تحليل: الأزمة السورية كما يراها الجيش الإسرائيلي
زمن برس: ثمة شك كبير أن عشرات الالاف من الاسرائيليين الذين يقصدون المناطق الشمالية المحاذية للحدود مع سوريا ولبنان، يدركون أن الهدوء هناك مضلل بالرغم من عقود طويلة من الهدوء في الجولان وسنوات الهدوء على الحدود اللبنانية، إلا أن احتمالات حدوث تصعيد كبير باتت واردة وتحمل في طياتها تهديدات اكبر من السابق.
هجوم اسرائيلي على ايران سيكون فتيل يعجل من التصعيد القادم بحسب تقديرات الجيش الاسرائيلي أو هجوم فتاك او نقل سلاح استراتيجي من سوريا الى حزب الله، كل هذه امور قد تكون مقدمة لحرب كبرى وفقا لتقديرات الجيش الاسرائيلي.
عن التوتر الذي يسود في صفوف قادة الجيش الاسرائيلي في هذه المرحلة التي يصفونها بالمرحلة الفاصلة بين الهدوء والتصعيد الكبير، اعترف قائد المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي اللواء يائير غولان أن التهديدات التي يتوجب عليه التعاطي معها اكبر من اي جبهة اخرى، وحاول غولان تقدير التهديدات التي تنتظر اسرائيل في اليوم الذي يلي سقوط نظام بشار الاسد ورسم سناريوهات المواجهة المقبلة مع حزب الله اللبناني التي يتوجب على الجيش الاسرائيلي بحسب غولان ليس فقط اعادة الهدوء الى الحدود وانما ايضا تقليص الهجمات الصاروخية على قلب اسرائيل.
غولان زعم أن وسائل قتالية متطورة وفتاكة تصل الى حزب الله، وتوقع أن الرئيس بشار الاسد لن يتم الاطاحة به قريبا وأن دما كثيرا سيفسك قبل ذلك، ويقول في هذا السياق": هذا سيتغرق شهورا طويلة، ففي شهر اكتوبرالعام الماضي قدرنا ان يتم الاطاحة بالنظام السوري في غضون عام ونصف وانا الان اعتقد ان تقديرنا كان خاطئا كما اعتقد أن ذلك سيتغرق شهورا طويلة".
وأضاف غولان": انا اعتقد ان نظام الاسد سيتمر حتى عام 2013 فمن الصعب السيطرة على الاحتجاجات بصفتها واسعة واكثر انتشار من الاحتجاجات التي نجح والده في قمعها في عقدي السبعينات والثمانينات، والمعارضة السورية عاجزة عن بلورة نفسها. في النهاية سيتم الاطاحة بالأسد جراء عملية تراكمية من فقدان السيطرة وتزايد الانشقاقات في جيشه والصعوبات الاقتصادية وتزايد ضعف شخصية الاسد القيادية والتقلص بأعداد القيادة المحيطة به ولكن هذه الامور لا تتم بين ليلة وضحاها".
واجاب غولان عن سؤال حول هوية الاشخاص الذي يقدمون المشورة للرئيس بشار الاسد بالقول:" القيادة التقليدية هي من تقدم المشورة للرئيس السوري والتي بقيت على حالها منذ اندلاع الاحتجاجات ولكن يجب أن نذكر ان تلك القيادة تعاني الشيخوخة بالرغم ان تجارب الماضي حنكتهم، ولكنها تفتقد حاليا الى الطاقة القيادية التي كانت تملكها في الماضي، وفي هذا السياق بالامكان وضع مقارنة بين بشار ووالده ويبدو لي ان شخصية والد بشار كانت اقوى من ولده فالأسد الأب كان الى جواره رجال في ريعان شبابهم ولديهم الطاقة والنشاط بالاضافة مميزات ثورية صاغت شخصياتهم ولذلك كله اعتقد أن التمرد الحالي في سوريا لن تكون نهايته مشابهة للتمرد عام 1982".
ويؤكد غولان في اجابته حول تورط ايران وحزب الله في قمع الاحتجاجات أن:" ايران وحزب الله ضالعون من اخمص اقادمهم الى رؤسهم في قمع الاحتجاجات وعندما نقول محور الشر ينظر البعض الى ذلك وكأنه تعبير ادبي ولكن ذلك موجود على الارض وفي الممارسة اليومية".
ويعتقد الرئيس بشار الاسد بحسب تقديرات غولان أن الوضع الحالي في سوريا يمكن السيطرة عليه عبر خلطة من الاعمال الوحشية للجيش، إضافة إلى تصرفات سياسية ذكية في الداخل والحرص على عدم اغضاب المجتمع الدولي اكثر من اللازم وممارسة اللعبة الدبلوماسية.
