوريا، أن النظام القائم لم يعد يأبه بما يدور حوله من تفاعلات إقليمية ودولية جدية، خاصة فيما يتعلق بتفاعلات الموقف العربي مع الموقف الدولي، إزاء إقامة تحالف دولي ضد النظام السوري، في حال تعذر موقف دولي في الأمم المتحدة، يسمح باستخدام المادة السابعة.
ما جرى من مذابح مؤخراً، وما يجري من استخدام سلاح الطيران الحربي ضد مدنيين عزل، بات يؤكد أن النظام حسم أمره باستخدام العنف، بل والعنف الأقصى ضد شعبه وسكانه، في محاولة بائسة لإعادة الأوضاع الى ما كانت عليه قبل بدء الأحداث. لا يوجد عاقل نزيه، حر الإرادة، متمسك بوطنيته وقوميته، يدعو الى تدخل عسكري دولي في سوريا، ذلك أن تجارب مرة وقاسية سبق وأن حدثت في العراق وليبيا، وذلك على أن تدخلاً كهذا، من شأنه أن يفكك البلاد، ويسلب خير العباد. لكنه في الموقف نفسه، لا يوجد مراقب نزيه وحر الضمير، يمكنه أن يقول إن النظام في سوريا، يحاول جدياً تجنيب البلاد ويلات هذا التدخل. هنالك تدخل ونفوذ أجنبي في سوريا، عبر جسور النظام وبمساعدته، ولعل أخطرها إطلاقاً التدخل والنفوذ الإيراني.
كان الاسد-الاب، يتحالف مع إيران، ويبني الجسور معها، لكنه كان شديد الحرص، على استخدام هذه الجسور للمصلحة السورية أولاً وقبل اي شيء آخر. الاسد-الابن، قليل الخبرة في السياسة، حول هذه الجسور، الى جسور نفوذ ايراني، ليس في سوريا فحسب، بل في الشرق الأوسط عموماً. لم يعد بوسع الأسد-الابن، أن يعيد عقارب الساعة الى الوراء، وباتت سوريا رهينة للنفوذ الايراني. لعل ذلك لا يحتاج الى حجج وبراهين، ويكفي التحالف الراهن: السوري-العراقي-اللبناني-حزب الله، للتدليل عليه وعلى مخاطره.
وصلت الأمور، الآن، وبعد اندلاع الثورة السورية، الى منطقة الوسط، بعدما غابت عنها السلطة المركزية، وبعدما انحسر نفوذ السلطة عن العاصمة-دمشق جزئياً.. وبعد ما وصلت الجهود العربية والدولية الى طريق مسدود. التساؤل الراهن هو: وماذا بعد مهمة أنان؟!!! لم تعد هنالك احتمالات كثيرة، وها هو خيار التحالف الدولي ضد النظام السوري يتصدر الجهود والخيارات المبذولة. قد لا يكون التحالف الدولي، على شكل تدخل عسكري واسع، كما حدث في ليبيا، وقد يأخذ شكل العقوبات المؤثرة ضد النظام، وقد يشمل بعض الإجراءات العسكرية المحدودة، لكنها مؤثرة ومباشرة. هل تتحمل المعارضة السورية مسؤولية هذا التدخل؟!!! أم أن سياسات النظام وتكوينه هو الذي استدعى ذلك؟!!