مسجد بئر السبع ما زال متحفا للجيش
الناصرة: تقدم مركز "عدالة" في حيفا، في نهاية الأسبوع، بالتماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية ضد بلدية بئر السبع الإسرائيلية، كونها لم تنفذ قرارا سابقا للمحكمة بتحويل مسجد بئر السبع، الذي يُحظر استخدامه منذ العام 1948 إلى متحف للثقافة والحضارة الاسلامية، بل حولته إلى متحف يمجد جيش الاحتلال، وحتى الجيش البريطاني في زمن الانتداب.
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية قد اصدرت في نهاية شهر حزيران (يونيو) الماضي، قرارا اعتبرته من ناحيتها حلا وسطا، رغم عدم رضى الفلسطينيين به، بتحويل مسجد بئر السبع إلى متحف للثقافة والحضارة الاسلامية، وهذا رد على التماس تقدم به عدالة منذ سنوات طويلة لإعادة فتح المسجد امام المصلين الفلسطينيين في المدينة ومنطقتها في صحراء النقب.
وقد بني "المسجد الكبير"، وهو المسجد الأول في صحراء النقب، في العام 1906، وبني بتمويل شيوخ القبائل في المنطقة، وقصده سكان المدينة وزائرو بئر السبع للصلاة حتى احتلال المدينة العام 1948.
وبعد العام 1948 تم تحويل المسجد إلى معتقل وقاعة محكمة من قبل السلطات الإسرائيلية حتى سنة 1953. حينما تم تحويل المسجد إلى متحف النقب حتى سنة 1991، وبعدها أغلق وأخرجت منه معروضات المتحف.
ومنذ 1991 حتى العام 2002، موعد تقديم الالتماس، بقي المسجد مهجورا ومهملا ولم يستخدم لأي غرض. رغم مطالبات أهالي بئر السبع العرب وسكان البلدات المجاورة بفتح المسجد للصلاة ولكن البلدية رفضت ذلك مطلقا بل وأعلنت عن نيتها ترميم المسجد وتحويله لمتحف عام.
وكانت بلدية بئر السبع الإسرائيلية قد اعتبرت اعادة فتح المسجد للصلاة مسا بالنظام العام، وكتب في حينه قاضي المحكمة العليا، العربي الوحيد في تلك المحكمة، سليم جبران، يصعب علي تفهم موقف البلدية أن استخدام المبنى للطقوس الدينية سيؤدي الى مساس بالنظام العام. وتساءل جبران "هل تدعي البلدية أن الطقوس الدينية من طبيعتها تؤدي إلى قتال وصراع؟ أو أنهم يدعون أن الطقوس الدينية الإسلامية بالذات تتضمن شيئا ما الذي من شأنه أن يؤدي إلى صدام بين مجموعات التي لولاه لكانت العلاقات بينها طبيعية؟".
كما انتقد القاضي جبران بشدة إصرار بلدية بئر السبع على تحويل مبنى المسجد إلى متحف عام. وقال جبران إن قرار البلدية هذا يتجاهل تاريخ مبنى المسجد، تصميمه وأهميته الثقافية والدينية لجمهور المسلمين. وأضاف جبران: "برأيي الكثير من الإدعاءات التي ادعتها البلدية كان من المستحسن أن لا تطرح بتاتا، فهذه الادعاءات تثير إحساسا سيئا بالنسبة لنظرة بلدية بئر السبع ونظرة الدولة للجمهور المسلم الذي يعيش هنا".
ونصّ القرار أيضا، على حق المسلمين التوجه إلى جهات التنظيم في البلدية لإعادة المسجد كمكان للصلاة، بدلا من متحف كما ارادت البلدية.
وتبين من زيارة قام بها الناشط من اجل حقوق الفلسطينيين في صحراء النقب، نوري العقبي، أن المتحف بات يمجد جيش الاحتلال الإسرائيلي وفيه مظاهر مهينة، إذ قال في تصريح لمركز "عدالة" الحقوقي، لقد قمت في الأيام الأخيرة "بزيارة المسجد الكبير وشعرت باشمئزاز وغضب شديد لانتهاك حرمة المسجد. فقد وضعت في المسجد دمى بلاستيكية ترتدي الزي العسكري البريطاني وأخرى ترتدي الزي العسكري الإسرائيلي وفي كلتا الحالتين ترتدي الدمية سروالا قصيرا، بالإضافة إلى مناظر أخرى كثيرة لا تمت للثقافة العربية الإسلامية بصلة".
وأضاف العقبي: "خلال زيارتي وحديثي مع المسؤولين في المكان شددوا على أن الصلاة والعبادة تمنع منعًا باتا في هذا المبنى رغم أن هذا المسجد بني في عهد الدولة العثمانية، وبأموال جمعت من المسلمين العرب البدو وسكان النقب".
وقال العقبي إنه يعيش اليوم في مدينة بئر السبع آلاف العائلات العربية المسلمة، إضافة إلى عشرات الآلاف الذين يأتون إلى المدينة يوميا، ولكل هؤلاء ليس هنالك مكان عبادة واحد، ويضطرون للصلاة في السوق والأماكن العامة غير الملائمة لأداء الصلاة".
الغد