واجاب قائد المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلية حول تقديرات لظاهرة الانشقاقات داخل الجيش السوري بالتاكيد:" بالطبع هناك انشقاقات ولكن ليس على مستوى كتائب او وحدات كاملة رغم أن بعض الضباط برتبة لواء وعقيد انشقوا، وهذا بالطبع له تأثير لكنه ليس تأثيرا حاسما حتى الان لعدم انشقاق اي كتيبة بالكامل"
واعرب اللواء يائير غولان عن خشيته من تحول سوريا الى دولة فاشلة وهذا يعني وفقا لـ غولان أن تتحول الحدود الهادئة لاسرائيل منذ اربعين عاما الى حدود منتجة للارهاب واضاف غولاني:" الدولة الفاشلة تعني أنها مكان مناسب لنمو الارهاب وعندما نتابع الهجمات التي تنفذها القاعدة في حلب او دمشق ندرك الى اي درجة باتت قبضة النظام ضعيفة، اليوم ما يجري في سوريا حرب اهلية داخلية وغدا ربما تكون على حدودنا وهذا يعني أن اختفاء الجيش السوري النظامي سيطرح امامنا تحدٍ كبير وغيابه سيضعنا في مواجهة الارهاب".
ووفقا لـ غولان فإن ما يثير القلق ايضا لدى اسرائيل ليس فقط ما وصفه بالتهديد الارهابي في حال غياب الجيش السوري النظامي وانما مستودعات الوسائل القتالية الاستراتيجية التي يتملتكها الجيش السوري الذي زعم أنه يتملك صورايخ بعيدة المدى وصواريخ ارض جو وصواريخ ارض بحر متطورة جدا وفتاكة بالاضافة الى الاحتياطي الاكبر في العالم من الاسلحة الكيميائية.
وبحسب تقديرات غولان سيؤدي انهيار النظام السوري الى خروج كل شيء عن السيطرة واكد غولان ان الامر الوحيد الذي سيغير كل المعطيات بالنسبة للجيش الاسرائيلية هو محاولة نقل النظام السوري اسلحة كيميائية الى حزب الله وهذا الامر لم يتم حتى الان رغم ان سوريا تزود حزب الله بالوسائل القتالية المتطورة بشكل يومي.
واعترف غولان ان جيشه يعيش في طروف اقليمة قابلة للانفجار في اي لحظة مشيرا الى ان الجيش الاسرئيلي يجري تقديرات للموقف بشكل دائم.
وفيما يتعلق باحتمالات اندلاع حرب اكد غولان أن الجيش الاسرائيلي كان يعتقد أنه يتوجب عليه خوض حرب كبيرة كل عشرة اعوام حيث كان يفكر الجيش انذاك بمنطق الردع الاستراتيجي، إلا أن تغيّر الظروف المستجدة في المنطقة غيّر طريقة تفكير الجيش، وقال غولان بهذا الخصوص:" العبرة التي استخلصها الجيش الاسرائيلية من الاوضاع الحالية هو ضرورة الحفاظ على الجهوزية والاستمرار بالتدريب للتعاطي مع كل الاحتمالات وحتى لا ينجح احد في مفاجئتنا استراتيجيا".
واجاب اللواء غولان على تساؤل حول امتناع الرئيس الاسد عن اقحام اسرائيل في الحرب الدائرة في بلده بالقول:" الاسد يدرك تمام الادراك أن اي صراع مع اسرائيل سيضعف نظامه، لوعيه أن اسرائيل ستضرب جيشه الذي يعتمد عليه في قمع التظاهرات بعنف". واضاف غولان زاعما أن الرئيس السوري كانت يرى في ارسال الفلسطينيين الى الحدود في يوم الارض العام الماضي "فكرة رائعة" ولكنه فهم أن ذلك امر لم يجلب عليه سوى سخط الفلسطينيين داخل سوريا.
وحول النشاط الاستخباري لـ اسرائيل في سوريا اعترف قائد المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي أن الوضع تغير بالكامل حيث اعترف غولاني قائلا:" في السابق من اجل الحصول على المعلومات عن سوريا كنا بحاجة الى تركيز جهدنا الى شخص الرئيس السوري وبطانته ودراسة قدرات الجيش السوري من اجل الاستعداد لأي حرب محتملة، أما الان فقد انقلبت الاوضاع في سوريا وفي عدد كبير من دول الشرق الاوسط وهذا وضعنا امام تحد استخباري عظيم جدا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وأن التطورات تستوجب تغيير واضافة مصادر معلومات جديدة وبحث جديد لدراسة تلك المعلومات."
ــــــــــــــــ
أ م. ي ع