إسرائيل تصعّد للضغط على حماس وتتمسك بخرائط الانسحاب

زمن برس، فلسطين: في الوقت الذي تؤكد فيه حركة حماس أنها تبذل "كل الجهود" لإنهاء الحرب ووقف المجاعة في قطاع غزة، اتهمت تل أبيب الحركة بـ"المماطلة" في الرد على المقترحات المقدّمة بشأن صفقة التبادل، فيما أشارت. التقارير الإسرائيلية إلى أن توغل الاحتلال في دير البلح جاء للضغط ميدانيًا على الحركة، وسط تهديدات إسرائيلية بسحب وفدها من الدوحة.
من جانبها، أكدت حماس، مساء الإثنين، أنها تبذل "كل الجهود والطاقات على مدار الساعة لإنهاء المعاناة المتفاقمة" في قطاع غزة، معتبرة أن ذلك "يشكّل أولوية قصوى لقيادة الحركة في تحرّكها المتواصل مع الوسطاء، والدول، وكافة الجهات المعنية".
وشددت الحركة، في بيان صدر عنها، أن جهودها تهدف إلى "وقف المجاعة ووقف هذه الحرب الإجرامية"، على حدّ وصفها. وأضافت الحركة أن الاحتلال "يمارس الابتزاز من خلال ارتكاب المجازر بحق أبناء شعبنا".
وقالت إن جرائم الاحتلال تأتي ضمن "محاولة يائسة لانتزاع مواقف لم يتمكّن من فرضها على طاولة المفاوضات"، وشددت على أنها "ماضية بمسؤولية وعقلانية، وبأقصى سرعة ممكنة، في استكمال المشاورات والاتصالات مع القوى والفصائل الفلسطينية".
وأشارت الحركة إلى إن الهدف من هذه الجهود هو "الوصول إلى اتفاق مشرّف يفضي إلى وقف العدوان، وإنهاء الإبادة الجماعية، وتحقيق أهداف شعبنا في الإعمار، ورفع الحصار، وضمان حياة كريمة لأهلنا في قطاع غزة".
ووفق ما نقلته القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر مطلعة، مساء الإثنين، فإن "الفجوات ما تزال كبيرة"، ورجّحت أن تمتد المفاوضات أسبوعين إضافيين على الأقل، حتى في حال تسلّم الوسطاء ردًا يُعتبر "معقولًا" من "حماس".
وذكرت القناة أن الحركة لم تردّ بعد على الصيغة المحدّثة التي قدمها الوسطاء الأسبوع الماضي، مرجحة أن يكون الرد "نعم، ولكن". ونقلت عن مصدر مطّلع أن استمرار هذا المسار قد يدفع إسرائيل إلى سحب وفدها من الدوحة، ما يعني فعليًا انهيار المحادثات.
وبحسب التقرير ذاته، فإن حماس ترفض حتى الآن مناقشة أي بنود إضافية، وخصوصًا قضية الأسرى، قبل حسم مسألة الانسحاب العسكري الكامل من مناطق التوغّل، وتشترط انسحابًا كاملاً إلى ما قبل انهيار التهدئة في آذار/ مارس الماضي.
أما في ما يخص ما وصفته بـ"التنازلات الإسرائيلية"، فأشارت القناة إلى قبول مبدئي بتمركز الجيش الإسرائيلي في منطقة لا تتعدى 1.5 كيلومتر شمال محور صلاح الدين (فيلادلفيا)، بدلًا من مطلب سابق بالسيطرة على 5 كيلومترات.
كما وافقت إسرائيل على إبقاء قواتها ضمن شريط عازل لا يتجاوز كيلومترًا واحدًا على الحدود. ورغم ما وصفه التقرير بـ"المرونة في معادلة التبادل"، إلا أن التقديرات الإسرائيلية ترى أن أي تقدم فعلي مرهون بأسابيع إضافية من التفاوض.
إسرائيل تصعّد للضغط على حماس وتتمسك بخرائط الانسحاب
وعلى صلة، أشارت التقارير الإسرائيلية، مساء الإثنين، إلى أن المفاوضات في الدوحة بشأن صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق النار، تشهد جمودًا في ظل "مماطلة" الحركة في الرد على المقترَح المعروض، فيما تسعى إسرائيل إلى تعزيز الضغط العسكري لدفع المفاوضات قدمًا.
ونقلت هيئة البث العام الإسرائيلية ("كان 11") عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن إسرائيل "لن تتنازل أكثر في ما يتعلق بخريطة الانسحاب العسكري المقترحة خلال فترة التهدئة، وعلى حماس أن تقبل بها كي يتم التوصل إلى وقف إطلاق نار".
