نتنياهو: "إذا الريح مالت ..."!

بقلم: باروخ لشيم

بدا استطلاع للرأي العام أجراه البروفسور كميل فوكس في نهاية الاسبوع الماضي مثل لغز. على أثر استقرار رأي نتنياهو على بدء تفاوض سياسي، قال 45 في المائة من المستطلعة آراؤهم: انهم راضون عن أدائه بصفته رئيسا للوزراء، في مقابل 39 في المائة قبل شهرين. وفي مقابل ذلك حينما سُئل المستطلعة آراؤهم هل يلتزم نتنياهو بحل الدولتين، أجاب 59 في المائة بـ لا في مقابل 34 في المائة صدقوه. أي ان الشعب يريد مسيرة سياسية ويريد ان يقودها نتنياهو لكن لا يصدق أكثر الجمهور ان نتنياهو يريد تسوية مع الفلسطينيين.

ما هي أهمية استطلاعات الرأي في هذه الايام؟ إن الفكرة الأساسية هي أن الجمهور يعبر عن موقفه في يوم الانتخابات. والمشكلة هي ان المسألة السياسية قد لفظت أنفاسها تماما في انتخابات 2013. فمن كان يأتي الى اسرائيل في تلك الفترة كان يمكن أن يظن انه هبط في سويسرا. وقد سأل الساسة "أين المال"، وكم ستكون كلفة الشقة وثمن جبن الكوتج، لا كيف نبدأ تفاوضا مع الشعب الفلسطيني الذي يسكن بين أظهرنا.

ما الذي يريده الناخبون اذا في الحقيقة؟ قد يكون التفسير البسيط ان أذهان المواطنين غسلتها برامج الرياليتي في التلفاز وهم يخلطون بين الواقع والخيال. فالشعب يريد عالما جميلا أقل حزنا مما هو اليوم، فاذا وجد شقيق أكبر يقول إن كل شيء سيكون على ما يرام برغم ان الجمهور يعلم في أعماق قلبه انه لا يمكن ان يكون على ما يرام، فانه مستعد لشراء هذا الوهم فترة ما.

إن الشعب على حق في الطريقة الديمقراطية حتى عندما لا يكون على حق. الى الأمام أيها الشعب. قال الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة ابراهام لنكولن: "إن مشاعر الجمهور هي كل شيء. فالذي يحظى بمشاعر الجمهور يبلغ أبعد ممن يُسمع تصريحات فقط". وحكمة القادة هي في ان يلاحظوا الاتجاه الذي تهب اليه ريح الشعب حتى لو كان الحديث احيانا عن نسيم خفيف. وقد يكون هذا هو ثم نتنياهو الأكبر الذي مكّنه من أن يُنتخب مرة ثالثة، أعني القدرة على التعرف على الرأي العام في كل لحظة، ويفضل أن يكون ذلك قبل الانتخابات.

هكذا فعل في انتخابات 1996. فقد كان نتنياهو الظهير الأيمن لكتلة الليكود وسخر من اسحق رابين قبل انتخابات 1992 لأنه يتحدث عن "كيان فلسطيني قد يتحول الى دولة". وعندما لاحظ في 1996 ان أكثر الجمهور كان يؤيد مسيرة سياسية، أعلن في مؤتمر صحفي انه يلتزم بقرارات الحكومة بحسب اتفاق اوسلو وأقر شعار: "مع نتنياهو نصنع سلاما آمنا". وتغير الشعار بعد ذلك: سلام للوعود، نصنع نتنياهو آمنا.

ما الذي يمنع نتنياهو من تكرار الحيلة نفسها؟ إن البحر هو نفس البحر والفلسطينيين هم نفس الفلسطينيين. واذا كنا قد اعتمدنا على لنكولن فيمكن ان نستعمل قولا آخر له وهو: "تستطيع ان تخدع كل الناس بعض الوقت، وبعض الناس طول الوقت، لكنك لا تستطيع ان تخدع كل الناس كل الوقت".

وهناك تعليل آخر وهو ان نتنياهو أوضح دائما انه لا يستطيع ان يقف من وراء قراراته بسبب عوامل قسرية ائتلافية. ويمكن ان تصبح فكرة اجراء استفتاء للشعب في تسوية سياسية وتبدو حيلة لامعة للتسويف، وسيلة للوفاء بالوعود. فليست اسرائيل بيتنا والبيت اليهودي هما اللذان سيُفشلانه هذه المرة بل الشعب، وهذا ايضا غير مضمون لأن 55 في المائة من الجمهور يقولون انهم سيصوتون مؤيدين كل تسوية يأتي بها رئيس الوزراء.

 

يديعوت أحرونوت