الفلسطينيون ليسوا على بال الاسرائيلييند

165316_345x230

اجرت مراكز استطلاعات الرأي في اسرائيل مؤخرا العديد من الاستطلاعات التي كانت نتيجتها متقاربة حيث تشير بشكل واضح الى تربع اليمين الاسرائيلي بقيادة نتنياهو على عرش الحكم في اسرائيل للسنوات القادمة دون ان يكون هناك اي منافس سواء كان من الوسط او اليسار.

الاستطلاعات ايضا تشير الى ان حزب كاديما الذي حصل في الانتخابات الاخيرة على ثمانية و عشرين مقعدا لن يكون مصيرة بأفضل من مصير احزاب الوسط الاخرى التي سبقتة منذ قيام اسرائيل. الاستطلاعات تشير ان كاديما سواء برئاسة ليفني او موفاز لن يتجاوز الاثنى عشر مقعدا في الانتخابات القادمة.

حزب العمل التاريخي الذي اسس الدولة و قادها على مدار اكثر من ثلاث عقود دون منازع و الذي تقودة اليوم شيلي يحيموفتش هو ايضا يتراوح بين اثنى عشر و ثمانية عشر مقعدا في احسن الاحوال. اما اللاعب الجديد يئير لبيد الذي كان من المتوقع ان يؤثر دخولة للحلبة السياسية على موازين القوى الحالية و التي تميل بشكل كبير لصالح الليكود، الاستطلاعات لا تعطية اكثر من ثمانية مقاعد ، في غالبيتها على حساب كاديما.

المتغيرات في الساحة الحزبية الاسرائيلية و التي عنوانها الاكبر السيطرة المطلقة لليمين الاسرائيلي بزعامة الليكود و نتنياهو تجري في ظل تغييب تام للموضوع الفلسطيني الذي كان في الماضي هو اساس الحملات الانتخابية و البرامج الحزبية . في السابق، و في غالبية المعارك الانتخابية التي جرت على مدار العقود السابقة كان الموضوع الفلسطيني و الصراع العربي الاسرائيلي هو احد المركبات الاساسية التي تحدد عدد المقاعد التي يحصل عليها هذا الزعيم او ذاك ، هذه القائمة الحزبية او تلك.

اليوم، و لان نتنياهو ليس لدية استعداد ان يقدم اي شيئ للفلسطينيين غير تعزيز الاستيطان و مزيدا من تهويد القدس يحصل حزبة وفقا للاستطلاعات على سبعة و ثلاثين مقعدا. الخلاف على قيادة كاديما بين موفاز و ليفني ليس له علاقة ايضا بالموضوع الفلسطيني. زعيمة حزب العمل شيلي يحيموفتش لم تنطق بكلمة واحدة او جملة مفيدة واحدة تتحدث عن رؤيتها للحل مع الفسطينيين، رؤيتها و تركيزها على الامور الاجتماعية و الحياتية، و يئير لبيد الذي سيشكل حزب وسط جديد، و بغض النظر عن عدد المقاعد التي ستحصل عليها قائمتة ليس له علاقة ايضا بالموضوع الفلسطيني.

الاسرائيليون لا يرون في السنوات الاخيرة ان هناك مشكلة مُلحة مع الفلسطينيين تستوجب عمل دؤوب لأيجاد حلول لها. الاسباب كثيرة، اهمها:

اولا: لقد نجح اليمين في اقناع الرأي العام الاسرائيلي بما كان يرددة دوما انه لا يوجد شريك فلسسطيني يمكن التفاوض معة. الفلسطينيون لا يريدون السلام لذلك رفضوا عرض كلينتون "السخي" في كامب ديفيد عام 2000 و كذلك عرض اولمرت للرئيس عباس عام 2008.

ثانيا: الانقسام الفلسطيني و استمرارة هو افضل ورقة رابحة لليمين الذي يردد ليل نهار ان لا ممثل واحد للفلسطينيين. لسان حالهم يقول مع من نصنع السلام، و مع من نوقع الاتفاقات، مع الرئيس عباس الذي "لا يمون" على كل الشعب الفلسطيني في ظل سيطرة حماس على غزة، ام نصنع السلام مع حماس التي تدعو ليل نهار من اجل ازالة اسرائيل عن الوجود؟

ثالثا: الاعتقاد الاسرائيلي ان بأمكانهم ان يتعايشوا مع الوضع القائم لسنوات طويلة. الضفة تم ترويضها بشكل كامل و اسرائيل تقريبا تفعل كل شيئ تريدة هناك دون ان يكون هناك ازعاج. فلسفة اليمين الاسرائيلي التي حددها جابوتنسكي في سنوات العشرين من القرن الماضي و التي اساسها التعامل بيد من حديد مع الفلسطينيين، و لا سيادة لهم على الارض و منحهم حكم ذاتي لادارة شؤون حياتهم اليومية دون حقوق سياسية هي من الناحية العملية التي يتم تطبيقها على الارض.

قطاع غزة و سيطرة حركة حماس علية، اضافة الى وجود عدد من الفصائل المسلحة هو امر مزعج جدا لاسرائيل، و لكن قوانين اللعبة اصبحت معروفه، يمكن التعايش مع هذا الوضع لسنوات، مع الجاهزية الدائمة للتعاطي مع المتغيرات الميدانية. التقدير الاسرائيلي هو انه و على الرغم من حالة العداء الشديد لاسرائيل، و على الرغم ان قوة الفصائل الفلسطينية المسلحة تتحسن بأستمرار الا ان الاولوية بالنسبة لحركة حماس هو الحفاظ على سيطرتها على قطاع غزة و عدم شد الحبل اكثر من اللازم لتجنب الدخول في مواجهة عسكرية اخرى .

رابعا: ما يشغل المواطن الاسرائيلي هذة الايام ليس ما يقولة هذا الزعيم الفلسطيني او ذاك، بل ما يشغلهم هو ارتفاع سعر المحروقات و الكهرباء و الماء، ما يشغلهم هو اسعار السكن و تكلفة رياض الاطفال. الموضوع الفلسطيني لا يكاد يذكر في و سائل الاعلام الاسرائيلية سواء كانت المكتوبة او المسموعة او المرئية. هناك حالة من الاطمئنان ان الفلسطيني يئن هو ايضا من حجم المشاكل الحياتية الخاصة التي تشغلة اكثر من القضايا الوطنية و السياسية.

خامسا: هناك اعتقاد اسرائيلي ان الخيارات الفلسطينية محدودة، لا بل من الناحية العملية لا توجد خيارات، و ان ما يهم هو ليس التصريحات النارية، او ارسال الرسائل بغض النظر عن محتواها، ما يهم الاسرائيلي هو ما يحدث على ارض الواقع، و ما يحدث على ارض الواقع يمكن التعايش معه. هذا على الرغم من تزايد حجم الصدامات على الارض و التي سقط خلالها شهداء في يطا و قبل ذلك في قلنديا.

لكي يعود الموضوع الفسطيني الى الصدارة من حيث اهتمام الراي العام الاسرائيلي يجب ان يكون هناك تغيير في قواعد اللعبة السائدة حتى الان. الفلسطينيون بحاجة الى اجراء عملية تقييم شاملة لتجربة السلطة التي اقيمت على اساس مؤقت و كذلك اجراء تقييم لتجارب النضال الفلسطيني خلال الانتفاضتين الاولى و الثانية، و اعادة صياغة منظومة العلاقات مع الجانب الاسرائيلي بما يتلائم مع الفشل التام لعملية السلام .