"الذهب الأخضر" أحد أعمدة الاقتصاد المهددة بالسقوط

الذهب الاخضر

مرام عرار

ناصر أبو بكر أحد المستفيدين من مشروع استصلاح الأراضي المنفذ عام 2004 من قبل مديرية زراعة نابلس والممول من التعاون الاسباني, حيث تم استصلاح ما يقارب 12 دونم من أراضي عقربا, هذا بالإضافة إلى الأراضي التي تم استصلاحها على نفقات المزارعين الخاصة.

يقول أبو بكر: "مجلس التنظيم الأعلى وافق على مشروع هيكلي تفصيلي لتغيير صفة الاستعمال من زراعي إلى صناعي، وإقامة مصنع طوب بجانب الأراضي المستصلحة"، موضحا أنه يحق لصاحب المشروع شق طريق من الأرض الزراعية.

تبوير الارض!

تعرف الأراضي متوسطة الخصوبة حسب المخطط الوطني المكاني بأنها أراضي سهلية تتميز بمواصفات عالية لغايات الزراعة وملائمة لمعظم أنواع المزروعات، ولكن بحجة أن الأرض متوسطة الخصوبة تم التعدي عليها بعد تصنيفها من قبل لجنة من وزارة الزراعة زارت الموقع، أبو العبد أحد المتضررين يقول بأن هذه الأرض كلفته الكثير عند استصلاحها، وقد تضرر سابقا نتيجة وجود مصانع حرفية قريبة من أرضه، زادت من قلقه بتفاقم الوضع سوءً إثر الموافقة على مشروع مصنع الطوب.

وتعتبر الأراضي الزراعية سلة الغذاء الأساسية ومصدر رزق مئات الآلاف من العائلات الفلسطينية التي تعتاش من الزراعة بشكل كلي أو جزئي وتسعى للحفاظ على ديمومتها، ولكن تراجع مساحة الأراضي الزراعية سيؤثر على الاقتصاد الوطني كما تؤكد الإحصاءات التي رصدت انخفاض مساهمة الزراعة في الناتج المحلي بشكل ملحوظ، حيث انخفضت من 37% في السبعينيات إلى 6.5% في تسعينيات القرن الماضي.

في انتظار منطقة صناعية

بلدية عقربا أكدت بأن لا علاقة لها في تغير صفة الاستعمال في المنطقة من زراعي إلى صناعي، وأن الشارع المرسوم بالمخطط يخدم أصحاب المصنع وهو مصنع خاص، ويأتي ذلك في ظل محاولات البلدية لإيجاد منطقة صناعية مشتركة مع القرى المجاورة، مضيفة بأن المقترح على المخطط الهيكلي في تلك المنطقة مقترح صناعات خفيفة وحرفية، وإلى أن يتم إيجاد هذه المنطقة الصناعية سيكون من الصعب استعادة الأرض لقدرتها الإنتاجية .

خلل قانوني

ويعترض معظم القانونيين على المادة (11) من القانون الزراعي لعام 2003 والتي تنص بأنه (يحظر إنشاء أية مبان عامة أو خاصة أو منشآت صناعية أو تجارية أو حرفية في الأراضي الزراعية أو البور أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم الأراضي لإقامة مبان عليها إلا في الحالات التالية: 1- الأراضي الزراعية التي تبلغ مساحتها 5 آلاف متر مربع، يجوز لصاحبها إقامة بناء وحيد عليها، بقصد خدمة الإنتاج الزراعي على مساحة لا تزيد على مائة وثمانين متراً مربعاً ومن طابقين فقط. 2- الأراضي الزراعية التي تزيد مساحتها عن 5 آلاف متر مربع، يجوز لمالكها إقامة بناء وحيد لكل خمسة آلاف متر مربع منها، بقصد خدمة الإنتاج الزراعي، على مساحة لا تزيد على مائة وثمانين متراً مربعاً ومن طابقين فقط. 3- الأراضي الزراعية المساعدة التي تبلغ مساحتها عن 2500 متر مربع يجوز لمالكها إقامة بناء وحيد عليها بقصد خدمة الإنتاج الزراعي وعلى مساحة لا تزيد على مائة وثمانين متراً مربعاً ومن طابقين فقط. 4- الأراضي الزراعية المساعدة التي تزيد مساحتها عن 2500 متر مربع يجوز لمالكها إقامة بناء وحيد لكل 2500 متراً مربعاً منها، بقصد خدمة الإنتاج الزراعي وعلى مساحة لا تزيد على مائة وثمانين مترا مربعا ومن طابقين فقط. 5- الأراضي الزراعية والبور التي تقيم عليها الدولة مشروعات ذات نفع عام أو تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني. 6- منشآت لخدمة المزرعة أو التوسع العمودي في الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني. وفي جميع الأحوال، يشترط الحصول على ترخيص قبل البدء في البناء أو الإنشاء من الجهة المختصة بالتنسيق مع الوزارة).

