صواريخ سيناء تضع إسرائيل أمام تحدٍّ أمني معقد

بقلم: عمير ربابورت

بمعانٍ عديدة، فإن اطلاق الصواريخ من سيناء نحو إيلات هو تحدٍ أمني معقد على نحو خاص من ناحية اسرائيل، واشكالي حتى أكثر من الصواريخ من قطاع غزة نحو النقب الغربي.

نبدأ بموضوع الهدف: ايلات مدينة استجمام، تجتذب كل سنة مئات الاف الاسرائيليين والسياح من خارج البلاد. ويأتي المستجمون كي ينسوا الاخبار والمشاكل اليومية. وتواتر حالات النار عليها من شأنه ان يوجه ضربة موت اقتصادية للمدينة. اشكالية أخرى هي حقيقة انه من الصعب خلق ردع يؤدي الى وقف النار من الاراضي المصرية. فمن اجل تحقيق مثل هذا الردع ينبغي خلق تهديد ما على الطرف الاخر، مثل الثمن الذي دفعته "حماس" خلال حملة "عامود السحاب" لقاء إطلاق النار على الأراضي الإسرائيلية.

غير أنه في سيناء بات حتى الجيش الاسرائيلي نفسه يسميها "منطقة غير محكومة". فليس هناك من يمكن تهديده: إسرائيل تمتنع عن العمل في الاراضي المصرية كي لا تعرض للخطر اتفاق السلام الذي أصبح هشاً بعد سقوط حكم مبارك.

وفي أرجاء سيناء تعمل منذ فترة طويلة عشرات الجماعات المتماثلة مع منظمات "الجهاد العالمي"، مثل المجموعة التي أخذت على عاتقها المسؤولية عن اطلاق النار، أول من أمس. ورجال الأمم المتحدة المسؤولون عن فرض اتفاقات السلام يختبئون فزعين داخل قواعدهم. وتتلقى قوات الشرطة المصرية وسائل تكنولوجية كمساعدة من الولايات المتحدة، ورغم ذلك فان ايديها قصيرة. فبين رجال "الجهاد العالمي" في سيناء وجماعات الجهاد من قطاع غزة توجد صلة، من خلال الانفاق تحت الارضية ووسائل الاتصال على أنواعها.

لقد تم اطلاق النار، أول من أمس، بصاروخي غراد من عيار 122 ملم. وهذا لم يكن مفاجئا بالنسبة لاسرائيل – اخطار عن اطلاق النار نحو ايلات كان السبب في نقل بطارية قبة حديدية الى المدينة منذ الشهر الماضي. ولكن البطارية لم تستخدم، أول من امس. ويبدو ان حالة التأهب خفضت بقدر ما بالذات في هذا الوقت: احد الصاروخين اللذين اطلقا نحو ايلات سقط في حي سكني حيث كان سيطلق صاروخ اعتراضي له لو كانت المنظومة تعمل اثناء تنفيذ اطلاق النار. والاسباب الكاملة لعدم تفعيل المنظومة محفوظة لدى سلاح الجو.

رغم كل شيء، يبدو أنه في المدى القصير لا تعد النار، أول من أمس، مؤشرا الى بداية هجمة مكثفة على ايلات. ففي السنة الماضية نفذ تجاها ما لا يقل عن ثلاث حالات من اطلاق النار. ونار أول من أمس ايضا ستنسى في غضون وقت قصير، وستعود المدينة الى حياتها الطبيعية بعض الشيء. ضرر شديد للغاية سيلحق فقط عندما تزداد وتيرة النار وتقع اصابات في المدينة، لا سمح الله.

نقطة تفاؤل حذر اخرى: خلال الاشهر الاخيرة، ولا سيما بعد حملة "عامود السحاب"، بدا واضحا وجود استعداد عال نسبيا للقوات المصرية لمحاولة بسط نفوذها السيطرة في ارجاء سيناء.

ثمة احتمال بأن تنتهي الفوضى، وان كان طفيفا، ولكن الاعمال بالحد الادنى على الاقل تجعل النار نحو اسرائيل صعبة. ثمة ضغط شديد على القيادة المصرية من جانب الولايات المتحدة "لعمل شيء ما"، وهي تشعر بانها ملزمة اكثر بالحفاظ على الهدوء، بسبب الدور الذي منح لها كمسؤولة عن تطبيق وقف النار بين "حماس" والجيش الاسرائيلي.

المؤكد هو أنه في الفترة القريبة القادمة لن يطفئ سلاح الجو مرة اخرى أزرار التشغيل لمنظومة "القبة الحديدية".