الأسرى وملحمة جلجامش

كبقية من فئة حرة في هذا الوطن نسمع عن قضية الاسرى في الاراضي المحتلة ونتابع ونشارك ونتفاعل مع قضيتهم العادلة والسامية والمشروعة في نيل الحرية والتحرر من نير المحتل وسجونه الصدءه . منذ ما قرئنا في التاريخ ونحن على مقاعد الدراسة في مدارسنا . تعلمنا على يد استذتنا في اللغة العربية والتاريخ والحضارة ومر على ذاكرتنا الكثير ولربما لقطت مسامعنا اسماء معارك كثيرة كاليرموك وبدر ومؤته وحطين وعين جالوت ... كانت تدور رحاها لربما بين جيشين متكافئين وفي ساحات الوغى وبطون الجبال . معارك كر وفر فيها الدم وفيها السيف وفيها الكثير الكثير .

لكن عندما نسمع عن معركة غير متكافئة القوى وتدار من داخل اسوار السجن فهنى لا بد وأن نتوقف . لنتسأل أهي معجزة أو هي خرافة و بدعة أو لربما قصة قصيرة .... لا هي حقيقة مرة نسجت من وحي المعاناة في داخل سجون المحتل معركة الأمعاء الخاوية او معركة الاعودة الى الزنزانه والعزل الانفرادي او معركة الابطال سميها ما شئت لكنها معركة وملحمة بطولية سلاحها الارداة والعزيمة الفولاذية . وساحتها سجون المحتل ومعتقلاته ومعسكرات توقيفة في المقابل الطرف الاخر من المعركة هو المحتل بجبروته وقوته وقسوته بجيشة وعتادته .لكن عناد الاسرى ونديتهم في الحصول على الحرية هو اقوى وانجع من مفاعل ديمونا .. وقواعد المحتل المترامية على اطراف الوطن الجريح .

اسماء كثيرة صمدت في وجه السجان لا تطالب بتحسين الأحوال ولا بالسماح بالزيارات او بالمنع واصدار التصاريح وفك العزل والى اخرة فالحر بعد اليوم لا يقبل هذة القاعدة الهزيلة او النظرية العرجاء .فهذه المرحلة قد مر عليها الدهر بكل سنينه . فخضر عدنان وهناء الشلبي واحمد سعدات وعاهد ابو غلمة وعبد الله البرغوثي وحسن سلامة والكثير من الاسماء الكبيرة وصفقة شاليط من قبل فتحوا صفحات المجد من جديد وجعلونا نعود الى الوراء قليلا ولا نقرا الى كتب العزة والكبرياء .

ما بين الأسرى وملحمة جلجامش الاسطورية . الكثير من الروابط المشتركة او التشبيهات على افضل الاحوال . فصراع الاسرى هو صراع حرية وصراع كرامة لا صراع على شجر الارز كما فعل جلجامش وصديقة المفضل ألكيدو , حين ذهبو الى الغابة كانت غايتهم البحث عن اشجار الأرز بعد حصول هذين الاثنين على مباركة الهة الشمس . لكن في المقابل معركة وملحمة بلال ذياب وثائر حلاحلة هي ملحمة بطولة وبحث عن الكرامة والحرية وعن اشجار الزيتون في غابات من الاشواك زرعها المحتل في طريق شعبهم .وهنا ملحمة بلال وثائر واحمد وعاهد هي معركة بدأت بمباركة من الله لا من الهة الشمس وهي معركة الأعودة اما نكون واما لا نكون .

فالاسير هو خير مناضل ومقوم ومفاوض يعي ويعلم ويعرف نقاط ضعف وقوة المحتل من خلال احتكاك هاولاء الابطال بجنود وعناصر المحتل في السجون يعي الاسير ماذا يريد واين يتوقف ولعلمه المسبق ودرايته بأن المحتل على شفى حفرة من النار . ما كانوا ليقدموا على تلك الملحمة التي جعلت اسطورية ملحمة جلجامش في المؤخرة وصار صيت الحرية وحديث الكرامة والهواء الطلق هو حديث احرار العالم من كراكاس الى هافانا مرورا بدول الربيع العربي الى ان تحط فيهم حمامة الكرامة في رام الله والقدس وحيفا والناصرة حيث كان الحلم وترعرع .

فاليوم وبعد انتصار الشيخ عدنان وشقيقة النعمان هناء الشلبي وصفقة شاليط والمشاهد التي تعطينا جرعة امل للمستقبل ونحن نرى الشباب لا يكلون ولا يمولون وهم ينازلون المحتل في كل تلة وواد من ربوع هذا الوطن لا بد وان لا تكون المطالب الا رحلة طويلة كرحلة جلجامش في بحثة عن الخلود والمجد لا تكون هذه الخطوة إلا مقدمة لحرية وتمزيق لجدار السجن وطوي صفحة ظلم وقهر عاشها اشرف من انجبهم بطن فلسطين .

وبما ان الاسرى جزء اصيل من كرامتنا وعنفوان وتحدي هذا الشعب لن يصاب اسرانا بأحباط وان كانت التفاعلات والمشاركات خجولة لكنهم سكنوا كل القلوب ودون تمييز لن يصاب اسرانا بالحزن الشديد كما أصاب الحزن جلجامش في ملحمته الاسطورية بعد موت أنكيدو صديقه الحميم حيث لا يريد أن يصدق حقيقة موته فيرفض أن يقوم أحد بدفن الجثة لمدة أسبوع ... وانتم كذلك لا تصدقوا حقيقة المحتل فهو يعي بانه الى زوال وانتم الباقون لانكم اصحاب قضية هي اسمى وأصدق وأنبل من مصطلحاته واسمائة المزيفة .

لذا ادفنوا وهم المحتل في مهده وكونوا كما انتم استمروا وابقوا مرفوعي الهامة . فالملح والماء هو زاد أشراف مكة وانتم كذلك الملح والماء هو وجبة الحر الذي لا يطيق ولا يرضى الذل . فهي وجبة العروبي الفارس المفدى لوطنة وارضة .. لا تتوقفوا فالامال معلقة عليكم .. ونحن نعي بأنكم الاحرار في ارادتكم ونحن الاسرى وكل مفاصل اجسادنا مقيدة . فكونوا كما انتم .... ولا تبخلوا على هذا الوطن فأنتم اهل العطاء ..فمعركة تكسير الاصابع بينكم وبين هذا النكرة المحتل . قد حطت ووصلت الى محطاتها الاخيرة ووصلت الى النهاية وهي في النصف الساعة الاخيرة وبوادرها تميل اليكم والى اضرابكم فهي فالانتصار يعشق امعائكم الخاوية والهزيمة تهرب لقلة الطعام في احشائهم . فهالزائم لا تعيش إلا على الشبع ... وعلى رأي الأهل في ياسمينة الثورة تونس العرب فهناك مثل يقول " عشان الورد ينسقي العليق " وانتم عشان فلسطين اشربوا الماء والملح ..فجلجامش هو انتم وانتم هي البطولة والملحمة وعلى رأس كل اسير نزرع قبلة كما تزرع الورود في حدائقنا .. فلا ترتاح العين الا للقياكم .....