الدولة الواحدة لن تقوم

بقلم: يوسي بيلين
وزير الخارجية الامريكي جون كيري يصل الينا غدا، وهذه المرة تقول الشائعات انه يحتمل أن ينجح في حمل الطرفين على الموافقة على بدء المفاوضات: محمود عباس (ابو مازن) سيتخلى عن استعداد اسرائيلي للتعاطي مع حدود 67، بنيامين نتنياهو يوافق بالمقابل على تحرير سجناء قدامى، ويتصرف بضبط للنفس غير رسمي في موضوع البناء في المستوطنات، غير أن هذه المحادثات قد تؤدي، بسرعة، الى طريق مسدود، اذا بقي هدفها الوصول الى اتفاق دائم، وان كان في بعض من المواضيع على جدول الاعمال (الحدود والترتيبات الامنية). فخيبة الأمل المحتمل تنطوي على خطر استئناف العنف وتعزيز الاقتراح القديم ـ الجديد لدولة واحدة.
اثناء زيارتي الى واشنطن الاسبوع الماضي سُئلت، لاول مرة بجدية، عن رأيي في موضوع الدولة الواحدة مقابل فكرة الدولتين. حين اجيب بان هذه فكرة هراء، يشرحون لي بانها تطرح من محافل جدية أكثر فأكثر، ولا سيما من الجانب الفلسطيني، ولكن ايضا من الجانب الاسرائيلي. فما يثير الاهتمام، كما يقول محاوري، هو أنه تطرحها شخصيات في اليمين وفي اليسار الاسرائيلي على حد سواء، ومن شخصيات من التيار المركزي في القيادة الفلسطينية. ويدعي اولئك ان نتنياهو غير مستعد لان يدفع ثمن السلام، عباس لا يمكنه أن يتحدث باسم غزة، كلاهما لا يتحمسان للتسوية الانتقالية، ولهذا فان منح الجنسية والحقوق الكاملة للفلسطينيين هو الحل الاكثر عملية.
معهد بحوث د. خليل الشقاقي سينشر هذا الاسبوع استطلاعا جديدا في أوساط الفلسطينيين، يظهر أن 30 في المئة بين المستطلعين أجابوا بالايجاب على سؤال اذا كانوا مستعدين لحل الدولة الواحدة، التي تعني، من ناحيتهم، ان يصبحوا مواطنين اسرائيليين. في الجانب الاسرائيلي يوجد للفكرة مؤيدون في كتلة الليكود (مثل روبي ريفلين وعصبة نواب الوزراء)، الى جانب الوزير السابق موشيه آرنس، بينما في اليسار الاسرائيلي كتب عن ذلك مؤخرا جدعون ليفي، ناهيك عن ميرون بنبنستي، حامل هذا العلم منذ سنوات عديدة.
الدولة المشتركة للفلسطينيين ولنا لن تقوم. طالما يقف على رأس حكومة اسرائيل زعيم صهيوني، فانه سيمنع وضعا تكون فيه اقلية يهودية تحكم الاغلبية الفلسطينية. وأقدر بان زعيما من معسكر الوسط اليسار سيفضل قطع مؤامرة الصمت بواسطة اتفاق سلام مع الفلسطينيين، بروح مبادئ كلينتون في العام 2000 ومبادرة جنيف في العام 2003، فيما أن زعيما من الوسط اليمين سيفضل عمل ذلك من خلال انسحاب اسرائيلي، من دون اتفاق، الى الجدار الذي بناه زعيم الليكود السابق ارييل شارون.
ولكن في هذه الاثناء تحظى الفكرة الشوهاء للدولة الواحدة بالزخم. فهي تصبح مثابة أهون الشرور التي يتعاطى معها الناس بجدية ومن شأنها أن تضعف من يحاولون ايجاد حل، بما في ذلك الادارة الامريكية. من يريد أن يمنع تعزز الفكرة يجب أن يبذل جهدا أعلى كي لا تكون جولة المحادثات التي ستبدأ قريبا فشلا آخر. الى الاتفاق الدائم ينبغي الوصول بطريقة متدرجة والاكتفاء في هذه المرحلة باقامة دولة فلسطينية سيادية في حدود مؤقتة. يمكن للطرفين أن يتعايشا مع هذا الأمر.