عمال "اسرائيل" يخضعون للقانون الأردني

القدس-زمن برس: تسلط منظمة العمل الدولية الأضواء في تقريرها السنوي حول أوضاع العمال في الأراضي العربية المحتلة، على تأثيرات توسع المستوطنات الإسرائيلية. وهو التقرير الذي تم تقديمه بمناسبة انعقاد الدورة 101 للمنظمة في جنيف.

إذا كان تقرير منظمة العمل الدولية من الثوابت الروتينية في عمل المنظمة منذ عام 1980، فيبدو أنه قد تجرأ هذا العام على تناول موضوع المستوطنات وتأثير ذلك على هشاشة أوضاع العمال في الأراضي العربية المحتلة من قبل إسرائيل.

ويرى المدير العام لمنظمة العمل الدولية خوان صومافيا في افتتاحية التقرير المكون من حوالي 50 صفحة، أن المعلومات التي تم الحصول عليها من قبل فريق التحقيق الذي لم يزر هذه المرة سوريا، " تعتبر أخبارا مقلقة للغاية . إذ أن وضع العمال لازال هشا في معظم الأراضي العربية المحتلة... وأن الآمال التي تم التعبير عنها في العام الماضي بوقوع انفراج لم تتحقق، وأن المسار السلامي اصبح أكثر جمودا مما كان عليه منذ بداية مسار أوسلو".

و يستعرض التقرير سنويا أوضاع العمال في الأراضي المحتلة من شتى الزوايا، وينتهي في أغلب الأحيان في سلة المهملات بعد استعراض مقتضب أمام الاجتماع السنوي للمنظمة، فإنه تميز هذه المرة بتناول موضوع المستوطنات وتأثير ظروف العمل فيها على أوضاع العمال. وما يجلب الانتباه في ذلك، إهتمام بعض من وسائل الإعلام السويسرية بذل، لكون شركات توزيع كبرى في سويسرا قررت، قبل أيام فقط، توضيح مصدر المواد الإسرائيلية التي يتم تسويقها في السوق السويسرية، وتوضيح مكان انتاجها إن كانت في الاراضي المحتلة او في المستوطنات الإسرائيلية.

إذ يقول تقرير منظمة العمل الدولية " إن حالة الفقر، والبطالة، وانعدام فرص التشغيل في الاقتصاد الفلسطيني لا تترك أي خيار آخر أمام العديد من الفلسطينيين غير البحث عن فرص العمل في المستوطنات، ولو أن هذه الأخيرة تعتبر غير شرعية من وجهة نظر القانون الدولي، ورغم أن السلطات الفلسطينية تمنع ذلك".

وهذا الوضع يجعل العمال الفلسطينيين يزجون بأنفسهم في وضع استغلال يتمثل حسب ما جاء في التقرير " في طرد من يحاول الدفاع عن حقوق العمل.. يُضاف الى ذلك أن السلطات الإسرائيلية ليست لها رقابة مشددة على ظروف العمل في تلك المستوطنات".

وما يزيد الطين بلة، أن العمال الفلسطينيين في المستوطنات الإسرائيلية لا يخضعون لقوانين العمل الإسرائيلية بل لقوانين العمل الأردنية التي تعود للعام 1967 والتي لازالت سارية المفعول هناك . وحتى ولو حصلت إسرائيل على حق تمديد تطبيق قوانينها على الضفة الغربية باستثناء القدس الشرقية، مما يسمح لها بتطبيق قانون العمل الإسرائيلي على العمال الإسرائيليين، فإن ارباب العمل يفضلون لإستمرار في استخدام القانون الأردني عند توظيف العمال الفلسطينيين. إذ كما يقول التقرير " إن ارباب العمل الإسرائيليين في المستوطنات يفضلون استخدام القوانين الأردنية لأنها أقل تشددا من القوانين الإسرائيلية".

وعلى الرغم من إصدار المحكمة العليا الإسرائيلية في عام 2007 ، لحكم يقضي بتطبيق القوانين الإسرائيلية على عقود العمل المخصصة للفلسطينيين من أجل وضع حد للتميز ضدهم، فإن إجراءات التطبيق تركت مجالا للأطراف المعنية باتخاذ قرار مغاير.

وهذا ما يقول التقرير" إنه لم يعمل على رفع الغموض المخيم على قوانين التشغيل بالنسبة للعمال العرب الذين يتم تشغيلهم في المستوطنات".

و بعد ان شدد التقرير على أهمية فرص العمل داخل إسرائيل بالنسبة للعديد من الفلسطينيين من الضفة الغربية، فإنه يوضح بجلاء اقصاء العمال من قطاع غزة من ذلك. وحتى بالنسبة للعمال من الضفة الغربية الذين تتاح لهم فرص العمل داخل إسرائيل، وعلى الرغم من كونهم يتمتعون مبدئيا بنفس المعاملة التي يتعرض لها العمال الإسرائيليون بموجب القوانين الإسرائيلية، فإن تقرير منظمة العمل الدولية يعترف " بوجود العديد من العمال الفلسطينيين الذين يتعرضون لانتهاك لحقوقهم". والحل هو اللجوء لمقاضاة رب العمل .

وهذا ما يرى خبراء منظمة العمل الدولية " أنه ليس بالأمر الهين بدون مساعدة محام ماهر ، وبدون مساهمة ودعم نقابة عمالية". إضافة الى العراقيل الإسرائيلية التي يعاني منها العمال في الجولان المحتل، وبالأخص عمال الزراعة من تحديد في كميات المياه، وتعقيد لعملية تصدير المنتجات، يرى تقرير هذا العام أنهم "لم يتمكنوا من تصدير منتوجهم من التفاح بسب الأوضاع في داخل سوريا".

وفيما يتعلق بالتمييز الذي يتعرض له عمال الفلاحة في الجولان في مجال المياه يرى التقرير ان العامل الزراعي في المستوطنة الإسرائيلية يحصل على 750 متر مكعب لكل دونم، بينما لا يحصل العامل السوري في الجولان المحتل إلا على 250 متر مكعب.

ويشير تقرير منظمة العمل الدولية الى أن عمال الزراعة السوريين تعرضوا لوقف تام لمياه الري لمدة شهرين في فصل الصيف الماضي ، كما أن نسبة المياه بالنسبة للدونم تم تخفيضها بدعوى أن طرق الري تغيرت وتطورت ولا تحتاج لكل الكميات السابقة. والنتيجة، دائما حسب التقرير " أن تصدير منتوج التفاح في العام 2012 لم يتم بسبب الأوضاع في سوريا. وثانيا أن نسبة انتاج التفاح التي كانت في العام 2011 ما بين 40 الف و 50 الف طن، لم تتجاوز في العام 2012 حوالي 15 الف طن.

وفي خلاصته، ينتهي تقرير منظمة العمل الى التشديد على " ضرورة خلق مناخ ثقة يعمل على العودة الى المفاوضات من أجل إنهاء الاحتلال" توصيات يسهل قولها، أكثر من العمل على تنفيذها في ظل الظروف الحالية. وهو ما عبر عنه المدير العام لمنظمة العمل الدولية خوان صومافيا بقوله " إذا ما لم يتم العمل على تحقيق حل سياسي، وإذا ما استمرت عملية الاحتلال الاقتصادي والعسكري بشكل مطبق، وتعززت في المستقبل، وإذا ما استمر اقتصاد المستوطنات في التغلغل في اندماجه داخل الاقتصاد الإسرائيلي ، فإن ذلك سيعمل على التهديد والقضاء على وجود وإمكانية قيام دولة فلسطينية ".

ــــــــــــــــــ

ا م.ي ف