لمن الأولوية؟

المصالحة تجلب المفاوضات ـ والمفاوضات تجلب الإنقسام .بهذه العبارات البسيطة بدا محاورى حواره متسائلا لماذا المفاوضات في هذا التوقيت والذى قد بدات فيه عجلة الحوار تدور على ألأرض، وتحتاج إلى قوة دفع ذاتية تستطيع أن تنطلق بها في مسارها الطبيعى . وهل من علاقة بين عدم المصالحة ، والمضى قدما فى مسار المفاوضات. وهل من يريد المفاوضات لا يريد المصالحة ، ومن يريد المصالحة لا يريد المفاوضات .؟ هذه التساؤلات هى التي تقف وراء هذه الجدلية العقيمة فى الحوار الفلسطينى بين القوتين الرئيسيتين فتح وحماس ، الذى أختزل العمل السياسى الى مستوى الإعتقال السياسى ، ولعبة القط والفأر , هذا فى الوقت الذى تشهد فيه المنطقة كلها حراكا سياسيا ، الهدف منه هو كيفية التخلص من القضية الفلسطينية ، وبأى آلية . وبلغة القوة وموازين القوى السائده ، تحاول الولايات المتحده ألأمريكية وأسرائيل وحتى المجتمع الدولى بقواه الفاعلة أوربيا ، ان تستبق الزمن قبل أى تغير فى موازين القوى السائده وتصل لتسوية سياسية للقضية الفلسطينية ، وطالما أننا نتكلم عن موازين قوى سائده فالتسوية السياسية لن تخرج عن أطار الترتيبات الأمنية وكيفية أخراج الدولة الفلسطينية ، وتحديد ماهيتها وعلاقاتها الإقليمية والدولية فى المستقبل ، أى تسوية سياسية لا تتعارض مع المفهوم الأمنى الإسرائيلى ، ولا مع المفهوم ألإستراتيجى للمصالح ألأمريكية ، ومثل هذه تسوية ستريح الكل ، وخصوصا الدول العربية من مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية ، وستعفى الدول الأخرى من تقديم الدعم المادى المستمر والمسؤولية التاريخية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطينى. ، وانه قد حان الوقت ليقوم الفلسطينيون بمسؤولياتهم المباشرة ، وليحددوا علاقاتهم بإسرائيل فى إطار من علاقات الدول ، وهنا ستختلف كل مفاهيم ومضامين القضايا الرئيسة للتفاوض ، فمثلا قضية اللاجئيين تحل فى أطار علاقات الدول ، وهنا يكون الحكم مفهوم ألأمن والسياده العليا التى قد تمارسها أسرائيل فى المستقبل ، وفى هذا الإطار قد تبرز المقترحات والمشاريع ألإقليمية المشتركة ، وبعدها ليس مهما أن تبقى الدولة الفلسطينية أو ان تذوب فى أطار كيانات أقتصادية وامنية وسياسية أوسع ,اشمل ، فالدولة تقام لمرة واحده فقط ، وهذا يعنى أن المسؤولية الدولية ، ومسؤولية الولايات المتحده فى هذه المفاوضات هو فى المساعدة فى قيام الدولة الفلسطينية ، وهنا تبرز أهمية الدور الذى تقوم به أوربا فى تقديم الدعم ألإفتصادى للسلطة الفلسطينية ،وهذا ما يفسر لنا الدور الجديد الذي تقوم به اللجنة الرباعية في إطار التفاوض الفلسطينى الإسرائيلى ن والتركيز هذه المرة لي قضيتى الأمن والحدود وهما القضيتان اللتان يمكن التوصل بشأنهما إلى حلول وسط ن وغذا ما تم الإتفاق عندها يمكن الإتفاق على ماهية وشكل الدولة الفلسطينية ، وعندها قد لا يكون هناك أى عائق أمام قيام الدولة الفلسطينية ، لأنها في هذه الحالة لن تتعارض مع