تدهور جديد في مستويات انعدام الأمن الغذائي في فلسطين

سماح عرار
(خاص) زمن برس، فلسطين: يعتبر الأمن الغذائي مطلباً وسياسة لكل الدول، ورغم المحاولات الحثيثة من قبل أصحاب الاختصاص للتخفيف من التدهور الحاصل في مستوى تحققه، إلى أن هناك قرابة 1.6 مليون مواطن يعانون من انعدام الأمن الغذائي في فلسطين ، بفعل عوامل عديدة وأبرزها مصادرة الاحتلال الإسرائيلي للأرض ومصادرة المياه والتي شكلت بمجملها عقبة أمام المحاولات الحثيثة من قبل وزارتي الاقتصاد والزراعة والسلطة من أجل التقليل من حدته.
والأمن الغذائي هو قدرة الفرد أو الأسرة أو المجتمع على تناول ما يكفيه من غذاء من حيث كمه ونوعه، وفقا للمقاييس الدولية الخاصة بعدد السعرات الحرارية ومحتوى البروتين والفيتامين.ويتكون من ثلاث مكونات هي، وفرة الغذاء، وامكانية الحصول عليه، والاستخدام الكافي له.
واستناداً إلى الدستور والقوانين والسياسة العامة للدولة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية تعتبر وزارة الزراعة هي التي تنفذ السياسة العامة للدولة في مجال الزراعة والموارد المائية، أما وزارة الاقتصاد يكون دورها في "إعداد مشروع الخطـة العامـة للتنميـة في الدولـة وبيـان مراحلـها وأجزائـها السنويـة وجميع ما يتصل بذلك من مشروعـات وتشريعات واقتراحات"، بحسب موقع وزارة الاقتصاد.
الإحصاء
إن مستويات انعدام الأمن الغذائي في فلسطين لا تزال مرتفعة جداً، بحسب ما ورد في تقرير إعلامي لعام 2014 مشترك من قبل الجهاز المركزي للإحصاء، ومنظمة الأغذية والزراعة، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي.
وبين التقرير أن ثلث الأسر الفلسطينية (33%) أو ما يعادل 1.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وفقا للمسح السنوي للأمن الغذائي لعام 2013.
وأضاف" أن نسبة انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة 57%، أي ما يقارب3 أضعاف المستوى في الضفة الغربية والذي يبلغ 19%.
ولم تتغير مستويات انعدام الأمن الغذائي للعام الماضي 2013 مقارنة مع مستويات عام 2012، ويعتبر ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي في عامي 2012 و2013 نقيض التحسن الذي حصل في الفترة 2009-2011 والذي انخفض خلالها مستوى انعدام الأمن الغذائي في فلسطين إلى 27%..
وزارة الاقتصاد
وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الاقتصاد عزمي عبد الرحمن لِـ زمن برس، إن الذين يعانون من الأمن الغذائي في فلسطين حوالي 1.6 مليون نسمة، وهذا رقم خطير ، بالتالي يوجب علينا البحث عن المصادر التي انتجت هذه الحقيقة الموجودة في فلسطين".
وشدد عبد الرحمن على أن سيطرة الاحتلال على الأرض هو السببب الأساسي لانعدام الأمن الغذائي، نافياً أن يكون السبب هو اخفاقات من قبل الجهات المختصة، مضيفاً أن استمرار سيطرة إسرائيل على مناطق c والتي تقدر أكثر من 62% وموارد المياه التي تقدر بأكثر من 85%، والتي تعد السبب الجوهري في انعدام الأمن الغذائي، بالإضافة إلى السياسات الأخرى التي لها علاقة بسيطرة إسرائيل على المعابر والحدود وتبعيتها الاقتصادية التامة لصالح الإنتاج الإسرائيلي والتي أعاقت انسياب البضاعة من وإلى فلسطين بصورة مباشرة، على حد تعبيره.
وعن الدور الذي تقوم به وزارة الاقتصاد في إطار تعزيز الأمن الغذائي قال الناطق الرسمي باسم الوزارة،"لدينا سياسة واضحة جداً، سياسة تنظيم السوق ودعم الانتاج الوطني، سياسة تنموية تعود لصالح زيادة انتاجية القطاعات الاقتصادية الوطنية وتصب لصالح التقليل من ظاهرة انعدام الأمن الغذائي، وتوفير الغذاء لكل المواطنين، والتخفيف من ظاهرة الفقر، وبالتالي من خلال سياسات التنمية الانتاجية والمجتمعية والتجارية وباقي المجالات للمنتج الوطني سواء في السوق المحلي أو في الأسواق الخارجية، والتي من شأنها أن تؤدي إلى عملية زيادة تنافسية المنتج الوطني وتطويره، والعمل على زيادة انتاجية القطاعات بصورة عامة على حد قوله.
وعزا عبد الرحمن سبب انخفاض نسبة الحيوانات (مولدات) في سنوات الـ2000 والتي انخفضت من 1.6 مليون حيوان إلى أقل من 700 حيوان، إلى ارتفاع أسعار الأعلاف أو عدم وجود الأراضي لزراعة الأعلاف، كما وجود المستوطنات الإسرائيلية التي سيطرت على أغلب الأراضي الفلسطينية، والتعقيدات الإسرائيلية أدت بمجملها إلى انعدام واضمحلال الثروة الحيوانية بالتالي أصبح كل شيء مستورد، حتى المستورد والمسموح لنا من الأغنام الحية لا يتم إلا ضمن قوته معينة وشروط إسرائيلية.
وقال:" الذي عقّد الأمر بروتوكول باريس الاقتصادية، والذي يتعامل معنا ضمن القوائم أ1، أ2 أعطانا الحق في تنظيم استيراد هذه المواد، ولكن بنفس الوقت قيمتها لهذه السلع مع الأسف الشديد لا تشكل 3% حتى أقل من 5% من حجم الاستهلاك الفلسطيني وبالتالي ليس لها وزن".
