إسرائيل تتحرك من الباب الخلفي
لندن: يُعتبر رئيس الكنيست الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، من أقطاب حزب (ليكود) بزعامة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، من أشد المتطرفين داخل حزبه في كلّ ما يتعلّق بما تًُسمى بالعملية السلمية مع الفلسطينيين، وعلى الرغم من أنّه على علم ودراية بعزلة الدولة العبريّة بسبب سياستها الرافضة للسلام، إلا أنّه أصر هذا الأسبوع على زيارة أيرلندا والاجتماع إلى الرئيس مايكل دي هيغينز في العاصمة دبلن، ليكتشف بنفسه إلى أي مدى وصلت الكراهية لسياسات حكومة تل أبيب.
ووفق ما ذكرت صحيفة 'هآرتس' العبريّة، فقد اضطر ريفلين، الذي كان متجها للقاء الرئيس الأيرلندي إلى الدخول إلى مبنى البرلمان في العاصمة من أحد الأبواب الخلفيّة، ذلك أن التنظيمات المؤيدة للفلسطينيين، حضرت له استقبالاً مناهضا على شكل مظاهرة، الأمر الذي دفع المنظمين وقوات الأمن إلى إدخاله من باب خلفي لتفادي الصدام مع المتظاهرين الذين رددوا العبارات والهتافات المعادية لدولة الاحتلال.
وأضافت المصادر الإسرائيليّة ان المئات تظاهروا مساء الأربعاء أمام مقر البرلمان الايرلندي في محاولة لمنع ريفلين من دخوله، وزادت أن المئات من المواطنين الأيرلنديين والعرب ومنظمات حقوقية أعربت عن رفضها لزيارة ريفلين وأبدت دعمها للشعب الفلسطيني وحقوقه، ورفع المتظاهرون أعلام فلسطين ولوحات كتبت عليها شعارات تندد بجرائم الاحتلال وحصار قطاع غزة.
يذكر أن زيارة ريفلين تعد الأولى التي تقوم بها شخصية إسرائيلية رسمية لأيرلندا منذ 27 عاما.
وقالت الصحيفة العبريّة إن موافقة الرئيس الأيرلندي على لقاء ريفلين يُعتبر إنجازا، ذلك أنّه معروف في العالم قاطبة بمواقفه المعادية للدولة العبريّة وتأييده المطلق للشعب الفلسطيني، كما أنّه يرفض اعتبار حركة حماس، حركة إرهابيّة، وقام قبل فترة وجيزة بالمشاركة في احتفال جنبا إلى جنب مع ممثل لحزب الله اللبناني، خارجا بذلك عن الموقف الأوروبي الرسمي بالنسبة لحركتي المقاومة حماس وحزب الله، كما أنه، بحسب الصحيفة العبريّة، نعت الرئيس مايكل دي هيغينز، الجدار الذي تُقيمه دولة الاحتلال في الضفة الغربيّة بجدار العزل العنصري، الأبرتهايد، وتابعت الصحيفة قائلةً إن تقريرا صادرا عن وزارة خارجية دولة الاحتلال كشف النقاب عن أن الحكومة الأيرلندية مولت ولا زالت تمول 34 فنانا أيرلنديا من الذين قاموا بالتوقيع على التماس يدعو لمقاطعة ثقافية ضد إسرائيل، وأنّ هؤلاء الفنانين يمثلون خُمس الفنانين الذين تلقوا تمويلا في أيرلندا.
ووفقا لمصدر في السفارة الإسرائيليّة في دبلن فإنّه لم تتم دعوة أية مجموعة رقص أو تمثيل مسرحي أو مخرج أو موسيقي من الدولة العبريّة لزيارة أيرلندا لأكثر من عقد من الزمان. وأضاف المصدر أن الأيرلنديين المهتمين بالحفاظ على العلاقات مع تل أبيب يخضعون لاعتداءات لفظية وخطابات تحريض، والتي يقودها الموسيقار الأيرلندي ريموند دين والمعروف أيضا باسم ضابط المقاطعة الثقافية لحملة التضامن الأيرلندي الفلسطيني.
وكشف التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية أيضا أنه على الرغم من إعراب وزير الخارجية الأيرلندي عن اعتراضه على أي نوع من أنواع المقاطعة ضد الثقافة الإسرائيلية لا يزال الفنان ريموند دين يتلقى تمويلاً حكوميا.
وكانت منظمة محلية مؤيدة للفلسطينيين نظمت في العاصمة دبلن، بموافقة السلطات ذات الصلة، عرضا خاصا حول السياسات التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في المناطق المحتلة: جنود الاحتلال، هكذا قالت 'يديعوت أحرونوت'، ارتدوا اللباس العسكري الألماني في زمن هتلر، مشيرة إلى أن العرض كان بمثابة فضيحة، كما قال مسؤول كبير في الخارجية الإسرائيلية للصحيفة.
وخلال العرض، الذي تمّ في إحدى الساحات المركزية في العاصمة دبلن، والذي نُظم برعاية البلدية، أقام النشطاء المؤيدون للفلسطينيين جدارا كبيرا على شاكلة جدار العزل العنصري، كما أقاموا حاجزا عسكريا، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية، وقام النشطاء بالتخفي وتمثيل دور جنود الاحتلال الإسرائيلي ونكلوا وعذبوا وأهانوا الفلسطينيين وهددوهم بالأسلحة الأوتوماتكية أمام أعين الآلاف من الجمهور الايرلندي والسياح الذين حضروا العرض.
ونقلت الصحيفة العبرية عن مصادر سياسية رفيعة في تل أبيب قولها إنّه في الأسبوع الأخير ظهرت فرقة جديدة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، والتي طالبت المشاركين والمتصفحين بإلقاء الصخور الكبيرة على مبنى السفارة الإسرائيلية في دبلن، ولفتت إلى أن المجموعات الايرلندية المؤيدة للشعب الفلسطيني قامت بمهاجمة الحسابات الشخصية للدبلوماسيين والعاملين في السفارة الإسرائيلية على موقع التواصل الاجتماعي، ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بأنها عالية المستوى قولها إن ايرلندا بدون أدنى شك تحولت إلى أكثر دولة أوروبية معادية لإسرائيل وتقوم بدفع الدول الأوروبية الأخرى لاتخاذ مواقف متطرفة وغير قابلة للتهاون ضد الدولة العبرية، ولفتت المصادر أيضا إلى أنه عندما وصل السفير الإسرائيلي، بوعاز موداعي، الذي ما زال يشغل منصبه، إلى العاصمة دبلن استقبلته إحدى الصحف المركزية في ايرلندا بعنوان ضخم على الصفحة الأولى: أهلا وسهلا بك في جهنم.
على صلة بما سلف، كشف التلفزيون الإسرائيليّ النقاب عن أن المسؤولين الأمريكيين يرفضون عقد اللقاءات مع وزير الخارجيّة أفيغدور ليبرمان، الذي من المقرر أن يزور واشنطن بعد أسبوعين.
وأضاف أن المصادر الأمريكية استعملت ضد ليبرمان ألفاظا خارجة عن حدود اللباقة السياسيّة، مثل أنه شخصية غير مرغوب فيها بأمريكا، وأنّ الإدارة الأمريكية ترفض ليبرمان وكل ما يمثله، واعترف ليبرمان في ردّه بأنه حتى الآن لم تُنسق اللقاءات، ولكنّه أضاف أنه ما زال متسعا من الوقت لترتيبها، ولكن المصادر الأمريكية أكدت على أن ليبرمان لن يجتمع إلى أي مسؤول لا في الخارجية ولا في البيت الأبيض.
القدس العربي