الاخوان المسلمون والسياسة!

ليس الهدف من هذا المقال إن ألأخوان ليس لهم دراية بالسياسة ، أو أنهم لا يملكون تراثا سياسيا يؤهلهم لإدارة شأن السياسة بما يحقق الصالح العام. وهنا لا بد من التذكير بأن ألإسلام يشتمل على أسس الحكم الرشيد والصالح ، والتجارب السياسية الإسلامية كثيرة التي يمكن الإسترشاد بها . ولكن الهدف من مقالة اليوم هو كيفية التعامل مع السياسة ،وبأى وسيلة وآلية ؟ فالسياسة بالمعنى العام تحمل معانى كثيرة قد تكون غير مقبولة شعبيا ، فالسياسة تعنى الكذب والخداع ، والنفاق ، وتحقيق المصالح الذاتية والتنظيمية الضيقة على حساب المصلحة العامة ، والسياسة أيضا تقترن في التصور العام بالأساليب الميكافيلية بمنى الغاية تبرر الوسيلة ، أى في سبيل الوصول للسلطة والحفاظ عليها قد يذهب الساسة إلى ممارسة كل الأساليب الخادعة كما نرى ألأن. ولذلك من التعابير الشائعة التي دائما ما يرددها المواطن العادى البعد عن السياسة راحة ، ومالك ومال السياسة ، وان السياسيين إذا وعدوا أخلفوا ، وإذا قالوا كذبوا .والسؤال أين ألأخوان من كل هذه المفاهيم ؟ أو بصيغة أكثر دقة هل يملك ألأخوان الشفافية السياسية ، والصدق فيما وعدوا به؟ وهل يمكن إن يقدموا نموذجا من الحكم يتسم بالطهارة وعدم الفساد ، والصدق فيما يعدون بها جمهور الناخبين الذين قد أوصلوهم للحكم ؟ فالحكم والسلطة تعنى أن تتوفر القدرة للتعامل مع الملايين من المواطنيين الذين لهم إحتياجات ومطالب كثيرة بإمتداد وطول فترة الحكم .ولعل التحدى الكبير الذي يواجهه الأخوان أنهم قد جاءوا للحكم في إطار ثورة كبيرة والية من التوقعات لدى المواطن العادى ، فالشكل الآخر من الثورة والذى لم يتنبه إليه الكثيرون أن الثورة في مصر وغيرها لم تكن ثورة فقط ضد سقوط النظام السابق وإستبدالها بنظام حكم آخر ، ولكنها ثورة من التوقعات ، وقد لا يريد البعض إن يسميها بثورة الفقراء والجياع الذين حرموا من أبسط مظاهر الحياة الدنيوية ، ولذا هذا الجانب من الثورة هو الذي يحرك الشارع العربى في مصر وغيرها ، الكل يريد ، ويطلب ، وغير مستعد إن يقدم .

في إطار هذه الثورة جاء ألأسلاميون للحكم ، وفى الوقت ذاته الدولة وقدراتها الإقتصادية منهارة ، وهنا تبرز أحد مشكلة العنف الذي يصاحب هذه الثورات مطالب وإحتياجات متزايده مع تدهور في قدرات الدولة الإقتصادية .هذه المشكلة المزدوجةهى التي تشكل التحدى الأكبر الذي يواجه الإسلاميون ، وسوف تلقى بتداعياتهاعلى قدرة الأخوان على تلبية والإستجابة للوعود التي قطعوها على أنفسهم في الإنتخابات . فالناس إنتخبتهم لأنهم سئموا وعانوا من فساد أنظمة الحكم السابقة ، ومن الفقر ومن الحرمان المعيشى الذي عاشوا في كنفه عقودا طويلاا ، ومن أكواخ الصفيح التي عاشوا فيها وهم ينظرون حولهم إلى المساكن الفارهة التي كانت تعيش فيها حفنة قليلة من السكان , ذلك الوضع السابق خلق ثورة من التوقعات المكبوتة ، فجاءت الثورة وفجرتها لتعبر عن نفسها في أشكال متنوعة . واليوم الإسلاميون فازوا تحت شعارات الحرية والعدالة والتنمية ، ومحاربة الفساد ، وشعارات الوعود بحياة أفضل ، وشعارات الديموقراطية التي قد أوصلتهم للحكم . هذا هو المقصود بعلاقة الإخوان والسياسة ، فالمطلوب منهم أولا إبراز الصدق والشفافية في التعامل ، ومحاربة الفساد والبعد عن كل مظاهره. وألإلتزام بكل قواعد الممارسة الديموقراطية من مدنية الدولة ، والسماع إلى الرأى الآخر، والتمسك بدولة ديموقراطية عصرية لكل مواطنيها ، والقدرة على تقديم نموذج للحكم الإسلامى يؤكد على هذه المبادئ . فالخوف ليس من طبيعة وجوهر الحكم الإسلامى الذي يشتمل على قيم سامية في التعامل الإنسانى الراقى ، ولكن من ممارسة من يقومون على ذلك ، ويقدمون أنفسهم على أنهم يحتكرون ذلك .

والسياسة ليست مجرد شعارات إنتخابية ، بل هى رؤية تنموية نهضوية تحتاجها مصر لتاخذ بها إلى مصاف الدول المتقدمة ، وتستعيد دورها المركزى وألإقليمى والحضارى ، وهذا لن يتم من خلال إحتكار المل السياسى . ومن المسائل الهامة التي قد تحكم السلوك السياسى للأخوان وغيرهم من القوى السياسة الإسلامية أن شأن الحكم والسياسة فيها إختلاف قليل أو كثير عن الدين كدين ، ولذلك التركيز في هذه المرحلة على التحديات ، ومعالجة الكثير من المشاكل التي تسببت فيها أنظمة حكم سابقه. فالفساد ، والفقر ، والبطالة ، والتاخر العلمى ، والتراجع الإقتصادى ، وضعف المؤسسات ، وبنية الدولة لا يتم بتطبيق الدين فقط ، بل يحتاج إلى سياسة ، وعندما نتحدث عن السياسة فالمقصود بذلك الرؤية والبرامج التي تحاج إلى رؤية شامله يشارك فيها الجميع، وهناك جانب آخر للسياسة وهو الجانب المتعلق بالتعامل مع الالم الخارجى ،وهنا التساؤل هل يتمالتعامل معه من منظور قيام دولة الخلافة الإ سلامية في هذا العصر وليس غيره ،أ م أن هناك دولة لها إرتباطات دولية وتحكمها إتفاقات دولية كثيرة مع كل دول العالم غير الإ سلامى، وخصوصا الولايات المتحده ، وإسرائيل التي تحكم علاقاتها بمصر معاهدة سلام تمنع الحرب من جديد. هذه بعض الجوانب التي تفرضها السياسة وليس الدين التي على الإخوان المسلمين أن يقدموا رؤية إبداعية خلاقة حتى ينجحوا أن يقدموا النموذج الإسلامى الخلاق.