الانتخابات الإسرائيلية المبكرة !
دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأمور باتجاه إجراء انتخابات مبكرة، والسؤال هنا: لماذا اختار نتنياهو الانتخابات المبكرة، علماً أن البناء الحكومي الذي يقوده لا يستدعي انتخابات كهذه. بمعنى أنه لا توجد أزمة حادة تستدعي الإسراع إلى إجراء انتخابات!
لعلّ أبرز ما يمكن أن يقال في هذا السياق، هو حاجة نتنياهو نفسه إلى تجديد نفسه، وتجديد زعامته، وتجديد طروحاته السياسية.
الأزمة الحقيقية في إسرائيل، هي جمود المفاوضات، وما يستدعي هذا الجمود، من نشاطات دبلوماسية خارجية، وإجراءات حكومية تشد أزر الشارع الإسرائيلي، وأبرزها: التسارع الاستيطاني، إسرائيل في حالة أزمة داخلية بنيوية وسياسية في آن.
هناك أسئلة دقيقة وصعبة مطروحة على البساط الإسرائيلي.
ولعلّ أبرزها ما يتعلق بمستقبل المفاوضات، ومستقبل الحلول المطروحة على بساط البحث، ومستقبل المنطقة عموماً، في ضوء ما يجري من متغيرات كبرى، في مصر وسورية وليبيا، وما سيترتب على تلك المتغيرات من مستجدات، تطال التكوين الشرق ـ أوسطي عموماً.
ما يريده نتنياهو، من وراء تلك الانتخابات المبكرة، هو فوز ساحق له ولحزبه، ويجد في ذلك تجديداً لدوره وسياساته عموماً.
يدرك نتنياهو، أن سياساته حققت له ولحزبه شعبية واسعة، وهو ما تدلل عليه استطلاعات الرأي في إسرائيل.
يرى نتنياهو، أن فوزاً ساحقاً له في الانتخابات المبكرة، سيؤهله لخوض معارك سياسية صعبة ومعقدة في آن. هناك أولاً أسئلة مطروحة على بساط البحث السياسي في إسرائيل، فيما يتعلق بمستقبل المناطق الفلسطينية، وهل أن حل الدولتين لا يزال قائماً، أم أن هناك خططاً غير مباشرة، لإعادة سلطة الاحتلال المدنية على المناطق؟!
إضافة إلى ذلك، هناك ما يتعلق بالملف الإيراني، وطرائق التعامل الإسرائيلي معه، في ظل احتمالات تمدد الدور الإيراني في الشرق الأوسط والخليج العربي، في ضوء ما يجري في "الربيع العربي" عموماً.
إلى جانب هذا وذاك، هناك ما يتعلق بدور إسرائيل في المنطقة. هل سيبقى دورها كما كان قبل المتغيرات في ضوء "الربيع العربي"... أم أن هناك تغيراً في الموقف الإسرائيلي، واحتمالات باتت قائمة؟!
لا نبالغ إن قلنا إن هناك أسئلة ذات طابع مصيري ووجودي، باتت مطروحة إسرائيلياً، وباتت تستوجب وجود زعامة سياسية تحظى بتأييد شعبي واسع، تماماً كما كان الأمر زمن قيام دولة إسرائيل في العام 1948، ووجود زعامة بن غوريون.
يدرك الإسرائيليون مدى أهمية وجود زعامة قوية في ظل هذه الظروف الصعبة.
كما يدرك نتنياهو، أهمية إعادة انتخابه على نحوٍ كاسح غير مسبوق.
في حال حدوث هذا الفوز الكاسح، وهو أمر متوقع كما تشير استطلاعات الرأي الجارية في إسرائيل، سيكون بمقدور نتنياهو، إعادة طرح سياساته ومقولاته على نحوٍ أقوى مما سبق، وعلى نحوٍ أدق وأشد، ولعل في ذلك ما يدلل على أن عصر اليمين في إسرائيل، بات هو السائد والمقبول على صعيد الشارع الإسرائيلي.