الإعتبارات ألأمنية ألإسرائيلية ، خصوصا إذا ما عرفنا أهذه الدولة ستقع في قلب الدائرة ألولى للأمن الإسرائيلى ، ووهو ما يعنى إستحالة قيام الدولة الفلسطينية بعيدا عن المنظور والرؤية ألمنية الإسرائيلية ، وهو ما يفسر لنا أولا التاجيل في تقديم طلب العضوية للدولة الفلسطينية في مجلس ألمن ن والبدء بمفاوضات الحدود والمن ، وقد سبق قطع شوط بعيد بشأنهما . ومن ناحية ذلك غمكانية التنازل في شأنهما تكون أكبر من بقية القضية السياسية. ولعل السؤال لماذا التفاوض في هذا الوقت الذي تلوح فيه أفق المصالحة الفلسطينية ؟ فعلى الرغم من أولوية المصالحة الفلسطينية التي قد ـاتى بنظام حكم سياسى جديد ، وبدور أكبر لحماس في المستقبل وهى التي ترفض خيار التفاوض والسلام في معطياته القائمة ، وبالمقابل الحكومة الإسرائيلية الحالية وغن كانت يمنية فغن الإنتخابات الإسرائيلية المحتملة والقريبة قد ـاتى بحكومة أكثر يمنية وترفض أى شكل للتسوية وقيام الدولة ، وعالمستوى العربى التحولات في أنظمة الحكم الربية والتي ستأتى بحكومات إسلامية وخصوصا في مصر قد لا توفر الإطار الإقليمى لأى مفاوضات وأى تسوية في المستقبل ، لذلك الوضع الحالى فلسطينيا وحتى إسرائيليا قد يكون ألفضل لإعادة المفاوضات وإمكانية الوصول إلى تسوية طابعها أمنى اكثر منه سياسى. فالسطة الفلسطينية ما زال خيارها الرئيس هو التفاوض على الرغم من التلويح بخيارات صعبة في حال فشل المفاوضات ، فمستقبلها متوقف على الوصول إلى تسوية تفضى بقيام الدولة . وعلى الرغم من جميع هذه الملاحظات ، وعلى الرغم من أن المفاوضات تشكل خيارا فلسطينيا لا بد منه ن لكن تبقى المصالحة الفلسطينية أولوية ألأولويات الفلسطينية ، بل لي العكس ينبغى الإستمرار في إنجاز ملف المصالحة لأنها في النهاية هى التي ستشكل وتضع قيودا لي مخرجات للعملية التفاوضية تتعارض مع الرؤية الفلسطينية للتسوية . وأخيرا ليس مهما تسمية هذه المفاوضات بالمفاوضات الإسكشافية أو غير المباشرة ، فالمفاوضات تبقى مفاوضات في جوهرها ومضمونها ، ومجرد غستمرارية جلساتها قد ينبئ بتحولها على مفاوضات مباشرة ومعلنة ، وفى الوقت ذاته ليس مستبعدا وجود قنوات سرية للتفاوض. . والمشكلة الرئيسة هنا ليست في التفاوض في حد ذاته ولكن إن التفاوض يأتى خارج سياق التصالح ، وخارج مبدا الشراكة السياسية ومساهمة الجميع في صنع القرار السياسى الفلسطينى . ويبقى مهما إن إعطاء فرصة أخرى للمفاوضات لا يعنى أن نتذرع بعرقلة المصالحة ، فالسؤال المهم هل يمكن إن تأتى المفاوضات هذه المرة بشئ ما ظ وغذا أتت ما الموقف منها ، وما موقف القوى السياسية ؟ وهل ستخضع لفستفتاء الشعبى . ؟ والسؤال بععد ذلك هل سيذهب الفلسطينيون فعليا إلى خياراتهم الصعبة ؟ ولا يجوز الحديث عن خيارات صعبة الشعب الفسطينى سيتحمل ثمنها لكنه لا يعرف عنها شئيئا ؟ لذلك من المفيد فلسطينا الإعلان ن هذه الخيارات ومساهمة الجميع فيها حتى تصبح مسؤولية وطنية وليست حزبية أو فردية .. ، *أكاديمى وكاتب عربى

drnagish@hotmail.com