عين نتنياهو على إيران.. وعين أوباما على ولاية ثانية!!

من المفترض أن يناقش رئيس الحكومة الإسرائيلية عند اجتماعه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض، مسألتين بالغتي الأهمية بالنسبة إلى الجانبين في هذه الظروف، وكلتاهما في الشرق الأوسط، الأولى تتعلق بالملف النووي الإيراني، أما الثانية فتتعلق بالأحداث في سورية، ويبدو أن كلتا المسألتين يمكن أن تشكل مسألة واحدة بالنظر إلى الترابط الكبير بينهما، وإسرائيل تريد تطمينات أميركية واضحة، كي ينسجم الموقف الأميركي مع الاستهدافات الإسرائيلية، وتكاد تطمئن إسرائيل إلى أن هذا الوقت الأكثر ملاءمة كي تبتز موقفاً أميركياً لصالحها، والمقصود بذلك، تراجع شعبية الرئيس الأميركي على أبواب الحملة الانتخابية للرئاسة، وحين يطمح الرئيس الأميركي، مثل معظم الرؤساء الأميركيين إلى ولاية ثانية، قليل من الرؤساء الأميركيين فشلوا في الحصول عليها، وانعقاد مؤتمر 'ايباك' والذي يزور نتنياهو واشنطن لإلقاء خطابه أمامه، هو الذي من شأنه تعزيز الموقف الإسرائيلي ويساند رئيس الحكومة الإسرائيلية في ابتزاز الرئيس الأميركي.

وقد تزايدت التكهنات في الآونة الأخيرة، من أن إسرائيل تخشى نفاد الوقت أمام جهود المجتمع الدولي خاصة لناحية العقوبات المالية والاقتصادية المتتالية، في وقف تقدم البرنامج النووي الإيراني، هذا البرنامج الذي أخذت طهران بين وقت وآخر، تتخذ من تقدمه وسيلة لاستفزاز كافة الأطراف التي تخشى من أن يتحول إلى برنامج للسلاح النووي، الأمر الذي يعزز الموقف الإسرائيلي، بضرورة التحرك العسكري لضرب وإنهاء عمل هذا البرنامج نهائياً، وفي هذا السياق كشفت تقارير مختلفة عن أن واشنطن لا تزال تسعى إلى وقف تحول هذا البرنامج إلى برنامج عسكري، من خلال سلسلة العقوبات خارج مجلس الأمن، وبالتحالف مع الدول الغربية الكبرى، خاصة الاتحاد الأوروبي الذي بدوره، يتخذ خطوات عقابية ضد إيران تشابه تلك التي اتخذتها واشنطن بهذا الصدد. في وقت لا تزال واشنطن مترددة في التحرك العسكري ضد هذا البرنامج، في حين تحاول أن تضغط على حكومة نتنياهو، ووزير دفاعه باراك، المتحمس لضربة عسكرية إسرائيلية لهذه المفاعلات النووية، كي لا تتم مثل هذه الضربة التي ترى واشنطن، أن لا داعي لها قبل استيفاء مهام العقوبات، خاصة وأن توجيه ضربة من هذا النوع، ستؤدي إلى ردود فعل، لن تواجهها إسرائيل وحدها، بل الولايات المتحدة على وجه الخصوص، وواشنطن المتورطة في أكثر من منطقة في الشرق الأوسط، كالعراق وأفغانستان، ليست مستعدة لتلقي الضربات بسبب نجاح طهران في استفزاز إسرائيل انطلاقاً من هذا البرنامج.