وتعتبر هذه المادة مشَرعة للاعتداء وليست رادعة لأن بناء بمساحة 180 متر لن  يخدم الإنتاج الزراعي، ولذلك وضع المخطط الوطني المكاني الذي يحدد استخدامات الأراضي ويقسمها إلى مناطق عالية ومتوسطة ومنخفضة الخصوبة، ورغم اعتماد المخخطط الوطني المكاني إلا أنه يتم الرجوع إلى المادة (11) في بعض الحالات.

وقف تنفيذ مخترق

وتقدم عدد من المواطنين بشكاوى لعدة وزارات، وبعد موافقة مجلس التنظيم الأعلى واللجنة الإقليمية تم التوجه إلى محكمة العدل العليا التي أصدرت قرار بوقف تنفيذ المشروع لحين الفصل في نتيجة الدعوى، ورغم صدور القرار بتاريخ 17/2/2014 إلا أن الحكم المحلي أوصى المجلس البلدي في عقربا بمد الكهرباء مع التأكيد على أن  المصنع مرخص والمنشأة مطابقة للرخصة الصادرة، في حين كان الاعتراض على الشارع بتاريخ 4/9 /2014 أي بعد صدور قرار وقف التنفيذ، ولم تتدخل الشرطة أو أي جهة مسؤولة لوقف المشروع بحجة أنها منطقة ج، فيما أشارت المستشارة القانونية في وزارة الزراعة بأنه لا يحق التوصية بمد الكهرباء طالما أصدرت المحكمة قرار وقف النتفيذ.

السماح بالبناء مصلحة وطنية

عولت وزارة الزراعة موافقتها على تحويل الأراضي متوسطة الخصوبة والبناء فيها وفق المخطط الوطني المكاني يقتصر على إقامة صناعات خفيفة ومتوسطة وفقا لأحكام نظام تقييم الأثر البيئي، وبالتالي يجب عدم إقامة مصنع طوب لأنه ليس من الصناعات الخفيفة.

وتحدث مسؤول في وزارعة الزراعة قائلا إن الموافقة تكون بناءً على المخطط الوطني، وأنهم يعملون وفق القانون ولكن تقتضي المصلحة الوطنية منا السماح بالبناء حتى في الأماكن عالية الخصوبة أحيانا مثل مرج ابن عامر، مضيفا: "الاعتراضات التي قدمها مالكو الأراضي يبدو كأنها وهمية لتتطابق الخط بمعنى أن شخصا واحد قام بتوقيعها باسم الجميع".

فيما قال مسؤول في وزارة الحكم المحلي أن موافقة الحكم المحلي مشروطة بالحصول على توصية موافقة من وزارة الزراعة وفقا لأحكام المخطط المكاني، ويشترط أن يكون البناء غير مضر بالبيئة أو المياه الجوفية أو المناطق الأثرية, ويمكن الاعتراض على الشارع الذي قد يتسبب بضرر للأراضي الزراعية.
إجراءات ما بعد الكارثة

وتدرس سلطة جودة البيئة تحويل صفة الأرض من منطلق بيئي بحت، من خلال إرسال لجنة تقدم توصية بالموافقة أو الرفض، وكون وزارة الزراعة صاحبة الاختصاص والمجلس البلدي قدما، بشرط التزام المصنع بعدة شروط وإلا سيتم اتخاذ عدة إجراءات منها توقيف الرخصة التشغيلية وتحويل المصنع للقضاء في حال عدم الالتزام.

سوء تخطيط أم هدر أموال

وطالما أن الأراضي متوسطة الخصوبة في هذه المنطقة لماذا يتم استصلاحها بآلاف الدولارات، هو سؤال يستدعي البحث عن السبب هل هو سوء تخطيط من وزارة الزراعة أم هدر للأموال التي يمكن أن تستغل في أراض ذات كفاءة وخصوبة أعلى.
وعند سؤال أحد المسؤولين في وزارة الزراعة عن كيفية تحديد خصوبة الأرض في منطقة الأغوار وسبب الموافقة على استصلاح الأرض رغم تحويلها للاستخدام الصناعي أجاب قائلا: "المنطقة مزروعة بالزيتون وهيك ليست خصبة وتحتوي على صخور، وتم تحديد ذلك من خلال زيارة للجنة مكونة من ثلاثة أشخاص للموقع حددت مدى الخصوبة فيه".
 

حرره: 
م.م