" تبهدلنا يا وطن".. كشك يديره خريجو جامعات على الرصيف في غزة !

سعيد قديح
(خاص) زمن برس، فلسطين: على غير عادته انطلق أكرم ( 25 عامًا ) يجر بيديه عربةً لبيع الشآي على رصيفٍ قريبٍ للجامعات الرئيسية في مدينة غزة، بعد أن فقد العمل في إيجاد عملٍ منذ تخرجه بمعدلٍ ممتازْ من قسم اللغة العربية قبل سنتين، رغم زيارته لكثير من المؤسسات وتقديمه أوراقه وشهادته لها. وهو الأولى بالحصول على عملٍ نظرًا لتفوقه في تخصصه.
مبادرة « أكرم مهدي » دعت كثير من الخريجين الذين صادفوه لمشاركته الفكرة، بالإضافة لتجمعاتٍ داعمةٍ لحقوق الشباب في الحصول على عملٍ بعد تخرجهم. أوقدوا النار، وجهزّوا ابريق الشآي، أطلقوا " تبهدلنا يا وطن .. شآي الخريجين " عنوانًا لكشكهم هذا، في اشارةٍ لواقعٍ تعيس مُقلق يعيشه خريجو الجامعات في غزة. ، بادروا بتوزيع أكواب الشآي على المارة والطلاب الذين يداومون بالقرب.
مع هتافاتٍ تعلو في المكان تطالبُ بحل مشكلات الخريجين، يقول أكرم لمراسل زمن برس:" نحن هنا لنوصل رسالة لمن يعنيهم أمرنا بضرورة النظر لحالنا، أصبحنا متشردين بين المؤسسات للبحث عن وظيفة هنا وهناك، وظيفة تذهب لمن لا يستحق، لمن يملك واسطة". ويتابع:" أصبحت البسطات على الشارع مصير كل خريج لا يجد وظيفة، ولا أعلم أين سيصل بنا هذا الحال اذا ما استمرت المحسوبية والفساد".
ويضيف:" وصلت نسبة البطالة لدرجة ينبغي للكل أن يتحرك معها، ويوّعي السلطة الحاكمة بضرورة خلق مشاريع لتشغيلنا في ظل ظروف غزة الصعبة". ويختم بالقول:" في غزة لا أحد ينكر أن هناك نوابغ وخريجين على درجة عالية من العلم والخبرة والمهارة، واهمالهم ما هو إلا سبب من أسباب دفنهم خلف الستار أو هجرتهم إلى بلادٍ بعيدة ليفيدوا الغير".
يشارك مكرم ( 24 عامًا ) خريج قسم التجارة باللغة الإنجليزية أقرانه المباردة، استلم شهادته حديثًا بعدما دفع أقساطٍ بشق النفس للجامعة، معدله جيد، أصابه الاحباط بعدما فقد الأمل في تحصيل وظيفة، وعدته مؤسسات بتوظيفه، لكن سرعان ما تخلوا عن هذه الوعود وفق قوله، يضيف قائلًا لزمن برس: " في غزة وحدها فقط، لا تشارك الشاب بعد تخرجه من الجامعة إلا الهموم، ترى أمنياته كثيرة ولا تتحقق، وان تحققت فأنها تتمثل بنصف وظيفة ذات دخل متدني أو عقد لشهور معدودة".
ويتابع:" يتخرج الطالب من الثانوية، ويوهم نفسه أن بانتظاره مستقبل رائع في هذه البلد، يكمل دراستك الجامعية، يتفوق، يتأمل أن يتغير الحال، ولا يحدث شيء". يختم هو الآخر قائلًا:" حال البلد ميؤوس منه، ولا أتوقع انفراج قريب على صعيد الخريجين والقضاء على البطالة التي هي أصلًا تزداد يومًا تلو الآخر ".
يتابع طلاب الجامعة المارين الحدث، وتبدو وجوه كثير منهم في حيرةٍ من أمرها، يعتبرون ما يحدث مرآةً تعكس حال مستقبلٍ ينتظرهم، فمحمد عرام ( 20 عامًا ) وجد من الصحافة تخصصًا يناسبه في الجامعة الإسلامية القريبة من كشك الشاي، يقول لزمن برس:" متأكد أن مصيري ليس ببعيد عن مصير هؤلاء اذا ما بقينا على هذه الحال، انني آتي صباح كل يوم إلى الجامعة شاقًا الطريق الطويل بالسيارة من خان يونس إلى غزة لأجل أن أصبح انسانًا له قيمته في هذا المجتمع".
يدعونا الخريجون من الكشك لشرب كوب من الشآي، لا نمانع، يتصاعد الهتاف، وتبقى أحلامهم معروضةً على الشارع، قيد الانتظار في أن تتحقق يومًا ما.
الجدير بالذكر أن دراسة حديثة أظهرت « عجز سوق العمل في غزة عن استيعاب الخريجين » ، وفي المقابل يضاف سنويًا إلى أعدادهم آلاف الخريجين الجدد من الجامعات والكليات المختلفة وفي كافة التخصصات.