الثورات العربية تسقط في فّخ التبعية ؟!

الحقيقة ، الثورات العربية مكملة لسياسة التبعية للغرب سواءً السياسية والاقتصادية والثقافية وهي حلقة وصل بين الاستعمار القديم والخريف العربي المزمن،حيث جاءت هذه الثورات المصطنعة من الغرب لتجسدها بغطاء اسلامي وشعبي ، وبالتدخل العسكري الذي قام به حلف النيتو في ليبيا دعم الثوار الليبيين المنقسمين حالياً وأسقط نظام القذافي وقاموا بتقسيم النفط الليبي بينهم ، وثقافة النهضة والاخوان الاسلاميين الذين كانوا متشبثين بالعقيدة ، كسروا قواعدها وأصولها لينجروا الى التبعية الثقافية للغرب .

لم تكن المرة الاولى التي يشعل بها الامبرياليين الحرب على منطقة الشرق الاوسط ، فكل مئة عام يهاجمونها ، فقبل قرن سقطت الاقطار العربية تحت الانتداب الفرنسي والبريطاني ، وقبلها بمئة عام الجيش التركي وقبلهم المغول فمنذ احتلال العراق يحاولون زعزعت الامن في سوريا ، وعندما لم يستطيعوا السيطرة بالحروب استخدموا الربيع العربي المزن الذي قتل أكثر من ثلاثين الف ليبي وجرح قرابة سبعين الف ودمرت المنشأت والمرافق والبنية التحتية الليبية، وجعل الاقتصاد المصري والتونسي في الحضيض .

وما يحصل في الدول العربية اليوم هو توزيع للارث العربي من جديد ،وفي عام 1923 أصاب العثمانيون الضعف تمكن الاعداء من السيطرة على الدولة العثمانية وتقسيم ارثها ، والان تعاد الكره مرة أخرى لان المشروع العربي الناتج عن التقسيم الاول لم يستطيع حماية نفسة وهكذا اليوم يوزع ارثه حيث ان هناك فرق بسيط بين التقسيم القديم والجديد ،إذ أن الاخير يقسم فيه الموارد والمواقع مثل النفط وفوائضة في ليبيا ولهذه الثورات العربية جددت تجسيد التبعية والسيطرة الغربية الامبرياليه.

سبق وأن نشرت المقابلة مع قائد الحلف الاطلسي السابق ويزلي كلارك ، الذي اعتبر فيها ان الثورات العربية مخطط لها مسبقا ، حيث تلقوا منذ سنوات مذكرة امريكية تشير الى ان واشنطن عازمة على السيطرة على سبع دول في الشرق الاوسط خلال خمس سنوات وهي العراق ، وسوريا ولبنان وليبيا والصومال والسودان ، وقال كلارك " انه من المدهش ان نشاهد الاشياء التي خططتنا لها قبل سنوات يجري تحقيقها أمام اعيننا" وهنا لم تكن السيطرة من فراغ وكان الهدف منها تجديد التبعية العربية للغرب وتحقيق مصالحها في الشرق الاوسط .

وأخطر ما يواجهه العرب هو التبعية الثقافية للغرب حيث عززت وجودها في البلاد العربية من خلال وسائل الاعلام التابعة التي تحقق مصالح الغرب في المنطقة ومن خلال دعم الاسلاميين في المنطقة ضد حكامهم الذين يؤثرون على الرأي العام بين صفوف العرب والمسلمين .

وما تقوم به قناة الجزيرة في المنطقة العربية من اثارة الفوضى وتشجيع الحراكات الشبابية وتوجيهها بما يخدم مصالح الغرب وأجندته ،ما هو الا تاثير على الثقافية العربية بطابع غربي امبريالي ، حيث قامت بالتعميق والتضخيم للاحداث لما يحدث في سوريا وعرض الضحايا وارقامهم اولاً بأول ،بينما في البحرين تقوم الشرطه بدهس المتظاهرين بسيارات الشرطه وقتل عجوز شيعي في يوم السادي والعشرين من مارس وهذا لم تعطيه اهمية وقالت انه توفى من الغاز المسيل للدموع ولم تنقل وجهة نظر الحكومة البحرينة ، وأيضاً غلبت الطابع الدرامي لأحداث الثورات العربية واللعب في الموسيقا والتاثيرات الصوتية والبصرية لاثارة الثورات العربية .

وبما أن الجزيرة تحظى بمشاهدة عالية من قبل عشاقها ومنتقديها على حد سواء استغلها الغرب لتجعل الثقافة العربية الاسلامية ،تابعه لها وأضافت الجانب الشرعي على ما يخدم مصالحها ، فكان القرضاوي ضيف شبة يومي على شاشات الجزيرة أثناء ثورات ليبيا ومصر وتونس ،وأثناء تصريح القذافي بان التدخل الاجنبي هو حرب صليبية ضد العرب والمسلمين أستضافت الجزيرة القرضاوي لينفي بما قاله القذافي وجعلته خبراً رئيسياً في نشراتها وهذا مؤشر لاستغلال فتاوي دينية لتجعل الثقافه العربية تابعه لها و لدعم مصالحها واسقاط الحكومات .

والاعتراف الامريكي بالاخوان المسلمين لم ياتي من فراغ بل يهدف الى زعزعت الامن في المنطقة ،ويحريك النزاعات المذهبية بين السنة والشيعة وعزل ايران عن العالم العربي والاسلامي ويبقى الغرب مهيمن ومسيطر على الطرفين .

وتونس خير دليل على التبعية للغرب ، حيث كان حزب النهضة الاسلامي توجهاته ذات تعصب ديني لاستقطاب الجمهور ولكن بعد وصوله الى الحكم خالف قوانين الشريعه وحلل المصارف والخمر، ويستمد هذا من التبعية العمياء لفكر ولحضارة مستوردة من الغرب .

وفي أواخر اغسطس الماضي حضر الرئيس الفرنسي ساركوزي ورئيس الحكومة البريطانية كاميرون الى طرابلس وشاركهم عدد من المحللين والمراقبين الذين أكدوا ان ايطاليا وبريطانيا وفرنسا وتركيا وقطر وامريكا ،تقاسموا الكعكه النفطية الليبية وهذا ما نتج عن الثورة الليبية ليجسد التبعية الاقتصادية للغرب .

ندرك بأن ملعب الاقطار العربية مسرحية سياسية يقودها الامبرياليون والغرب ضد العرب ويستغلون الجامعة العربية بقيادتها القطرية التي تلعب دور مجلس الأمن العربي لتنفيذ مخططاتهم الاستغلالية، حيث اتخذت الجامعه عقوبات اقتصادية على سوريا وفي تلك الفترة اذا نظر المشاركين في اجتماع الجامعة حولهم لشاهدوا شعب مصر يقمع بقنابل الغاز والرصاص المطاطي والحي في ميدان التحرير ، فنتسائل هنا لماذا لا يطلق الجيس النار على المتظاهرين أبان حكم مبارك وأطلقها اليوم ؟؟ أنها لعبة سياسية امبريالية !!