حركة «فتح» في غزة: أن تكون أو لا تكون

باتت تربطني علاقة طيبة مع د. نبيل شعت، وبخاصة بعد زيارة جيدة قام بها الى الهند، تخللتها فقرات موفقة. وبقدر قناعتي بأن الرجل فعال وطليق سياسياً، إلا أنني لا أحبذ انخراطه في مهام ذات طابع تنظيمي، وتحديداً في وضعيات الأقاليم الكامنة في ثنايا مجتمع، لم يعش هو تفاصيل حياة هذا المجتمع، وحيثما يكون التنظيم الفتحاوي مسكوناً بتجربته وأحزانه وتعقيداته. بالتالي يصبح حتى الدخول على خط العلاقة مع حماس فاقداً لحساسية خاصة لا يمتلكها د. نبيل ولا معظم المشتغلين في الحقل السياسي الخارجي. إن هكذا انخراط، يصعب على واحد منا كفتحاويين عاشوا شطراً كبيراً من حياتهم التنظيمية في الخارج، على الرغم من كون كاتب هذه السطور كان يعمل من الخارج في قطاع الداخل، فضلاً عن تجربة السجون ومعايشة الشباب. ثم إن تدابير تشكيل اللجان والتكليفات في الأقاليم، لا تؤخذ ارتجالاً كما التصريحات السياسية. والمسائل عندنا، سرعان ما تلامس الشخصنة، طالما أن عملية الفرز الديمقراطي للأطر، ما تزال غائبة. وفي موضوع حماس، يتطلب التعاطي دقة حتى في اختيار الألفاظ وفي وصف اللقاءات حتى «الجمبرية» منها، لأننا مجروحون. فأخونا د. نبيل لم يكن يعرف ـ مثلاً ـ المقاوم الباسل والأسير المحرر الشهيد جمال أبو الجديان (أبو ماهر). فمن يعرفه ويعرف سواه، ممن قتلوا ببشاعة وحقد وسفالة، لا بد له حتى وهو يتصالح، أن يتبدى محزوناً وصاحب حق، تسكن وجدانه صفحة سوداء أو حمراء، لا يطويها إلا الأمر الجسيم، وهو إحساس الوطنيين بمخاطر الانقسام الفلسطيني. إن الرجال الشجعان، الذين سقطوا بالرصاص الغادر، كانوا يذودون عن كرامة كل الوطنيين وعن كرامة «فتح» وتاريخها وعن استحقاقها للريادة. نحن لا ندعو الى تثبيت تلك اللحظة الدامية وتكريسها لكي تحكم مسار المستقبل، لكننا ننوه الى أن لحركة «فتح» في غزة كيمياء خاصة، وهي نتاج عملية تراكمية من التجارب والعذابات والحساسيات، ولا ينفع معها التفصيل وإعادة التفصيل و»التقييف» من خارج المنطقة. من هنا، أنصح العزيز د.نبيل شعت، أن يخلع من هذا الخضم، وأن يترك هو وغيره الخبز للخبازين في غزة، لا سيما أن من بينهم مجربين قياديين على درجة عالية من معرفة تلك الكيمياء ومعادلاتها. ويخطئ من يتوجس من انعكاسات أية سجالات في الخارج، ويظنها تنعكس على طبيعة اصطفاف الشباب في غزة. إن الشباب واعون ووطنيون وليسوا مادة استقطاب ومن الخطأ تصنيف كل واحد منهم بشكل جزافي. من يحترمهم وينصفهم يحترمونه وينصفونه.فالمسألة محددة، إما أن تكون «فتح» قوية وموحدة، أو لا تكون! www.adlisadek.net adlishaban@hotmail.com