تفكك الدول واسرائيل الخاسر الأكبر
رام الله-زمن برس: "يعيش العالم فترة انتقالية، تتميز بتغييرات كبرى وعميقة في موازين القوى العالمية، واسرائيل هي كبرى الخاسرين."
هذا ما أكده الدكتور ايان برمر احد كبار المتخصصين البارزين في العالم، في كتابه الذي حمل عنوان "كل امة لوحدها".
وقال برمر: "نحن للمرة الاولى منذ سبعين عاما نعيش في عالم لا تسوده زعامة عالمية وكل امة تعيش لوحدها."
وجاء في الكتاب الذي حظي رواجاً كبيراً في العالم ونشر نهاية الشهر الماضي، أن برمر شخّص الخاسرين والمنتصريين في وضع دولي تتضائل فيه قوة الغرب وتغرق شيئا فشيئاً في ازمة اقتصادية عامة، ولا يتطوع فيه اي طرف بالاطلاع على المهام الطارئة على المستوى الدولي.
معتبراً ان مثل هذا الوضع يجعل اسرائيل الخاسر الاكبر والأكثر عزلة عن أي وقت مضى.
برمر الذي يترأس الوكالة الاميركية للاستشارات "Eurasia"المتخصصة بتقدير المخاطر الجيوسياسية لصالح الشركات متعددة الجنسية والمؤسسات الكبرى، يشير الى أن الواقع الجديد يشكل تراجعا إلى حيث العولمة، حيث ستضع دول عديدة عقبات امام التجارة الدولية ونشاط الشركات متعددة الجنسيات، وستجد بعض الدول نفسها مجبرة لمضاعفة العراقيل امام المهاجرين وستتحول ظاهرة تقيد الانترنت إلى مستوى أعمق.
وعن تداعيات هذا الواقع على اسرائيل والشرق الاوسط يقول برمر: "خلال السنوات الاخير وعلى نحو سيء بذلت القوى العظمى الغربية خصوصا امريكا و الاتحاد الاوربي جهدها لدفع الدول العربية الثيوقراطية مثل السعودية ومصر، الى اجراء بعض الاصلاحات الشكلية مع المحافظة على هذه الانظمة لضمان توازن القوى لصالح الغرب، ولكن القوى العظمى دخلت حاليا في مرحلة تقليص وجودها في المنظمة، كما ان الجنود الاميركيين بدأو بالعودة الى الوطن."
وأشار بريمير " المديونية العامة الاميركية في تصاعد مخيف ومعظم ممثلي الشعب يطالبون الادارة الاميركية ببذل الجهود لتوفير المال من اجل تحسين ظروف حياة الشعب الاميريكي وليس صرف الاموال من اجل اصلاح العراق او التدخل في سوريا و الشرق الاوسط، وفي المقابل فإن الاتحاد الاوربي منشغل بترميم الثقة في كتلة الايرو واثبات جدوى مشروع الاتحاد الاوروبي، ولهذه الاسباب فإن الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها الاوربيين يبحثون عن طرق آمنه واقل تكلفة من الناحية المالية لمواجهة التطورات المتسارعة في الدول العربية بالشرق الاوسط وشمال افريقيا، خصوصا تلك التطورات المتعلقة بالصراعات".
ويؤكد برمر في كتابه، أن الولايات المتحدة الاميريكية لن تدير ظهرا لاسرائيل ولكن الحاجة الاميريكية الى دول اخرى تتزايد في ظل التغييرات الجوهرية في الدول العربية ذات التأثير، الامر الذي يقلص اهمية اسرائيل بالنسبة لمتخذي القرارات في الولايات المتحدة الاميريكية.
ويقترح برمر على اسرائيل استعادة العلاقات مع تركيا التي يصل اقتصادها اربعة امثال الاقتصاد المصري ومما يزيد اهمية تعزيز العلاقات الاسرائيلية مع تركيا غياب أي تحديات جوهرية داخلية تحول دون تنامي الاقتصاد التركي كما هو الوضع في الاردن او مصر اللتين ستشهدان تدهورا على كل الاصعدة بحسب تقديرات برمر.
كما يقترح على اسرائيل في سعيها للتعاطي مع الوضع الدولي الجديد، أن تبحث عن شركاء سياسيين وتجاريين، ليسوا بالضرورة ان يكونوا حلفاء وانما شركاء في امور محددة.
كما يدعو في هذا السياق الى السعي لاقامة علاقة جيدة مع الدولة التي بدأت تطلع بدور هام في الشرق الاوسط مثل تركيا، وبامكان اسرائيل وفقا لـبرمر استغلال الفرص الذهبية المتمثلة بتعزيز العلاقات من خلف الكواليس مع دول الخليج العربي".
وحذر برمر في كتابه من التداعيات الكارثية في التصريحات التي يطلقها القادة الاسرائيلين، التي تصف حصول ايران على السلاح النووي بالخطر على اسرائيل وعلى المنطقة باسرها، لأن هذه التصريحات من شأنها أن تشكل عامل طرق للمستثمرين المحتملين في اسرائيل.
ويخلص برمر في كتابه إلى أن القوة في العالم باتت تتوزع كقوى اقليمية في شتى انحاء العالم، ولم تعد قوة واحدة او قوتين تحتكران هذه القوى.
وبحسب برمر فإن الخاسرين من هذا الوضع المتشكل هم الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوربي واسرائيل أما المستفيدين من هذا الوضع فهي تركيا والبرازيل وسنغافورا وكندا.
ـــــــــــــــ
ا م.ي ف