مجزرة موثّقة تفضح رواية الاحتلال: قتل المسعفين في غزة رغم أضواء الطوارئ على سيارات الإسعاف

زمن برس، فلسطين: نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، اليوم السبت، تقريرا مستندا على مقطع فيديو مُصوّر تم استخراجه من على هاتف أحد المسعفين الذين عُثر عليهم مع 14 من عناصر الإغاثة الآخرين في مقبرة جماعية في غزة في أواخر آذار/ مارس 2025.
ويُظهر المقطع أن سيارات الإسعاف وشاحنة الإطفاء التي كانوا يستقلّونها كانت مميزة بوضوح، وكانت أضواء الإشارة الطارئة فيها مضاءة، عندما استهدفتها قوات الاحتلال بوابل من الرصاص، خلافا لمزاعم جيش الاحتلال.
وقال مسؤولون من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في مؤتمر صحافي يوم الجمعة في الأمم المتحدة، تولّى تنظيمه الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، إنهم قدموا التسجيل، الذي تبلغ مدته قرابة سبع دقائق، وحصلت عليه صحيفة "نيويورك تايمز"، إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وزعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في وقت سابق من هذا الأسبوع، إن القوات الإسرائيلية لم "تهاجم سيارة إسعاف بشكل عشوائي"، بل إن عدة مركبات "تم التعرف عليها وهي تتقدم بشكل مريب" دون أضواء أمامية أو إشارات طوارئ نحو القوات الإسرائيلية، مما دفعهم إلى إطلاق النار، وهو ما فضحه الفيديو الموثّق للجريمة.
وتحققت الصحيفة من موقع وتوقيت الفيديو، الذي تم تصويره في مدينة رفح الجنوبية، في وقت مبكر من صباح 23 آذار/ مارس. ويُظهر الفيديو، الذي تم تصويره من داخل مقدمة مركبة متحركة، قافلة من سيارات الإسعاف وشاحنة إطفاء، كانت مميزة بوضوح، بأضوائها الأمامية وأضواء التحذير البارزة، وهي تسير جنوبًا على طريق شمال رفح في وقت الصباح الباكر.
يُرى عناصر من الدفاع المدني، لا يقل عددهم عن اثنين، وهم يرتدون الزي الرسمي، يخرجون من شاحنة الإطفاء وسيارة إسعاف تحمل شعار الهلال الأحمر، ويتجهون نحو سيارة الإسعاف المنحرفة إلى جانب الطريق. ثم، تبدأ أصوات إطلاق نار كثيف. ويُرى ويُسمع في الفيديو وابل من الرصاص يصيب القافلة.
تهتز الكاميرا، ويُصبح الفيديو مظلمًا. لكن الصوت يستمر لمدة خمس دقائق، ولا يتوقف إطلاق الرصاص. ويقول أحد عناصر الهلال الأحمر باللغة العربية إن هناك إسرائيليين موجودين.
ويُسمع صوت المسعف الذي يصوّر الفيديو وهو يتلو، مرارًا وتكرارًا، الشهادة. ووثّق التسجيل قوله "سامحيني يا أمي. هذا هو الطريق الذي اخترته أن أساعد الناس".
وفي الخلفية، يُسمع صراخ عناصر الدفاع المدني وهم في حالة ذعر، وجنود يصرخون باللغة العبرية.
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة؛ "مقطع الفيديو" يفضح الجريمة: جيش الاحتلال الإسرائيلي نفّذ إعداما وحشيا غير مسبوق للطواقم الطبية والدفاع المدني وهي جريمة تُدوّي في وجه الصمت الدولي
واستهل المكتب الحكومي بيانه قائلا: "في جريمة جديدة تُضاف إلى سجل الاحتلال الإسرائيلي الأسود، وثّق مقطع فيديو لحظات إعدام بشعة ومتعمدة ارتكبها جيش الاحتلال النازي الإسرائيلي بحق الطواقم الطبية والإنسانية وفرق الدفاع المدني، الذين استهدفهم بدمٍ باردٍ أثناء أداء واجبهم الإنساني النبيل في المهمة الإنسانية وإنقاذ الأرواح".
