ينبغي عدم وصم جمهور كامل بالتحريض

بقلم: درور إيدار
قيل سلفا إن تدنيس حرمة يوم المحرقة على أي نحو من الأنحاء أمر بالغ الشدة ومغضب يجب الاحتجاج عليه، بل إن المخالفة في الظاهر محرمة في الشريعة اليهودية، وإن تبين أن الشخص لم يكن يقصد فكيف المس بيوم يتحد فيه الشعب وذكرى أكبر كارثة في تاريخنا.
ومع كل ذلك فان ما فعلته صحيفة "يديعوت احرونوت" لم يكن أقل من تحريض. ففي ليل يوم المحرقة "ضبط" ناحوم برنياع عشرات الحريديين "يشوون اللحم على النار" في حديقة ساكر. ليس هذا صالحا بل إنه مغضب لكنه لا يدين الجمهور الحريدي كله، لكن لا عند "يديعوت احرونوت" التي اختارت ان تشوي الحريديين على النار.
على الصفحة الاولى من العدد الخاص عنوان صحفي صارخ بالأحمر يقول: "عار– حريديون احتفلوا مع المناقل في القدس". إننا أصيلون – فلا نأتي بحريديين لا يقفون عند الصافرة بل بحريديين يحتفلون مع المناقل. وفي رأس الصفحة التي خصصت للقضية خرقة ثوب صفراء وتحتها سلك شائك. وصيغت صورة شواة اللحم على المناقل مثل صورة قديمة منذ ذلك العهد. والعنوان الصحفي أصفر ايضا يقول: "طقوس في يد واسم – وعلى النار في حديقة ساكر. ليقول إننا اجتمعنا في يد واسم لكن "هم لم يفعلوا". من أين جاء الشباب والى أي فصيلة ينتمون، وهل يمكن التفريق بينهم وبين آخرين؟ لا تقدم صحيفة "يديعوت" معلومات فهي لا تحتاج الى معلومات بل الى شيطان وكبش فداء. وصاحب النبأ العمود الصحفي لبرنياع الذي ربط بين دخان المنقل ودخان المحارق. وكان حكيما بما يكفي لفعل ذلك بلغة السلب: "كان الدخان رماديا كثيفا. ولم يكن للدخان أية صلة بيوم المحرقة"، فكدنا نعتقد خلاف ذلك.
وهنا يأتي التسلط وهو ساكن دائم عند برنياع فيقول: "ما جاءوا ليتحدوا طقوس آخرين وحدادهم وكارثتهم.. لأن أسوار الغيتو التي بنيت حولهم حجبت عنهم كوارث الآخرين وحدادهم وطقوسهم"، ألا يحدوا الحريديون على من قتلوا في المحرقة؟ أوليست كارثة المحرقة كارثتهم؟ وماذا عن التعبير المجازي "أسوار الغيتو"؟ واليكم درة مسمومة اخرى: "إن يوم المحرقة هو "الميمونة" لهؤلاء الحريديين". وهذا بليغ (وفي الطريق عنصرية خفية: فالمناقل متصلة بميمونة فقط).
ولزيادة الوقود على موقد ادعاء البر، اقتبس برنياع من كراسة حمقاء تعيد كتابة التاريخ وتتهم الصهيونية بالمحرقة. ولا توجد معلومات مرة اخرى عن الجهة التي تقف وراء الكراسة. ويعرف المختص بالاختلافات بين الحريديين هذه الفروق في الهوامش. والى جانب النبأ قصيدة لشمبورسكه "هتلر الصغير" (وليست هي من أفضل قصائدها) مع صورة الولد اليهودي الذي يرفع يديه أمام النازيين. إن هؤلاء الحريديين قساة.
واليكم سبقا صحفيا: فقد تحدث مراسل موقع "يديعوت" (واي نت) في برنامج لبسكيند وسيغال في "صوت اسرائيل" عن ان مصوريه صوروا واحدا من المشاهير يتسفع على الشاطئ في يوم المحرقة واحتاروا هل ينشرونها، ولم ينشروها في نهاية الامر فهو ليس حريديا.
من هو البطل؟ سأل حكماؤنا وأجابوا انه الذي يحكم غريزته. إن من يرى إخوته من أبناء شعبه في فسادهم ينبغي له ان يحكم غريزته ولو يوما مقدسا واحدا فقط. فيمكن نشر النبأ بعد يوم المحرقة بحروف صغيرة من غير خرقة صفراء وقصائد عن هتلر. وينبغي عدم التفريق في اليوم الموحد وعدم التحريض على جمهور كامل – ليست له – صلة بهذا العمل المهين. وهو ما لا يمكن ان نقوله عن صحيفة "يديعوت احرونوت"