تجهيل متعمد لاهمية المصالحة
اتيح لي ان اشاهد لقاء تلفزيونيا على قناة (فلسطين اليوم) الاثنين الماضي اداره الاعلامي موسى ابراهيم، وشارك فيه عن حماس يوسف رزقة وعن السلطة الوطنية عمر الغول ومن الشتات الشيخ محمد نمر زغموت. واثير موضوع القدس وكيفية مواجهة مشاريع ومخططات الاحتلال الاسرائيلي، وفي السياق تم التوقف امام المصالحة كرافعة لعملية المواجهة، وهذا ما اكده مستشار رئيس الوزراء سلام فياض، غير ان مقدم البرنامج ويمثل حركة الجهاد الاسلامي، والشيخ زغموت ومعهما مستشار اسماعيل هنية، اعتبروا ان المصالحة «شماعة» يتكئ عليها البعض, المقصود «الوطنيون»، للتهرب من المسؤوليات الاخرى؟!
من الواضح ان عدم ادراك اهمية المصالحة الوطنية وطي صفحة الانقلاب الاسود في المواجهة مع مجمل التحديات المطروحة امام الشعب العربي الفلسطيني، يكشف عن خلل بنيوي في الرؤية السياسية عند المجموعات الاسلامية بتلاوينها المختلفة. او هو بمثابة تجهيل متعمد لابناء الشعب الفلسطيني لاهمية المصالحة. لان من لا يدرك اهمية المصالحة، التي تعيد الاعتبار للوحدة الوطنية الفلسطينية، وتمثل رافعة النضال الوطني الاساسية، وأس المواجهة لكل التحديات المنتصبة امام الشعب في الوطن والشتات. لاسيما وانها احد اهم عوامل الصمود والمقاومة، ولا يمكن لاي مقاومة النجاح دون وحدة وطنية.
كما ان معركة الدفاع عن القدس الشرقية تحتاج اولا لوحدة الشعب والارض والهوية والمشروع الوطني. لأن بوابة المواجهة لمخططات دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية تجاه القدس تكمن اولا في الوحدة الوطنية. ولا يمكن للمقاومة الشعبية النجاح في تحقيق اهداف الشعب، ودحر مخططات ومشاريع حكومة قطعان المستوطنين إلا بالوحدة اولا.
إن من لا يدرك اهمية الوحدة الوطنية, ومن لا يدرك اخطار الانقلاب والانقسام التي هددت, وتهدد النسيج الوطني والاجتماعي, لا يمكنه ادراك الابعاد التدميرية للمنزلق الناتج عن الانقلاب، وبالتالي لا يدرك ما يحققه الانقلاب والانقسام من مصالح استراتيجية لدولة الابرتهايد الاسرائيلية. ويسقط هذا البعض في متاهة الحسابات الضيقة والشخصية والفئوية والاجندات الاقليمية، التي لا يعنيها إلا مصالحها الخاصة.
المصالحة مصلحة وطنية عليا للشعب العربي الفلسطيني. وليست «شماعة», بل ركيزة اساسية للكفاح الوطني التحرري. ومن لا يدرك او لا يريد ان يدرك اهمية المصالحة والوحدة الوطنية, عليه ان يعود ليتعلم ابجديات السياسة وعلمها. حتى لا يبقى أسير جهله وتجهيله للاجيال الفلسطينية. فلا مجال لاقلاع المشروع الوطني والانتصار على كل المخططات والمشاريع المعادية وخاصة الاسرائيلية إلا بالوحدة الوطنية.