الولايات المتحدة تقبل بواقع الإخوان

نيويورك: بدأت إدارة الرئيس باراك أوباما بانتهاج سياسة جديدة تراجعت بموجبها عن عقود من العداء وعدم الثقة بجماعة الإخوان المسلمين في مصر، حيث كانت تعتبر منظمة معارضة للمصالح الأميركية.

وأوردت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الانفتاح الأميركي بما شمل لقاءات على مستوى عالٍ خلال الأسابيع الأخيرة؛ يشكل تحولا تاريخيا في السياسة الخارجية لدى الحكومات المتعاقبة، التي كانت تدعم نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك لأسباب منها القلق من الفكر الإسلامي للإخوان وصلاتهم التاريخية بالمسلحين.

وتعتبر الصحيفة هذا التحول يثمل إقرارا بواقع سياسي في مصر وفي المنطقة برمتها، خاصة وأن الحركات الإسلامية بدأت تتسلم السلطة في عدة دول بالمنطقة، كما أنه يعكس قبول الولايات المتحدة بالتطمينات التي رددها قادة الإخوان بشأن بناء ديمقراطية حديثة، تحترم الحريات الفردية والأسواق الحرة والالتزامات الدولية، بما في ذلك معاهدة السلام مع إسرائيل.

ويبرهن التحول الأمريكي وفقا لـ"نيويورك تايمز" على حالة إحباط تعيشها واشنطن إزاء الحكام العسكريين في مصر، الذين "سعوا للاحتفاظ بسلطات سياسية دائمة لأنفسهم واستخدموا قوة مميتة ضد المحتجين الذين طالبوا بإنهاء حكمهم".

واستدركت الصحيفة في تقريرها بالتنويه إلى أن البيت الأبيض سعى في نفس الوقت للاحتفاظ بعلاقات عميقة مع العسكر، بعد أن نصّبوا أنفسهم حراسا للهوية العلمانية للدولة، لذلك لم تلجأ إلى التهديد بوقف المساعدات التي تصل إلى 1.3 مليار دولار سنويا.

ومع مضي الإخوان المسلمين نحو تحقيق الأغلبية في البرلمان، فإن سياسة مد اليد الأميركية من شأنها أن تمنح الجماعة دعما مهما في مصر، وتضفي مزيدا من الشرعية الدولية على الإخوان.

وتنقل "نيويورك تايمز" عن مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية -يساهم في صياغة السياسة الأميركية واشترط عدم الكشف عن اسمه- قوله: "إن عدم الانخراط مع الإخوان ليس أمرا عمليا، بسبب مصالح أميركا الأمنية والإقليمية".

وأضاف: "لا يبدو أن هناك أي وسيلة أخرى للحفاظ على المصالح سوى الانخراط مع الجماعة التي كسبت الانتخابات"، مشيرا إلى أن الإخوان كانوا محددين أيضا في توصيل رسالة معتدلة بشأن القضايا المحلية والإقليمية والاقتصادية.

وقد اعتبرت مصادر مقربة من الإدارة الأميركية هذا التقارب الأميركي مع الإخوان الخطوة الأولى نحو تشكيل نموذج للعلاقات التي ستقيمها مع الأحزاب الإسلامية الصاعدة في المنطقة عقب الربيع العربي، لاسيما أن تلك الأحزاب تسلمت أدوارا هامة في المغرب وليبيا وتونس ومصر في أقل من عام.

ويقول السيناتور جون كيري الذي اصطحب السفيرة الأميركية آن باترسون في لقائها مع الإخوان، إنه من الضروري أن تفهم كيف تتعاطى مع حكومات ديمقراطية لا تعتنق كل ما لديك من سياسات وقيم، مضيفا أن على الولايات المتحدة أن تتعامل مع الواقع الجديد.

وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن الاستعداد الأميركي لإقامة علاقات مع الإخوان قد يعرض أوباما لانتقادات من قبل الجمهوريين الذين يتهمونه أصلا بإفساح المجال أمام الإسلاميين لتولي زمام الأمور في دولة حليفة.

ويقول محللون إن الانفتاح الأميركي ربما يرقى إلى اعتراف ضمني بأنه كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تبدأ مثل هذا التقارب منذ زمن طويل.

نيويورك تايمز