وفاة قدورة موسى قد تشكل ضربة لمشروع السلطة الأمني
زمن برس: نشرت صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم، تحقيقاً حول مستقبل المشروع الأمني للسلطة الفلسطينية الذي شكلت محافظة جنين نموذجاً له، في ضوء عملية إطلاق النار على منزل محافظ جنين الراحل قدورة موسى أوائل الشهر الحالي.
واعتبرت الصحيفة الأمريكية في تحقيقها أن الحادثة التي سبقت وفاة قدورة موسى بساعات تشكل مثالاً "يوضح الشقوق في مشروع بناء الدولة الفلسطينية، وسط غياب كامل لعملية سلام يمكن أن تنهي الاحتلال الاسرائيلي". حيث أشار التحقيق إلى أن جنين التي كانت "مركز عنف ساخن" ومنبع لـ "مفجري قنابل انتحاريين خلال الانتفاضة الثانية" تحولت خلال سنوات إدارة موسى لها إلى "نبراس لفرض النظام والقانون الفلسطيني"، وباتت "هادئة، بل تكاد تكون ناعسة"، قبل أن تضع وفاة موسى -التي اعتبرها الكثيرون اغتيالاً- نهاية لهذا الهدوء.
ويشير التحقيق إلى أن وجود عريف وقائدي كتيبتين من القوات الخاصة الفلسطينية التي دربها الأميركيون بين العشرات الذين اعتقلوا للاشتباه بصلتهم بإطلاق النار على منزل موسى، وفقاً لمسؤولين فلسطينيين، يدلّ على أن قوات الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية قد "تفقد الأمل بأن جهودها ستساعد في تحقيق دولة".
كما ذكرت "الواشنطن بوست" أن أحداث جنين وتداعياتها باتت تسبب عداوات داخل حركة فتح، وأنها اثارت مخاوف القيادة الفلسطينية في رام الله، "حيث القادة منقسمون بشأن استراتيجية بناء مؤسسات الدولة كخطوة نحو الاستقلال".
ونقلت الصحيفة على لسان ابن المحافظ قدورة موسى قوله "أولئك الذين استهدفوا والدي لم يستهدفوه شخصياً. لقد استهدفوا حلم أبو مازن ومشروع السلطة الفلسطينية برمته"؛ المشروع الذي رأت الصحيفة أن الجزء الجوهري فيه هو الإصلاح الأمني "الذي جرى دعمه ببرنامج تدريب أميركي كلّف بضعة ملايين دولار".
وأكد مسؤولون فلسطينيون للصحيفة أن التحقيق في الهجوم على منزل موسى مستمر، لكنهم يتتبعون جذوره إلى قرية الباشا حيث قتلت قوات الأمن الفلسطينية شخصاً ادعت أنه أطلق النار عليها. كما نقلت على لسان قيادي فتح في جنين، عطا أبو رميلة، قوله أن "أقارب القتيل، وهم جزء من حمولة تركمان الكبيرة في المنطقة، أرادوا أن ينتقموا".
وأضاف أبو رميلة أن قائداً رفيع الرتبة في الأمن من الحمولة نفسها هو محمد الزلفي "أذكى غضب العشيرة ووضع خطة شارك فيها عدداً من ضباط الأمن والمدنيين"، من بينهم أحد قادة "كتائب الاقصى" الجناح العسكري لـ"فتح"، زكريا الزبيدي. وقد أيد مسؤولون فلسطينيون آخرون رواية أبو رميلة، بحسب الصحيفة.
وقد اعتقلت السلطات الفلسطينية الزبيدي قبل أسابيع في ما يتصل بالهجوم على منزل موسى. حيث نقلت "الواشنطن بوست" عن أبو رميلة ادعاءه أن البندقية المستخدمة في إطلاق النار عثر عليها في حوزة الزبيدي، وهو ما نفاه بشدة أقارب الزبيدي وأصدقاؤه. وقد اشتكى هؤلاء، بحسب الصحيفة من أن السلطة الفلسطينية "صارت مقاولاً من الباطن لإسرائيل، وتحرص على إظهار سيطرتها للعالم بتخليها عن الناس الذين مجّدتهم في السابق كمقاتلين من أجل الحرية".
إلا أن مسؤولين فلسطينيين عديدين قللوا من تداعيات أحداث جنين ووصفوها بأنه مجرد "حرب بين حمائل". وأضاف هؤلاء "للواشنطن بوست" أن الضباط الذين لهم ضلع في المسألة هم "تفاحات متعفنة ومتورطون في تهريب السلاح ونشاطات إجرامية أخرى". كما اعتبر وزير الداخلية، سعيد ابو علي الأحداث "استفزازات فردية، وليس لها معنى سياسي".
د ع