وبحسب القناة، بدأت قوات الاحتلال خلال الساعات الماضية تنفيذ توغل بري في مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، للمرة الأولى منذ بدء الحرب، وذلك رغم التقديرات الإسرائيلية السابقة التي امتنعت عن التوغل في محيط المخيمات خشية وجود أسرى.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن القوات الإسرائيلية "تعمّق التوغل البري وتخوض اشتباكات داخل دير البلح"، مضيفة أن "مقاتلي حماس يرزحون تحت ضغط متزايد ويُدفعون إلى خارج المناطق التي يسيطرون عليها".
محادثات بلا لقاءات مباشرة وضغوط أميركية على تل أبيب
وبحسب القناة 13 الإسرائيلية، فإن أعضاء الوفد الإسرائيلي أجروا، اليوم الإثنين، محادثات مع الوسطاء في الدوحة دون عقد أي "لقاءات تقارب" مع الجانب الفلسطيني. وبحسب مصادر مطلعة، فإن حماس لم تقدّم بعد ردها على المقترح.
وأشارت إلى ما وصفته بـ"خلافات داخلية" في صفوف الحركة، على حد تقدير القناة، رغم ما وصفته بـ"تنازلات إسرائيلية جوهرية" تتصل بخريطة الانسحاب خلال التهدئة المقترحة والتي قد تصل إلى 60 يوما.
ونقلت القناة عن مصدر إسرائيلي أن "المفاوضات تمر بمرحلة صعبة، ولا نشهد أي تقدم فعلي"، لافتًا إلى أن إسرائيل باتت تشك في إمكانية إبرام الصفقة خلال الأسبوع الجاري. واعتبر التقرير أن أحد المؤشرات على ذلك هو عدم انضمام المبعوث الأميركي، ستيف وِيتكوف، إلى المباحثات حتى الآن، في حين يُرجّح أن يتم ذلك فقط في حال حدوث "اختراق ملموس".
في المقابل، ذكرت مصادر فلسطينية أن "أي مرونة إضافية من جانب إسرائيل في ما يخص الخرائط يمكن أن تسرّع الوصول إلى اتفاق". وأشارت إلى وجود "ضغط أميركي على إسرائيل لإبداء ليونة في مسألة الانسحاب من غزة"، من دون تقديم تفاصيل إضافية.
وأفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" (واينت) بأن إسرائيل والوسطاء لا يزالون ينتظرون الرد الرسمي من حماس، في حين اتهمت مصادر إسرائيلية الحركة بـ"المماطلة ومحاولة تعظيم شروط الصفقة، ما يعيق إحراز تقدم"، بحسبها.
وأضاف مصدر مطلع: "نحن في نفس النقطة، لم يتحقق أي تقدم"، مشيرًا إلى أن "استمرار التأخير" من جانب حماس يزيد الشكوك الإسرائيلية في إمكانية التوصل إلى اتفاق قريبًا.
وفي ظل هذه الأجواء، نقلت القناة 13 عن مصدر إسرائيلي قوله إنه طرأ "تقدم ما" في قضية قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم ضمن الصفقة، وإن تمّ التوصل إلى اختراق أكبر فقد يُكلَّف الوزير رون ديرمر، المقرّب من رئيس الحكومة، بالتوجه إلى الدوحة للمشاركة في الجولة النهائية، رغم أن القرار لم يُتخذ بعد.
من جهتها، عبّرت مصادر مصرية عن "إحباط متزايد" من مسار المفاوضات، ووصفت العملية بأنها "حلقة مفرغة"، في ظل أزمة ثقة بين الأطراف. وذكرت المصادر أن الوضع في غزة "كارثي"، محذّرة من أن "كل يوم إضافي من دون تهدئة يزيد من حجم الكارثة"، وطالبت واشنطن بالتدخل العاجل للضغط على إسرائيل من أجل تسهيل دخول المساعدات.
وفي موازاة ذلك، علّقت 25 دولة على الأوضاع في القطاع برسالة مشتركة طالبت بوقف فوري للحرب وضمان تدفّق المساعدات الإنسانية، متهمة إسرائيل بتجويع السكان ومنع وصول الغذاء والماء، ومحذّرة من أن "نقل السكان إلى مناطق إنسانية بديلة" يعد "خرقًا للقانون الدولي".
وفي تل أبيب، علّق نشطاء مطالبون بعودة الأسرى لافتات ضخمة على مدخل مكتب نتنياهو، كتبوا عليها: "نُنهي الحرب الآن! نعيد الجميع إلى البيت!"، مؤكدين أن "غالبية الشعب تريد إنهاء الحرب وعودة الأسرى، وعلى رئيس الحكومة أن يقود عملية التعافي بدلًا من التحريض".