السير في المكان في التفاوض بين الاسرائيليين والفلسطينيين

بقلم: أفيعاد كلاينبرغ

إن جون كيري هذا شديد الالحاح. سلامٌ. ألا يعلم ان السلام هو من اجل اليساريين؟ لماذا لا يستطيع ان يكون مثل اوباما الذي قال لنا ‘لستم وحدكم’ وحدّثنا كم نحن رائعون، وجعل الفلسطينيين يصابون بنوبة سعال قصيرة، مرت أسرع حتى من وعود محللي اليسار بخطبة تاريخية تغير تصورنا العام؟ (يُحتاج من اجل التغيير الى تصور عام؛ وليس عندنا تصور عام، بل عندنا سيطرة على الاراضي). ما كل هذا الكلام الذي يثير الضيق عن مشكلة أخذت تزداد حدة وأخذ حلها يزداد صعوبة، أهي مشكلة؟ عن أية مشكلة نتحدث؟
إننا في سعادة وانشراح واسألوا عضوي الكنيست ميري ريغف وداني دنون. وقد برهن خبراء الاحصاء عندنا على أنه يوجد نصف عدد الفلسطينيين فقط الذي كان يُظن. وبعد قليل سنكف عن التفكير في هذا فيختفي هذا النصف ايضا.

واسألوا ديكارت، ليست مشكلتنا الرئيسة هي الفلسطينيين أصلا، بل الامريكيين مع ارادتهم الدورية لصنع السلام. وهم يُصرون على جرنا الى مكان ما (لنقل أنابوليس) ونقول هناك القليل من السخافة، ونقول إنه لم تنضج الظروف ونعود الى البيت، الى زمبيش وداني دنون. ما الصالح في هذا، هل يتم الحديث عن تدهور؟ لم يكن وضعنا قط أفضل. وهذا شعار صالح بالمناسبة، متى قلناه آخر مرة؟ من يتذكر.

لكن الامريكيين يُصرون فهذا تراث عندهم، وقبل ان نعلن مرة اخرى أنه لا يوجد شريك نضطر الى القيام بالرقصة التي أوجدناها من اجل عدم التحادث على الخصوص، يُسمونها ‘السير في المكان’. ويحتاج ذلك الى الكثير من عمل الأقدام، لكن كل خطوة مهمة. تتحدث التقارير على سبيل المثال عن ‘حجر الرحى المركزي’ في جولة السير في المكان الأخيرة. فقد طلب الفلسطينيون الافراج عن 103 سجناء (من آلاف كثيرين في سجوننا).

ووافق نتنياهو على الافراج عن عدد أقل (ليس واضحا كم لكنه أقل) وعلى مراحل فقط ايضا. وقال الرجل الذي أفرج عن 1027 سجينا لحماس بصفقة شليط لن نفرج عن ارهابيين. وأصر أبو مازن على الافراج عن 50 سجينا في المرحلة الاولى. هذه فضيحة. ‘قدّر مسؤولون كبار في وزارة الخارجية ان مجرد الاصرار يشهد على نية تفجير المحادثات والقاء مسؤولية الفشل على نتنياهو’ (لا يستطيع هؤلاء الفلسطينيون ألا يُفجروا، فهذا طابع قومي عندهم). وهذا أول سير في المكان.

وأجاب الفلسطينيون بسير في المكان خاص بهم، إذ قالوا انه يجب على اسرائيل ان تعلن ان ‘التفاوض سيقوم على خطوط 1967 مع تبادل اراض والتزام تجميد البناء في المستوطنات’. وليس واضحا ماذا ستجدي هذه التصريحات (أعلن نتنياهو من قبل التمسك بحل الدولتين ـ أتوجد دولتان اذا؟ وقد رأى نتنياهو رجال شرطة بريطانيين في طفولته في القدس ايضا. إن تصريحات نتنياهو ليس لها شأن كبير).

في هذه المرحلة اقترح رئيس وزراء اسرائيل السير في المكان الانذاري بقوله نحن نطلب الاعتراف بأن اسرائيل دولة يهودية، فاذا قُبل هذا الشرط كانت ‘اسرائيل مستعدة لدخول التفاوض بلا تأخير وبلا شروط مسبقة’. إن هذا الاجراء وهو وضع شروط مسبقة للتفاوض، وتأخير المحادثات كان ضربة لكيري على رأسه. وتناول كيري الـ ‘أوبتلغين’ وأعلن التفاؤل (اليأس)، والمسار البنّاء (التدمير الذاتي)، والارادة الطيبة (البُغض العميق) والمسار الصحيح (مسار تحطم). ومضى بعد ذلك ليستريح قليلا بعيدا عنا. ومن الجيد أنه مضى. إن السير في المكان خاصة بخلاف مسار السلام يؤتي ثمرات، لكنه متعب جدا. فيُحتاج في السلام الى عطلة لأنه يوجد قدر كبير من السلام. والى تجديد زخم البناء في المستوطنات. لم يكن وضعنا قط أفضل. متى قلنا هذا آخر مرة؟ يُخيل إلي ان ذلك كان في 1973.