تقليص البناء في المستوطنات لتخفيف الضغط الأوروبي

بقلم: دان مرغليت
إن استقرار رأي دول الاتحاد الاوروبي على مقاطعة المستوطنات فاجأ الحكومة كرعد في يوم صافٍ، برغم أن ضجيجا قويا يُنذر بيوم عصيب كان يُسمع في السنوات الاخيرة بصورة مألوفة. وكانت كل حكومات إسرائيل في الاربعين سنة الاخيرة تعلم انه مع عدم وجود اتفاق إسرائيلي- فلسطيني ستنجح رام الله في تجنيد اوروبا لمقاطعة المستوطنات في "يهودا" و"السامرة". لكن كل واحدة أملت ألا تحدث هذه الواقعة النكدة في نوبتها. وقد حدثت الآن.
من المؤسف انه يوجد في اليسار الإسرائيلي من تمنوا هذا اليوم ويباركونه. إن الفصل الاعمالي – التجاري الذي تستعمله اوروبا بين مستوطن في ارئيل وساكن في تل ابيب قد يُسهل على الاقتصاد الإسرائيلي، لكنه من جهة مبدئية كأنما يضع خرقة صفراء على المستوطنين جميعا، بالاضافة إلى ان الجميع يعلمون أنه اذا أُحرزت في يوم من الايام تسوية دائمة بين إسرائيل والفلسطينيين فان أكثر المستوطنين سيجلسون تحت كرمتهم وتينتهم في مكانهم الحالي وباتفاق.
إن المستوطنين جمهور نوعي كثير الحقوق. وإن جيل المؤسسين قد استوطن أماكنه بتوجيه وقرار من الحكومات. بيد أن الدولاب دار، وانقلب الواقع، وأغمضت إسرائيل السياسية عينها. يمكن ان نشتكي من التغيير العالمي تجاه التمسك بـ "المناطق"، لكن لا يمكن أن نتجاهله.
حينما تقول العناصر الأكثر يمينية في الائتلاف الحكومي إن بنيامين نتنياهو كاد يلغي البناء في القدس وقلصه في "يهودا" و"السامرة" يفهمون من ذلك ان الحديث يدور عن "ضرورة غير معيبة" تنبع في الأساس من ضغط سياسي من الولايات المتحدة يتساوق مع الموقف الاوروبي.
كان نتنياهو في واقع الامر يستطيع استخلاص مزايا في الساحة الدولية لو أنه صدّق أمر تباطؤ البناء، لكن التركيبة الحكومية تمنعه من اعلان ذلك بصراحة. وتكون النتيجة ان إسرائيل تخطو خطوات غير قليلة من اجل راحة الفلسطينيين لكنها تحظى بمقابل طفيف فقط لأنها لا تُبيح لنفسها ان تقول ذلك بصراحة. بالعكس إن خطوة متعجلة كالتي خطاها الاوروبيون اضطرت نتنياهو، أول من أمس، الى اصدار اعلان بأن إسرائيل وحدها ستقرر خطواتها ولن يتغير شيء سوى بالتفاوض.
ومع ذلك عرف الاستيطان توسعا كبيرا في العقد الاخير. وأُقدر أن إسرائيل كانت ستستفيد كثيرا لو أُعلن وقف للبناء مدة سنة. يوجد ارتفاع وهبوط في التسلق الى قمة الجبل، وهذا هو جوهر المسار التاريخي.
وعلى كل حال إذا كان قد حُكم على إسرائيل ان تتحمل القرار الأوروبي فانها تدرك أن هذه ليست الخطوة الأخيرة المستعملة ضدها مع عدم وجود تسوية سياسية – ومن الجيد ان الحكومة موجودة بتركيبتها الحالية. إن حبة البطاطا الساخنة هي في يد نتنياهو ووزراء اليمين، ويُفضل ان يستقر الرأي على بطء في البناء (أو على عكس ذلك كما يتبين من تصريح نتنياهو)، وسيتم حسم القرار حينما يصبح نفتالي بينيت وأوري اريئيل من "البيت اليهودي" وزيرين. وسيتحمل المختصون المسؤولية عن القرار على هذا النحو أو على عكسه.