تحذيرات من انفجار الوضع
واشنطن: بدا خلال الأيام الماضية أن الإدارة الأمريكية بدأت تشعر بجدية التهديدات الفلسطينية وقررت أن تتحرك لمنع انهيار الوضع، خصوصاً أن تهديد الرئيس الفلسطيني بحلّ السلطة تحوّل الآن الى تحذير من وقوع أعمال عنف ولن تكون السلطة حارس حدود لدى إسرائيل.
أرسل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس رسالة إلى الإدارة الأمريكية مفادها أن الفلسطينيين يبحثون عن حل وإن لم يكن هناك حل من خلال مفاوضات الدولتين فلا بد أن تكون هناك حلول أخرى ومنها التوجّه الى الأمم المتحدة.
أوصلت حنان عشراوي هذه الرسالة الى نائب وزيرة الخارجية الأمريكية وليم بيرنز يوم الاثنين وأوضحت عشراوي أن الفلسطينيين يشعرون بعرقلة الأمريكيين لجهودهم في الأمم المتحدة وقالت إن السلطة الفلسطينية طلبت من الأمريكيين وقف هذه العرقلة ما دامت الحلول الأخرى غير متوفّرة.
وقالت موفدة عباس الى نيويورك وواشنطن في حديث بالعاصمة الأمريكية أنها أبلغت الأمريكيين أن الوضع قابل للانفجار فالفلسطينيون يشعرون أن لا أفق للحل والأوضاع على الأرض تضيق أكثر فأكثر بسبب الممارسات الإسرائيلية.
تعوّد الأمريكيون على تبنّي السلطة الفلسطينية للحل السياسي ورفض العنف، لكن عبّاس لم يعد واثقاً من أن الأمريكيين أو الإسرائيليين جادّين بالتوصل إلى حلّ، بل يعتقد أن الأمريكيين تخلّوا وحتى ما بعد الانتخابات الأمريكية عن الدفع باتجاه أي حل وما يريدونه من السلطة هو الاستمرار في المراوحة الى أن تنتهي الدورة الانتخابية الأمريكية في حين يقول عباس إن الفلسطينيين لا يريدون الالتزام بأي دورات خارجية ويريد أن يصل الفلسطينيون الى حلّ بصرف النظر عن أي انتخابات في أمريكا أو إسرائيل.
يستشف المستمع الى عشراوي في واشنطن أنها حملت كلاماً من الرئيس الفلسطيني يرقى الى قرع جرس الإنذار وربما التهديد أيضاً، فهي تقول نقلاً عن السلطة الفلسطينية إن الوضع قابل للانفجار لكنها لا تقول إن السلطة لديها الإرادة على ضبط العنف كما فعلت من قبل.
من المقرر أن يعقد الوفد الأمريكي إلى الشرق الأوسط دايفيد هيل سلسلة اجتماعات مع الفلسطينيين والإسرائيليين كما يعقد وزراء خارجية الرباعية اجتماعاً الأسبوع المقبل في العاصمة الأمريكية لكن الفلسطينيين يشعرون أن عليهم دفع الأطراف الى التحرك، ويبدو الرئيس الفلسطيني بشكل خاص وكأنه يريد حشر الجميع ويشغلهم على أكثر من جبهة.
فشل الرئيس الفلسطيني حتى الآن في زحزحة الأمريكيين، والى حين سفر دايفيد هيل الى المنطقة لم يقدّم الأمريكيون أي التزام ولم يتجاوبوا مع المطالب الفلسطينية خصوصاً عدم عرقلة الذهاب الى الأمم المتحدة بل إن أعضاء مجلس الأمن قبلوا الدعوة الفلسطينية لزيارة الأراضي الفلسطينية عدا مندوبة الولايات المتحدة فهي لم تردّ بعد على الدعوة.
يريد محمود عبّاس أن يحشر الإسرائيليين أيضاً من خلال رسالة يريد إيصالها الى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يضع فيها الفلسطينيون إطار المفاوضات ويحمّلون الإسرائيليين مسؤولية انهيار الموقف وربما انهيار السلطة الفلسطينية أيضاً.
تقول إسرائيل إنها "معنية بعودة الطرف الفلسطيني الى المفاوضات دون شروط مسبقة" ويقول ناطق باسم رئيس الحكومة الإسرائيلية "إن الطرف الفلسطيني ما زال يفرض شروطاً ويصرّ على إملاءات تعجيزية بما يتعلق بالبناء في المستوطنات والسجناء وحدود الدولة الفلسطينية العتيدة".
من الواضح أن الفلسطينيين والإسرائيليين على طرفي نقيض في نقطة البداية، لكن ما يزيد الأمور تعقيداً أن الإرادة السياسية لدى الأمريكيين غير متوفّرة كما أن الأمريكيين غير واثقين أن الطرفين جاهزين أو قابلين للتوصل الى حلّ.
لم يبق من مسيرة السلام الحالية غير السلطة الفلسطينية ويتسابق الأطراف الثلاثة على التضحية بها، فالرئيس الفلسطيني يهدد بحلّها، والإسرائيليون يقضمون صلاحياتها والأمريكيون يهددون بقطع التمويل عنها.
أفضل ما سمعته بهذا الشأن جاء في مقال لزياد العسلي، رئيس مجموعة العمل من أجل فلسطين ويتحدث فيه عن ما يجب فعله في الوقت الضائع ويقول "أولاً يجب عدم التسبب بأضرار" ويضيف "أنه يجب المحافظة على السلطة للمحافظة على الكيان السياسي والهوية الوطنية" ويدعو العسلي الى متابعة العمل على الإصلاح السياسي لدى الفلسطينيين ومتابعة العمل على بناء الدولة واقتصادها. هذا الكلام هو الأفضل لأنه أفضل من دفع الأمور الى الهاوية أو الى الفوضى.
العربية نت
_____
آ ج