الاحتجاجات في أستراليا تفجر النقاش حول "صورة إسرائيل في العالم"

الاحتجاجات في أستراليا تفجر النقاش حول "صورة إسرائيل في العالم"

زمن برس، فلسطين:  كرّست القنوات الإسرائيلية ساعات بث مطولة لمناقشة التظاهرات التي عمّت المدن الأسترالية ضد حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، وذلك في إطار ما سُمّي بـ"يوم الغضب" الذي دعت إليه حركات تضامنية بهدف الضغط على الحكومة الأسترالية لفرض عقوبات على "إسرائيل".

المسؤولون الإسرائيليون يعترفون بأن التظاهرات تكشف تراجع دعم العالم لإسرائيل وتفاقم أزمة صورتها الدولية بسبب الحرب على غزة.

في هذا السياق، قال شالوم بن حنان، المسؤول الكبير السابق في جهاز المخابرات الإسرائيلية "الشاباك"، في حديث للقنوات العبرية: "إننا نشهد تظاهرات بحجم مختلف، وهذا المشهد من الصعب أن نصدق حدوثه. والمصطلحات المستخدمة يمكنني القول إنها مصطلحات عربية فلسطينية ’يوم غضب‘. لقد اعتدنا أن يكون ’يوم الغضب‘ هنا.. لكن الآن هناك ’يوم غضب‘ في أستراليا. يجب القول إن على العالم أن يقلق من هذه المشاهد، فهي لا تمس إسرائيل واليهود فقط، بل قد تلتقي مع ظواهر أخرى مرتبطة بما سماه الإسلام المتطرف، ولن تتوقف عند هذا الحد".

أما الكاتب بن درور يميني من صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فقد ربط في مقابلة مع القناة 13 بين تدهور صورة "إسرائيل" واستمرار الحرب على غزة، قائلاً: "كل يوم تستمر فيه الحرب هو يوم خسارة لدولة إسرائيل. نحن بالفعل في مقاطعة جزئية: أكاديمية بشكل كامل، وثقافية فنية بشكل كامل، وما تبقى لكسر إسرائيل هو المقاطعة الاقتصادية. العقوبات تقترب وتحدث بالفعل. كفى! كفى!".

من جانبه، توقع عاموس مالكا، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية، عبر القناة 12:"سنواجه ضغوطًا دولية كبيرة، ولا أعرف إن كان بإمكاننا وحدنا تحييدها. الولايات المتحدة وحدها هي القادرة، وإن تدخلت، فهذا يعني أننا سنضطر أن نقدم لها شيئًا تقبل به".

وفي حديث للإذاعة الرسمية "كان"، انتقد داني زكين، القائد السابق لإذاعة الجيش، صورة "إسرائيل" في الإعلام الغربي قائلاً: "تغطية وسائل الإعلام الأجنبية بمعظمها مضللة وتقدم إسرائيل على أنها ’جرباء‘ وترتكب أشياء مريعة. عندما يرى الأوروبيون والأميركيون صور الأطفال في غزة كل يوم، فإن ذلك يثير موجة خطيرة من معاداة السامية، وهذه الأضرار ستبقى معنا لسنوات".

وشاركت عمانويل إلباز-فيليبس، مراسلة مجلة "لو بوان" الفرنسية، في نقاش مع القناة 12 قائلة: "المشكلة ليست في الرواية الإسرائيلية بل في الواقع الميداني. إذا قررت إسرائيل دخول مدينة غزة وتهجير ما بين 800 ألف إلى مليون فلسطيني، فهذا حسب القانون الدولي جريمة حرب".

كما لفتت المراسلة العسكرية في قناة "كان"، كارميلا منشيه، إلى محدودية تأثير الخطاب الإسرائيلي أمام صور الضحايا المدنيين: "حتى لو كنت أفضل متحدث، لكن عندما نرى صور أطفال جائعين ومشردين فإن النتيجة كارثية. طفل في مواجهة دبابة سيبدو سيئًا أمام العالم، ولن تساعدنا أي رواية".

وفي السياق ذاته، تحدثت أورلي فيلنائي، الصحفية والناشطة الاجتماعية، للقناة "كان" عن أجواء الخوف وسط الإسرائيليين في الخارج: "في الولايات المتحدة لا تسمع العبرية في الشارع، فالناس خائفون جدًا من كشف هويتهم. هذه الموجة ليست معاداة للسامية، بل معاداة لإسرائيل تحديدًا".

أما إيلان لوتان، الضابط الكبير السابق في "الشاباك"، فقد هاجم عبر قناة "كان" الأميركيين الذين يخلطون بين الإسرائيليين واليهود: "السؤال حول تفاهة الذين لا يعرفون كيف يميزون بين شخص إسرائيلي وشخص يهودي". ليعقب عليه موشيه شولا نسكي، القائد السابق لإذاعة الجيش، قائلاً: "لا تقل تافه، هؤلاء هم كل النخب الأوروبية. هناك شعور ضخم معاد لإسرائيل في العالم، وسيبقى معنا عشرات السنوات. مصيرنا في العالم اليوم معلق بشخص واحد اسمه ترامب".

وفي الاتجاه ذاته، ظهر دافيد فورير، القيادي في حزب الليكود، عبر قناة "كان" داعيًا الإسرائيليين إلى استبدال السياحة الخارجية بجولات في الضفة الغربية:"إذا كانوا أصلاً يكرهونك ويعادونك، فأنا أدعو الناس إلى السياحة في دولة إسرائيل".

بينما حذر ياريف أوبنهايمر، السكرتير السابق لحركة "السلام الآن"، عبر القناة 12 من تداعيات دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة: "عندما تدخل وسائل الإعلام الدولية إلى غزة سنواجه موجات ضخمة من الإدانة وأسئلة قاسية جدًا حول استخدام القوة في منطقة مأهولة بالسكان المدنيين".

ومن زاوية أخرى، رأى إيهود باراك، رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، في مقابلة مع القناة 12 أن إسرائيل تدفع ثمنًا باهظًا لاستمرار الحرب: "انهيار دعم إسرائيل في الولايات المتحدة والعالم، وإذا سيطرنا على مليوني فلسطيني في غزة فسوف يكلفنا ذلك بين 50 إلى 100 مليار شيقل سنويًا دون أي مكسب".

أما جلعاد أردان، المندوب الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة، فقال للقناة 12: "ما نراه ليس مجرد تظاهرات، بل خطوات ميدانية. علينا أن نتذكر أن ما يحدث في الجامعات اليوم هو حرب على قلوب وعقول القادة المستقبليين للعالم الغربي".

وفي القناة 13، حمّل غيل تماري، معلق الشؤون الخارجية، المسؤولية لوزير الخارجية جدعون ساعر: "إسرائيل تكاد تكون دولة منبوذة في العالم. حتى أفضل أصدقائنا كألمانيا وإيطاليا يريدون اتخاذ خطوات ضدنا".

وعزز هذا الموقف باروخ كرا، المحلل السياسي في القناة نفسها، قائلاً: "الوزير جدعون ساعر أدرك أنه لن يكون أبا إيبان، فاختار أن يصبح ضابط علاقات خارجية يفرض عقوبات وصفعات دبلوماسية، بدل أن يكون رجل دبلوماسية حقيقي".