"الإخوان" في مصر: بحبوحة المال والحركة

على الرغم من أساليبه، ومن صدقيته المهتزة في ناظر كل متأمل؛ يتمتع تنظيم "الإخوان المسلمين" في مصر، بقدرة مذهلة على المثابرة والتنظيم. فليس مبدأ "السمع والطاعة" قائماً على خواء اقتصادي، وإنما يعمل بمنظومة مالية مُحكمة، تمثل زيتاً لآلته الدعائية والتعبوية، المتسربلة بلبوس الدين. فقد جاء في أوراق أستاذ المحاسبة في جامعة الأزهر، د. حسين شحادة، الذي عمل خبيراً مالياً لجماعة "الإخوان"؛ ما يكشف عن جزء من الدخل الدائم للتنظيم، وعن بعض الحسابات المتداولة والأقل سرّية، وفق أرقام العام 2008 أي قبل نحو خمس سنوات (ربما تكون تضاعفت الآن). فالأعضاء كانوا يسددون في أول كل شهر، 8% من مداخيلهم، بواقع 40 مليون جنيه مصري شهرياً، أي نحو نصف المليار في السنة. وتجبي "الجماعة" نسبة متدرجة، من أرباح رجال الأعمال "الإخوان" بواقع نحو 20 مليون جنيه شهرياً. وكان هناك في العام 2008 ـ حسب أوراق د. حسين شحاده ـ أرباح استثمارات في دبي وهونغ كونغ وتركيا وسواها، بلغت نحو نصف مليار دولار أمريكي، وتُستثمر هذه الأرباح كلما توافرت في سندات تصدرها البنوك السويسرية (لم تحدد الأوراق إن كانت الأرباح سنوية أو كل عدة سنوات بانتظام) لكن حجم الاستثمارات بلغ في تلك السنة ملياري دولار. أما مفردات مصروفات "الجماعة" فهي تنم عن "بحبحة" للقيادة مع الزهد للأتباع، إذ تبلغ ستة ملايين جنيه سنوياً، كبدلات تفرغ لأعضاء مكتب الإرشاد ولرؤساء المكاتب في المحافظات. أما مصروفات مكتب سماحة المرشد ورواتب العاملين فيه، فإن موازنتهم 8 مليون جنيه سنوياً، ويقول د. شحادة أنها تحت بند "مصروفات الدعوة والإعلام". وهناك بند "طوارىء" بقيمة 6 مليون سنوياً، تتراكم وتُرفع "على جنب" وتكون في متناول النقابات كلما خاضت معارك انتخابية، وهي في متناول المرشحين كلما كانت هناك انتخابات عامة. ويُفتح باب التبرع لحساب "الطوارىء" لإغناء حساب الطوارىء. من هنا، كانت حملة د. مرسي إغراقية في انتشارها وفي بذخها، إذ سددت لمحطات التلفزة وحدها نحو 30 مليون جنيه مصري. وتمتلك "الجماعة" فضلاً عن استثماراتها الآنفة الذكر ـ حسب المعرفة المحدودة للدكتور شحادة ـ شركات تسويق، وشركات لبيع السلع المعمّرة، وللمقاولات، وللأوراق المالية، والمدارس الخاصة، ومعامل الأغذية وشركات الاتصالات، والبرمجيات، والمشافي، والطباعة والنشر. معنى ذلك أن "الجماعة" شركة قابضة. ويقول د. شحادة أن حزب مبارك الوطني، هو حزب أسقطه الفساد فتحول الى شركة، أما "الإخوان" فإنهم في غياب الدور السياسي، باتوا شركة تنامت فأصبحت حزباً قوياً. وعلقت كاتبة مصرية على هذا التقرير قائلة: وفي كلتا الحالتين، كان المواطن المصري هو الزبون في هذه السوق! غير أن التنظيم المُحكم، ثابر على الربح، وربما لم يُبتلى بما ابتلينا به من حاملي الأختام والأموال. حقق اكتفاءً ومقدرة على العمل السياسي، وعلى السريان بين مسامات المجتمع، ولو بإطاحة رؤوس عجوول سودانية وتوزيع لحومها. وكان المتقدمون في الأدوار والدرجات، آمنين اقتصادياً من كل عسف أمني. إن شأن هؤلاء، لمن يود الاقتداء، هو غير شأن التنظيمات البائسة، التي يتسابق بعض الناطقين باسمها، أيهما الذي سيزف قبل سواه بشرى سعيدة معلناً: الرواتب على الصراف الآلي غداً، وفي البنوك بعد غدٍ! www.adlisadek.net adlishaban@hotmail.com