دعوة الرئيس

osama_alfarra

حواديت ...

دعوة الرئيس

رئيس وزراء حكومة الاحتلال يشن هجوما جديدا على الرئيس الفلسطيني " أبو مازن"، ويتهم خطابه في المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس الذي عقد مؤخراً في العاصمة القطرية "الدوحة" بالتحريضي، فهل حديث الرئيس عن عملية التهويد المبرمجة التي تتعرض لها القدس يدخل في باب التحريض؟ وهل ما تقوم به حكومة الاحتلال من استيطان يلتهم القدس ويعزلها عن باقي مدن الضفة الغربية يأتي خدمة لعملية السلام؟ وهل الحفريات التي تهدد المسجد الأقصى تخدم الحفاظ على الأماكن المقدسة؟ وهل منع المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى تعزز مفاهيم حرية العبادة التي نادت بها كافة المواثيق الدولية؟، وهل تهديد المتطرفين اليهود وقطعان المستوطنين باقتحام باحات المسجد الأقصى يشكل رسائل سلام في سماء مدينة السلام؟، من الواضح أن الهجوم الموسع التي تشنه قيادة الاحتلال على الرئيس الفلسطيني مرتبطة بموقف القيادة الفلسطينية بوقف كافة أشكال التفاوض مع حكومة الاحتلال في ظل تواصل الاستيطان وغياب مرجعية واضحة للمفاوضات، فحكومة الاحتلال تريد للمفاوضات أن تعاود مسيرتها ليس بهدف تحقيق تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل على قاعدة مفاوضات من أجل المفاوضات، حيث فيها ما يخفف من وتيرة العزلة التي تتعرض لها إسرائيل، وفي الوقت ذاته تعطيها مزيداً من الوقت لمواصلة خلق حقائق على الأرض تجهض الحلم الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

دعوة الرئيس في خطابه في مؤتمر الدوحة للمسلمين والعرب إلى زيارة القدس، وتأكيده على أن مثل هذه الزيارات لا تدخل في نطاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل، تأتي لمواجهة حكومة الاحتلال فيما وصفه بالمعركة الأخيرة في حربها الهادفة لمحو وإزالة الطابع العربي الإسلامي والمسيحي للقدس الشرقية، سبق أن شكل الحديث حول ضرورة قيام العرب والمسلمين بزيارة القدس نقطة خلاف، تبرعت القوى اليسارية في عالمنا العربي بمهاجمة الفكرة، واعتبرها محترفو الشعارات البراقة أنها تفتح الباب لعملية التطبيع مع إسرائيل، دون أن يكلفوا أنفسهم دراسة إيجابياتها وسلبياتها، حتى رجال الدين ذاتهم اختلفوا فيما بينهم فمنهم من ذهب إلى أهمية القيام بذلك، ومنهم من تخندق في عدم جواز ذلك في ظل الاحتلال وكفى الله المؤمنين القتال.

أعتقد أنه بات لزاماً علينا اليوم التوقف أمام ذلك بشيء من الموضوعية وبعيدا عن الشعارات التي لم تقربنا يوما ما خطوة واحدة تجاه القدس، لطالما أجهض البعض العديد من الأفكار البناءة التي تخدم القضية الفلسطينية وتعزز الوجود الفلسطيني في القدس تحت شعار التطبيع، ولا أعرف كيف يمكن لزيارة المسلمين والعرب لمدينة القدس وهي محتلة وتشهد تهويدا منظماً من قبل حكومة الاحتلال أن يسجل على أنه تطبيع مع الكيان الإسرائيلي، فهل مطلوب من العرب والمسلمين أن يقتصر موقفهم حيال ما يدور في القدس عند عبارات الشجب والإدانة والاستنكار؟، ألا يشكل تغييب المسلمين والعرب عن مدينة القدس تساوقاً مع ما ترمي إليه حكومة الاحتلال من طمس الهوية الإسلامية لها؟.

المؤكد أن من يرى في ذلك تطبيعاً يستند على ارتباط مثل هذه الزيارات بموافقة حكومة الاحتلال، ولكن بالمقابل هؤلاء يتجاهلون الآثار الإيجابية لمثل هذه الزيارات على عروبة القدس وتعزيز التواجد الفلسطيني فيها، والمؤكد أن من يأتي لزيارة القدس والصلاة في مسجدها الأقصى لن تتضمن رحلته زيارة تل ابيب والتجول في أسواقها كما يتم خلسة من قبل البعض، والمؤكد أيضاً أن زيارة المسلمين للقدس ستمكنهم من الإطلاع على أرض الواقع بما تتعرض له مدينة القدس من مخاطر جمة، وتحفز لديهم الانتماء الروحي لهذه الأماكن المقدسة، بما يدفعهم لتطوير أدوات مناصرة أهلها، وفي الوقت ذاته تعزز مثل هذه الزيارات مقومات الصمود الفلسطيني لأهلنا في القدس الشريف.

المؤكد أن حكومة الاحتلال لن تطرب لرؤية الآلاف من المسلمين وهم يتجولون في شوارع القدس ويرتادون باحات المسجد الأقصى والصلاة فيه، بل ما سعت إليه دوما حكومة الاحتلال تمثل في وضع العراقيل لمنع وصول المسلمين إلى القدس والصلاة في المسجد الأقصى، لذلك وبعيداً عن المهاترات وتوشيحات مقاومة التطبيع التي أصابتنا بتخمة العجز عن تطوير أدوات مقاومتنا للاحتلال، بات من الضروري اليوم تبني دعوة الرئيس للمسلمين والعرب بزيارة القدس، ووضع آليات تخرجها لحيز التطبيق، وبطبيعة الحال يحتاج ذلك بالمقام الأول لتبني العرب لها، وكذلك الحال من قبل المؤسسات الدينية وعلى رأسها ألأزهر الشريف.

osgovernor@hotmail.com