وفي خطوة لافتة وفي زمن مدروس تماماً، أعلن قائد سلاح الجو الأميركي أن الولايات المتحدة قادرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية وأنها تمتلك من الوسائل القتالية والقنابل القادرة على اختراق تحصينات هذه المنشآت، وقد عرض 'البنتاغون' بالفعل ولأول مرة أمام وسائل الإعلام القنبلة التي بمقدورها اختراق السراديب التحت أرضية بوزن 13 طناً من نوع GBU -57. هذا الإعلان في هذا الوقت، تهدف واشنطن من خلاله، إلى إظهار أنها عندما تتوافر الأسباب فإن بمقدورها 'إنهاء' البرنامج النووي الإيراني، وأن قيام إسرائيل بتوجيه ضربة أو ضربات إلى مفاعلات هذا البرنامج، قد توقف العمل بها بضع سنوات، يكون باستطاعة طهران العودة إليها، إلاّ أن السبيل لإنهاء هذا البرنامج نهائياً، هو بحوزة تلك القنابل التي ستنهي العمل بهذا البرنامج، بلا عودة، وربما يحتاج الأمر إلى عدة عقود، كي تستعيد طهران قدرتها على إعادة بناء هذا البرنامج من جديد، إذ كان أحد أهم أسباب الخلاف بين واشنطن وتل أبيب حول ضرب البرنامج النووي العراقي، يعود إلى أن ذلك لن يوقف طهران عن تجديد العمل بهذا البرنامج على خلاف ما حدث عندما قامت إسرائيل بضرب المفاعل النووي العراقي، إلاّ أن إسرائيل تتذرّع بأن إدارة أوباما لا تمتلك الإرادة، للتهديد بضربات حقيقية فاعلة لهذا البرنامج، لذلك استبق أوباما اجتماعه مع نتنياهو، بتوجيه أشد تهديد صدر من قبله بتحرك عسكري أميركي ضد إيران إذا فشلت جهود كبح طموحاتها النووية، في وقت كان نتنياهو، ومن كندا التي زارها قبل واشنطن، يشدد من ناحيته على 'الاحتفاظ بحرية التحرك الإسرائيلي ضد طهران ومحوها من الخارطة' في إشارة واضحة إلى اتساع رقعة الخلاف بين الجانبين، إلاّ أن بعض المحللين الإسرائيليين، اعتبروا أن التشدد الإسرائيلي في هذه المسألة تحديداً، شكل من أشكال الابتزاز، وبحيث تتراجع واشنطن لصالح إسرائيل في قضايا أخرى، سيناقشها نتنياهو مع أوباما، يوم غد الإثنين، وأن إسرائيل تفهم أنه ودون دعم جدي، سياسي وعسكري، سيكون من الصعب على الدولة العبرية المضي قدماً في تهديداتها المتفردة لإيران.

أما المسائل الأخرى، التي ترغب إدارة نتنياهو في أن تستجيب لها إدارة أوباما، فتأتي في طليعتها، المسألة السورية، فقد لاحظت الحكومة الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، أن هناك جدية أميركية متزايدة، في الوقوف مع إنهاء حكم بشار الأسد في سورية، وشجعت خطوات من شأنها عزل نظامه وإضعافه، ودعم قوى الثورة، الأمر الذي اعتبرته إسرائيل موجهاً ضد مصالحها الحيوية، الأمنية على وجه الخصوص، ذلك أن الحفاظ على نظام الأسد، يوفر لها الحفاظ على جار تطمئن إليه عملياً، وهو النظام الأكثر ضمانة لأمنها وسلامة حدودها التي رسمتها بعد حرب تشرين 1973، وهي لا تؤمن بالضمانات، بل بالتجربة التي أكدت أن نظام الأسد، هو الأكثر قدرة على الحفاظ على أمن الدولة العبرية، خاصة شمال حدودها، وترى في اندفاع العالم، بما فيه الولايات المتحدة، وراء إسقاط نظام الأسد، يجري في غير مصالحها الحيوية.

وبالفعل، أمكن ملاحظة تراجعات واضحة خلال الأسبوع الماضي، من الولايات المتحدة على المسار السوري الداخلي، فخرجت تصريحات مفاجئة من قبل وزيرة الخارجية كلينتون، تشير فيها إلى أن تسليح الجيش السوري الحر غير وارد، لأن ذلك قد يشعل حرباً أهلية، مع نفيها إمكانية تحديد مناطق متاخمة للحدود مع سورية كمناطق عازلة تحمي المنشقين من الجيش السوري وتشكل عنصر انطلاق لقواته في مواجهة الجيش النظامي، هذا كله بعدما قيل عن جهد أميركي كي لا يتوصل مؤتمر أصدقاء سورية في تونس إلى نتائج من شأنها الاعتراف بالمجلس الوطني السوري كممثل وحيد للشعب السوري، إضافة إلى عدم اتخاذ المؤتمر المذكور، قرارات من شأنها دعم الثورة السورية بشكل واضح ومحدّد.

وإذ يلتقي نتنياهو بأوباما، غداً، لن يكون بوسع الثاني سوى أن يأخذ بالاعتبار أن المرشحين الجمهوريين للرئاسة، مستعدون لمنح الأول، أكثر بكثير مما يقدر هو أن يعطيه، لذلك عليه أن يكون كريماً أكثر من أي وقت مضى إذا رغب في تجديد ولايته للرئاسة!!.

Hanihabib272@hotmail.com

www.hanihabib.net

habib