وأشار إلى أن "مقطع الفيديو الذي عُثر عليه في هاتف مسعف فلسطيني وُجدت جثته في مقبرة جماعية إلى جانب 14 من زملائه، يكشف أن سيارات الإسعاف والدفاع المدني التي استُهدفت كانت تحمل علامات واضحة ومضيئة تدل على طبيعتها، وكانت أضواء الطوارئ تعمل لحظة استهدافها، مما ينسف بالكامل رواية الاحتلال الكاذبة والمضلِّلة التي زعم زورا أن المركبات ‘اقتربت بطريقة مريبة‘ دون إشارات واضحة، بينما يفضح الفيديو أكاذيب جيش الاحتلال ‘الإسرائيلي‘".
وأوضحت حكومة غزة أننا "أمام جريمة حرب مكتملة الأركان، تم التخطيط لها بسبق الإصرار والترصد، تُظهر استباحةً كاملةً لدماء الطواقم الإنسانية والطبية، وتُثبت أن الاحتلال لا يتورع عن قصف حتى من يحملون الضمادات لا البنادق، ومن يطفئون النيران لا يُشعلونها".
وأكد البيان أن "هذه الجريمة تُعد انتهاكًا صارخًا لكل المواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقية جينيف الرابعة التي تحظر استهداف الطواقم الطبية والإنسانية، وتوجب حمايتهم في كل الظروف. كما نحمّل المجتمع الدولي، والمنظمات الدولية والحقوقية، مسؤولية السكوت عن هذه الجرائم المتكررة، والتي لم يعد ممكناً وصفها إلا بأنها إبادة جماعية ممنهجة لشعب أعزل، تُنفّذها آلة حرب إسرائيلية لا تعرف رحمة ولا قانون".
وأكدت حكومة غزة في بيانها على ما يلي:
أولا: نُكرر إدانتنا بأشد العبارات ارتكاب الاحتلال لهذه الجريمة البشعة التي يندى لها جبين الإنسانية، وندعو المجتمع الدولي وكل المنظمات الدولية والحقوقية والإنسانية، وكل دول العالم إلى إدانة هذه الجريمة الوحشية.
ثانياً: نُحمل الاحتلال والإدارة الأميركية والدول المشاركة في الإبادة الجماعية مثل المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا؛ المسؤولية الكاملة عن استمرار مجازر الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ومشاركتهم تعد وصمة عار في تاريخهم.
ثالثا: نطالب بفتح تحقيق دولي عاجل ومستقل في جريمة إعدام الطواقم الطبية والدفاع المدني، وتقديم مجرمي الحرب لدى الاحتلال إلى محكمة الجنايات الدولية وإلى كل المحاكم الدولية الأخرى تمهيدا لمحاسبتهم وإنزال أشد العقوبات بهم نظير جرائمهم البشعة، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
رابعا: نطالب بتوفير الحماية الفورية للطواقم الإنسانية العاملة في قطاع غزة، سواء كانت الطواقم الطبية أو فرق الدفاع المدني والإغاثة والطوارئ، وكل الفرق العاملة في مجال تقديم الخدمات الإنسانية.
خامسا: إرسال لجان تقصّي حقائق إلى المواقع المستهدفة، وزيارة المقابر الجماعية التي أخفى الاحتلال وراءها فصولًا من الرعب والإبادة الجماعية الممنهجة ضد المدنيين بشكل عام، وضد الطواقم الطبية والإنسانية بشكل خاص، وعمل ما يلزم في إطار ملاحقة الاحتلال وجرائمه المستمرة.
واختتم المكتب بيانه موضحا أن "شعبنا الفلسطيني سيبقى وفيّا لدماء شهدائه الأبرار، ومتمسكا بحقه في الحياة والتحرير والخلاص من هذا الاحتلال. وسيواصل طرق أبواب العدالة حتى يُقدّم الجناة المجرمين إلى محاكم التاريخ والضمير".