هجوم عنيف على قاض عربي سببه هتكفا

القدس: أثار عدم إنشاد القاضي العربي الوحيد في المحكمة الإسرائيلية العليا سليم جبران «النشيد الوطني» الإسرائيلي «هتكفا» في حفل تنصيب رئيس المحكمة العليا الجديد ردود فعل غاضبة من العديد من الأوساط المتطرفة. وقاد ذلك إلى تقديم مشاريع قوانين تلزم كل موظف في الدولة العبرية بالولاء لطقوسها ومراسمها.

وفي محاضرة أمام نقابة المحامين في تل أبيب أعلن رئيس «الشاباك» السابق يوفال ديسكين أن «من المهم إثارة نقاش حول الموضوع الإيراني». ومع ذلك شدد على أن «إسرائيل تعاني من مشكلات داخلية، ربما أن بعضها أشد إثارة من إيران النووية». واعتبر أن «موضوع المواطنين العرب في إسرائيل وضرورة دمجهم في الحياة العامة لا يقلّ خطورة عن الخطر الإيراني».

وفي ردّ فعل على رفض القاضي سليم جبران إنشاد «هتكفا» في حفل تنصيب رئيس المحكمة العليا الجديد دعت جهات يمينية مختلفة إلى طرده من منصبه. ففي ختام عملية التنصيب وقف كل الحضور، وأنشد «هتكفا» عدا جبران الذي وقف ولكن من دون أن يفتح فمه. وشدّد مقربون من القاضي جبران على أنه تصرف هكذا بدافع أيديولوجي وأن الموضوع «بالغ الحساسية».

واختلفت الآراء في الحلبة السياسية في إسرائيل بهذا الشأن، إذ رأى البعض أنه لا يعقل إلزام عربي بإنشاد «هتكفا» التي لا تعبر عن مشاعره وتتحدّث عن «نفس اليهودي تهيم». ورأى آخرون أنه لا يعقل السماح لقاض في المحكمة العليا بعدم إلقاء «النشيد الوطني».

وقال عضو الكنيست من اليمين المتطرف ميخائيل بن آري إن «القاضي جبران احتقر النشيد الوطني وبصق على وجه الدولة. وأثبت أنه لا يستحق منصب قاضي المحكمة العليا». وتقدم بن آري بمشروع قانون مستعجل يمنع كل من لم يخدم في الجيش الإسرائيلي أو يؤدي الخدمة «الوطنية» من العمل في المحكمة العليا. وأعلن رئيس لجنة الدستور في الكنيست دافيد روتام من «إسرائيل بيتنا» أنه سيطلب من وزير العدل إقالة القاضي جبران من منصبه.

ودافع عن جبران أعضاء كنيست من عرب الـ48 وآخرون. ورأى العرب في الحملة على جبران فعلاً فاشياً.

كما اختلف قضاة المحكمة العليا أنفسهم حول الأمر، ورأى بعضهم أنه لا يجدر بقاض في المحكمة العليا أن يمتنع عن إنشاد «هتكفا»، فيما قال آخرون إن «في الأمر مشكلة حقيقية أن تطلب من عربي أن ينشد: نفس يهودي تهيم».

وقال ديسكين في الشأن الفلسطيني إنه «في الخلاصة النهائية لا يمكن لنا تجاهل الواقع القائم. وعملياً نحن نعيش ثلاثة شعوب في ثلاث دول: غزة، إسرائيل والضفة الغربية. والحوارات بين فتح وحماس لن تصمد لأن التحالف ليس ممكناً فعلياً بينهما».

وحذر ديسكين من الأعمال التي تقود إلى تصفية التيار الوطني الفلسطيني، أي فتح. وحسب كلامه فإن «هؤلاء أناس وقعنا معهم على اتفاقيات أوسلو. ومعنى ذلك أننا نقضي على طريق السلام الذي اختارته فتح قبل 18 عاماً، ولحظة لا تكون فتح لن يكون هناك من يملأ الفراغ سوى جماعة الأخوان المسلمين، أي حماس، التي تدخل في مكان هبّ فيه الربيع العربي. وأنا لا أعرف أناساً يريدون إدارة مفاوضات مع حماس. ولكن نحن نقود الأمور إلى هناك. (الرئيس محمود عباس) أبو مازن هو آخر المعتدلين».

واعتبر ديسكين أن عدم دمج العرب في إسرائيل في الحياة العامة هو أحد أعمق الشروخ في المجتمع الإسرائيلي بين الأغلبية اليهودية والأقلية العربية التي لا تحظى بالاهتمام المطلوب من جانب مختلف الحكومات. وقال إن «معظم حكومات إسرائيل لا تحبّ الانشغال بهذا الموضوع. وكرئيس سابق للشاباك أستطيع القول إنه عند عرض هذه المسائل على الجهات الحكومية، تتبدّى عدم الرغبة الحقيقية في الاهتمام بالأمر. بل إن مجرد إجراء نقاش حول موضوع عرب إسرائيل أمر قد يتطلب سنوات أحياناً». وشدّد على ضرورة أن تجد الحكومة سبيلاً للتعايش بين اليهود والعرب كمقدمة لتحقيق السلام مع الفلسطينيين.

وأضاف ديسكين أنه ليس بالوسع التوصل إلى سلام حقيقي مع الفلسطينيين. وأشار إلى «إذا كنا لا ننجح مع البدو، فكيف سننجح مع الفلسطينيين». وطالب بتخفيض سقف المطالب الإقليمية كشرط ابتدائي لاستئناف المفاوضات «إذ ينبغي علينا على الأقل أن ندير محادثات مع الفلسطينيين، مع فتح. وأن نحاول إجراء محادثات. ولا ينبغي لدولة إسرائيل أن تبيع نفسها بثمن بخس في هذه المحادثات. ولا ينبغي لها أن تتخلى عن الترتيبات الأمنية، التي ستبقى، ليس اليوم فقط، وإنما برؤية مستقبلية أيضاً لسنوات طويلة مقبلة. فهل هذا السلام سيتبدد أو يضعف جداً؟ هل كما حدث مع اتفاق السلام مع مصر؟ إذ لا يجب أن نكون في وضع أمني استراتيجي أدنى من قبل. ولكن في نظري لا بديل عن إجراء محادثات. فعدم إجراء محادثات، عدم فعل أي شيء، أو إضعاف أبو مازن لن يقربنا من وضع أفضل. إنه سيقودنا إلى مكان أسوأ مما نحن فيه، وينبغي رؤية الأمور ليس بين عشية وضحاها وإنما برؤية إلى الأمام».

السفير