انتقاد إسرائيل لأمريكا بات صاخبا

بيروت: احتجت إسرائيل أمام الإدارة الأميركية على سلسلة التصريحات الأخيرة لمسؤولين أميركيين ضد هجوم عسكري إسرائيلي محتمل على المنشآت النووية الأميركية. وفي هذه الأثناء يزداد الضغط الأميركي على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لمنعه من مهاجمة إيران من دون موافقة أميركية. وذكرت «معاريف» أن الضغط على إسرائيل بلغ المستوى الرئاسي حيث إن الغاية من اجتماع باراك أوباما بنتنياهو بعد حوالى أسبوعين في واشنطن هو حسم هذه المسألة.

وأعلن البيت الأبيض، أمس، أن الوقت ما زال متاحاً لنجاح العمل الدبلوماسي مع إيران ومنعها من الحصول على سلاح نووي. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني عندما سُئل بخصوص الزيارات التي يقوم بها المسؤولون الأميركيون إلى تل أبيب إن «إسرائيل والولايات المتحدة تتفقان في الهدف وهو منع إيران من الحصول على سلاح نووي».

وتابع متحدثاً إلى الصحافيين ان «الوقت والمجال متاحان لنجاح العمل الدبلوماسي وتغيّر السلوك الإيراني تحت تأثير العقوبات».

وأشار المراسل السياسي لـ«هآرتس» باراك رابيد إلى أن كلا من نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك وعدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين قدموا احتجاجاتهم في حواراتهم مع مستشار الأمن القومي الأميركي توم دونيلون، الذي أنهى زيارة استغرقت يومين في إسرائيل. وشدد الإسرائيليون في احتجاجاتهم على أن التصريحات الأميركية ضد الهجوم الإسرائيلي على إيران «تخدم إيران».

ونقلت «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله: «لقد أوضحنا لدونيلون أن كل هذه التصريحات والتسريبات تخدم الإيرانيين. فالإيرانيون يرون أن هناك خلافا بين الولايات المتحدة وإسرائيل وهناك معارضة أميركية لعمل عسكري وهذا يخفف عنهم الضغط».

وأضاف هذا المسؤول المطلع على تفاصيل المباحثات مع دونيلون في إسرائيل أن نتنياهو وباراك «أعربا عن انزعاجهما» من المقابلة التلفزيونية لرئيس الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتين ديمبسي مع شبكة «سي إن إن» والتي قال فيها انه «ليس من الحكمة أن تقدم إسرائيل على مهاجمة إيران في هذه النقطة». وكان ديمبسي قد اعتبر أن هجوماً كهذا «يزعزع استقرار المنطقة».

واحتج المسؤولون الإسرائيليون كذلك على سلسلة تسريبات أميركية تحدثت عن احتمال هجوم إسرائيلي على إيران. وكان التسريب الأشد إغضابا لإسرائيل ذلك الذي نشرته شبكة «إن بي سي» قبل أسبوعين، وفصل خطط الهجوم على إيران بصواريخ «يريحو» وقوات كوماندوس وطائرات «إف ـ 15».

وأوضح مسؤول إسرائيلي أن الرسالة الإسرائيلية لدونيلون في كل اللقاءات التي جرت معه في إسرائيل هي وجوب زيادة الضغط على إيران، خصوصا إذا كانوا معنيين بمنع نشوء وضع يستدعي استخدام القوة. وقال «لقد أوضحنا له أنه إذا لم نكثف الضغط على الإيرانيين الآن فربما نصل إلى وضع تتحول فيه مسألة كيف حصلت إيران على سلاح نووي إلى موضوع لنقاش المحللين والمؤرخين».

ومن المقرر أن تتواصل المباحثات الإسرائيلية الأميركية بشأن إيران غدا الخميس بوصول رئيس الاستخبارات القومية جيمس كلابر للتباحث مع قادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. ويشاع أن زيارة كل من دونيلون وكلابر لإسرائيل تمت تحضيراً للقاء أوباما بنتنياهو بعد أسبوعين في واشنطن.

واعتبرت «معاريف» أن الضغط الأميركي على إسرائيل يصل قريبا إلى المستوى الرئاسي بعد إنهاء دونيلون زيارته وبعد أن تنتهي مهمة كلابر. وقالت إن الغاية من لقاء أوباما بنتنياهو في الخامس من آذار المقبل هي حسم الموقف من إيران.

وأشارت إلى أنه بعد الرسائل الأميركية الحازمة بشأن إيران التي أوصلها دونيلون وديمبسي، حان دور المستوى الأعلى: الرئيس أوباما نفسه.

وذكرت «يديعوت أحرونوت» أن الإدارة الأميركية قلقة جدا من احتمال أن تهاجم إسرائيل إيران من دون تنسيق معها، وأن هذه هي المسألة المركزية في الاتصالات بين الحكومتين. وتريد أميركا من إسرائيل أن تنتظر رؤية نتائج العقوبات التي تفرضها الأسرة الدولية على إيران».

وكان باراك قد تناول العلاقات الأميركية الإسرائيلية في حديث له أمام أعضاء كتلته، «الاستقلال»، في الكنيست. وقال إن المباحثات مع دونيلون «غطت بشكل واسع طيفا من المواضيع ذات الصلة بالعلاقات الثنائية بيننا، وفي جملة مواضيع مدرجة على طاولة البحث في المنطقة». وأضاف أن «العلاقات عموما، والعلاقات الأمنية خصوصا مع الولايات المتحدة، ممتازة ومركزية لقوتنا. ومع ذلك، فإن هذا حوار يبرز فيه الانفتاح، الاحترام المتبادل والتفهم والإصغاء، وفي نهاية المطاف نعرف أن الأمر يتعلق بدولتين صديقتين جدا وصلاتهما عميقة، وازدات عمقا في عهد الإدارة الحالية».

وأشار باراك إلى أن «المسألة الإيرانية وعلامات الاستفهام بشأن احتمال مهاجمة إسرائيل لإيران تشغل ليس فقط بال الإدارة الأميركية التي ترسل مبعوثين كباراً إلى إسرائيل تقريبا في كل أسبوع لقياس موقف إسرائيل بهذا الشأن، وإنما الكونغرس أيضا».

من جانبه علق بن كسبيت في «معاريف» على الدراما القائمة في العلاقات بين إسرائيل وأميركا بشأن إيران فكتب: «على جدول الاعمال: الصيف المقبل الذي يمكن ان يشعل الشرق الاوسط كله، وآبار النفط فيه، ويدفع الى انهيار الاقتصاد العالمي معه. القاطع المذهل هو أن كل هذا، والذي يجري عامة في الغرف المغلقة للدبلوماسية، يحصل هذه المرة أمام الميكروفونات والكاميرات. للحظات يخيل أننا في فيلم حركة هوليوودي خيالي، ولكن هذا ليس فيلماً، إنه الواقع الذي لا يدرك، والذي تجري فيه مداولات حثيثة حول احتمالات الهجوم في ايران، نعم أم لا، حول التقديرات الاستخبارية المتضاربة، توجد أم لا توجد، ولي الذراع الدبلوماسية بين القوة العظمى وحليف عاق، كل شيء مكشوف، كل شيء علني، كله في زمن ذروة المشاهدة ، ولا مخرج يصرخ «قف» فيعيد الجميع الى السكة التي نزلوا عنها».

السفير