وشدد الناطق باسم وزارة الاقتصاد على" ضرورة تعديل بنود الاتفاقية الاقتصادية بالكامل، مع العلم بأن الحكومة الفلسطينية توجهت بطلب من خلال وزارة الشؤون المدنية وهيئة الشؤون المدنية لتعديل البنود الواردة فيها، لكن الجانب الإسرائيلي رفض".
وأضاف" يمكن تحقيق الأمن الغذائي من خلال استخدام الموارد المتاحة أفضل استخدام وكفاءة بالتركيز على تنمية وتطوير القطاعات الإنتاجية أو القطاع الزراعي، رغم محدودية الأرض والمياه، وأيضاً التوجه إلى الزراعات "المقاومة للاحتلال" ضمن الشروط الحالية، من خلال تفعيل الأراضي البعلية الغير مستغلة بالكامل من خلال زراعة الأشجار التي تأخذ مياه أقل كزراعة اللوزيات، والعمل على ايجاد برك وآبار الجمع، من خلال الدعم المتواصل من وزارة الزراعة والمانحين في هذا المجال.
وتابع، أما فيما يخص القطاع الصناعي يجب أن تتوجه السياسات الداعمة إلى الانتاج الصناعي الوطني مع التركيز على المواد الخام المحلية والأيدي العاملة الفلسطينية الموجودة، كما ويجب تنظيم القطاع التجاري بصورة دقيقة لضمان الجودة على المنتجات المستوردة لتعطي الفرصة للمنتج الوطني المحلي أن يدخل ضمن المنافسة العالية والشريفة داخل السوق الفلسطيني.
دائرة التنمية الريفية في وزارة الزراعة
وقال مدير عام الإرشاد والتنمية الريفية في وزارة الزراعة ابراهيم قطيشات لِـ زمن برس، "لا يوجد دائرة في وزارة الزراعة متخصصة بالأمن الغذائي وإنما قسم للتنمية الريفية والذي يحوي على عدة أقسام منها ما هو مختص بالمرأة ومنها ما هو مختص بتمكين البدو".
بما أن وزارة الزراعة لا يوجد بها دائرة مختصة تعنى بالأمن الغذائي اتجهت "زمن برس" إلى القسم الذي يُعنى بتحقيق الأمن الغذائي على مستوى الأفراد والبيوت التي يتم متابعتها بمشاريع من قبل وزارة الزراعة والجمعيات المعنية، وفي هذا الإطار قالت كفاح الساحوري رئيسة قسم التنمية الريفية في وزارة الزراعة، إن الأمن الغذائي بالنسبة لوزارة الزراعة وقسم التنمية الريفية هو مدى القدرة على تلبية احتياجات المستهلك وخاصة الأسرة الصغيرة وخاصة النساء من الأمن الغذائي الأساسي، والتي تكون عبارة عن منتوج خاص تنتجه الأسر من حديقتهم المنزلية، أو القدرة على تلبية احتياجات الناس من الغذاء الذي يتم استيراده من الخارج، مهما كان ارتفاع الأسعار أو نقصانه، لأنه في النهاية يجب تزويد هذا المستهلك وخاصة المرأة بالغذاء الأساسي.
وفي إطار تعزيز الأمن الغذائي بوجود الاحتلال وسياسته بالتضييق على أمن الفلسطينيين غذائياً بالسيطرة على مساحات شاسعة من الأرض وكذلك مصادر المياه، كان لقسم التنمية الريفية الدور بالاتجاه نحو تحقيق الأمن الغذائي وفي هذا الإطار تابعت الساحوري قائلةً:" من استراتيجية دائرة التنمية في وزارة الزراعة تحسين مستوى المعيشة عن طريق تحسين الوضع الصحي والغذائي للمواطن كماً ونوعاً، إن هدفنا ليس توفير الغذاء كماً فحسب وإنما نريد أن يكون ذو نوعية جيدة حتى نضمن الجانب الصحي لهذا المنتج على المستهلك".
وتابعت رئيسة قسم التنمية الريفية قائلةً:" بدأت دائرة التنمية في وزارة الزراعة في الوصول إلى العائلات من خلال مشاريع صغيرة من أجل تعزيز الأمن الغذائي منذ عام 1996م، والتي تهدف إلى رفع مستوى المعيشة، ورفع كفاءة النساء".
وتابعت الساحوري لِـ زمن برس،" لقد حققنا وما زلنا نحقق الأهداف التي نطمح لها وكانت أفضل من المتوقع، هناك العديد من المنازل التي تعتمد اعتماداً أساسياً على حديقتهم المنزلية، كما وأيضاً منازل الحيّ يعتمدون في مصادر غذائهم على تلك الحدائق المنزلية، هنا ليس فقط حقق صاحب المنزل أمنه الغذائي وإنما حقق مصدر ربح إضافي كما وأيضاً وفر غذاء صحي لسكان الحي باعتمادهم على منتوجه الخاص من الحديقة المنزلية.
ولفتت، إلى أهمية الدور الذي يقومون به في دائرة التنمية في وزارة الزراعة حول آلية عقد الورشات وتقديم المشاريع هذا بالإضافة إلى الجانب النظري والذي يعتبر الجانب المهم حتى نشجع النساء والمواطنين على زراعة حديقة منزلهم.
وثمنت الساحوري أهمية مشاركة الجمعيات والقطاع الخاص والحكومي المعني في تطوير التنمية الريفية وتحقيق الأمن الغذائي انطلاقاً من الأسر الصغيرة والتي لاسيما تكبر وتعالج مشكلة حقيقية في ظل وجود الاحتلال.