سجال قانوني حول الرئيس رئيس الوزراء
زمن برس
رام الله: بعد توصل حركتي فتح وحماس إلى اتفاقٍ مبدئي للمصالحة في الدوحة، فوجئ الفلسطينيون بخبر التوافق على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ليكون رئيساً لوزراء الحكومة الانتقالية التي ستعد للانتخابات، المفاجأة لم تكن من منطلق التأييد أو الرفض لشخص الرئيس، ولكن كانت من منطلق التساؤل حول شرعية تولي رئيس السلطة منصب رئيس الوزراء، فهل يعتبر هذا الأمر قانونياً؟ أم أنه كان الحل الوحيد للخروج من أزمة الانقسام؟.
التداخل ما بين صلاحيات منصب رئيس السلطة ورئيس مجلس الوزراء، هو ما تحدث عنه المحامي غاندي ربعي مدير دائرة السياسات والتشريعات في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، الذي قال بأنه لا يجوز وفقاً للقانون الأساسي الجمع بين المنصبين؛ مؤكداً أن المعالجة لموضوع الانقسام تمت بشكل سياسي غير قانوني، مضيفاً أن " مسألة الانقسام كلها كانت مخالفة للقانون الأساسي، فكان هناك حكومتان ومجلسان للقضاء الأعلى، ونائب عام في الضفة وآخر في غزة وكان الوضع استثنائيا، الحل في بعض الأحيان لا يكون قانونيا لأنه إذا فكرنا بالحلول القانونية لما هو استثنائي سنكون بحاجة لاستثناء قانوني ."
ورداً على من يقولون بأنه لا يوجد نص قانوني يمنع تولي رئيس السلطة لمنصب رئيس الوزراء قال ربعي إن " هناك حجة تقول إنه لا يوجد ما يمنع، والأصح هو أنه لا يوجد ما يسمح، ففي القوانين الإدارية وبناء السلطات؛ السلطة مجبرة على تنفيذ نصوص القانون، وعدم وجود النص لا يعني أنه يحق القيام بما لم ينص عليه."
يرى المحلل السياسي هاني المصري في مسألة تولي رئيس السلطة لمنصب رئيس الوزراء ضربا لمسألة الفصل بين السلطات، لأنه سيتم تركيز السلطات في يد شخص واحد، وهذا ما وصفه المصري بالخطأ الكبير والتناقض؛ "لأن القانون الأساسي ينص على ضرورة وجود رئيس للحكومة مكلف من الرئيس حتى يقوم بمهامه" .
وفي ذات الوقت قال المصري إن التوافق على شخصية الرئيس جاءت تماشياً مع الضغوط الدولية التي تطالب بأن يكون رئيس الحكومة ملتزما ببرنامج سياسي يقر بشروط اللجنة الرباعية، والاتفاقيات الملزمة مع إسرائيل، على الرغم من أن إسرائيل لا تلتزم بأي اتفاقات . ولكن المصري تسائل " الآن إذا كان الرئيس سيشكل الحكومة، كيف ستحصل هذه الحكومة على الثقة أو حجب الثقة من البرلمان؟ لأن الرئيس منتخب من الشعب وأي حجب للثقة من الحكومة سيعني تناقضاً مع حقيقة أن الرئيس منتخب."
وبالحديث عن إمكانية قيام المعارضين لتولي أبو مازن منصب رئيس الوزراء بالطعن في هذا القرار، رأى د.عزمي الشعيبي المنسق العام للائتلاف من أجل المسائلة والنزاهة " أمان " أن الطعن في هذا القرار يكون فقط في المحكمة الدستورية وليس في أي مكان آخر، ولكن ليس من المضمون أن المحكمة الدستورية ستبت ببطلان هذا القرار؛ لأنه لا يوجد أي نص دستوري واضح يدلل على ذلك، وأضاف أنه "لم يتم وضع أي مواد في القانون الفلسطيني تجيز أو لا تجيز تولي الرئيس لمنصب رئيس الوزراء، ولكن رئيس الوزراء مسؤول أمام المجلس التشريعي، ورئيس السلطة غير مسؤول أمام التشريعي، وبقبول الرئيس أبو مازن لتولي منصب رئيس الوزراء يكون قبل بذلك أن يكون مسؤولا أمام المجلس التشريعي بالرغم من أنه منتخب وهذا تنازل عن جزء من الحصانة التي يتمتع بها كرئيس."
وعلى مقربة رأى مدير مؤسسة الحق " القانون من أجل الإنسان " شعوان جبارين أنه يجب في هذه المرحلة تحديدا تفعيل المجلس التشريعي، مضيفاً أنه لا يمكن لأحد أن يتفهم استمرار تعطيل المجلس التشريعي بصفته المؤسسة التي يمكن أن تساعد بالشكل الأكبر في تحقيق المصالحة الفلسطينية، وتابع جبارين "إن استمرار تعطيل التشريعي يضع أسئلة كثيرة حول جدية السعي في موضوع المصالحة" .
وبعيدا عن السجال القانوني حول شرعية تولي الرئيس منصب رئيس الوزراء وطبيعة الرقابة الممارسة على دوره الحكومي، يستمر الجدل الشعبي وعلى صفحات المواقع الاجتماعية ويأخذ في كثير من الأحيان شكل سخرية أو تهكّم، بعد الوصول إلى اتفاق الدوحة بعد سنوات من الانقسام، ويبدو تعدد مناصب ومهام الرئيس محمود عباس مثار النقاش أو التهكم الأبرز على الأقل فيسبوكيا.