مصر في وداع البابا شنودة

القاهرة: تستعد مصر لتشييع بطريرك الأقباط الأرثوذكس البابا شنودة الثالث، اليوم، في أجواء لا تخلو من قلق، فيما يبدو اختيار خليفة له مسألة حساسة بسبب الوزن السياسي للمنصب في بلد يمر بمرحلة انتقالية.

وأصدر رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي قراراً قضى بإعلان «حالة الحداد العام» في مصر اليوم، لمواكبة الجنازة.

ولليوم الثالث على التوالي، توافد آلاف الأقباط إلى مقر الكاتدرائية المرقسية في حي العباسية في قلب القاهرة لإلقاء نظرة الوداع على البابا شنودة، الذي وضع جثمانه على كرسيه البابوي مرتديا زيه الكنسي وتاجه المذهب.

وسيقام القداس الجنائزي في مقر الكاتدرائية قبل أن ينقل الجثمان على متن طائرة عسكرية إلى دير وادي النطرون، على بعد قرابة مئة كيلومتر شمالي القاهرة، حيث سيدفن بناء على وصية البابا الراحل.

وأعلنت وزارة الداخلية أنها وضعت خطة أمنية شاملة، واتخذت كافة الإجراءات الأمنية الخاصة بمراسم الدفن. وتشمل الخطة تكثيف التواجد الأمني في محيط الكاتدرائية في العباسية، حيث تم وضع الخدمات الأمنية التي تتناسب مع كثافة الحشود لمئات الآلاف من المسلمين والأقباط الذين يتوافدون على الكاتدرائية منذ إعلان وفاة البابا.

ومن المقرر أن يتولى بضعة آلاف من الضباط والمجندين تأمين الجنازة حتى وصولها إلى دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون.

ونعت مصر كلها، ابتداء من المجلس العسكري الحاكم وانتهاء بجماعة «الإخوان المسلمين»، مروراً بالأزهر، البابا شنودة الثالث باعتباره قامة وطنية كبرى تمكن من قيادة الكنيسة القبطية على مدى أربعة عقود شهدت مصر خلالها تطورات وتقلبات سياسية واجتماعية عدة.

وأعلن الفاتيكان أن وفداً يمثل البابا بندكت سيشارك في الجنازة. ويرأس الوفد الكاردينال الرئيس الفخري للمجلس البابوي لتعزيز وحدة المسيحيين وولتر كاسبر.

وقرر شيخ الأزهر كذلك إيفاد وفد من كبار مساعديه لحضور مراسم توديع البابا شنودة. وكان شيخ الأزهر قد أصدر بيانا أول أمس نعى فيه البابا الراحل، مشيدا بدوره الوطني والقومي لخدمة مصر وشعبها.

وبدأت التكهنات في مصر حول خليفة البابا شنودة الثالث. وتحدثت الصحف عن أربعة من قيادات الكنيسة، وهم سكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأنبا بيشوي، وأسقف الشباب الأنبا موسى، وسكرتير البابا الأنبا يؤنس، وأسقف شبرا الخيمة الأنبا مرقس.

وبسبب الرهانات السياسية والطائفية المحيطة بمنصب البابا، فإن عملية اختيار خليفة لشنودة الثالث ستكون صعبة خصوصا في ظل تعقيدات إجراءات الترشيح والانتخاب.

ووفقا للائحة الكنسية التي وضعت في العام 1957، ستقوم المطرانيات المختلفة في مصر بترشيح وتزكية أساقفة لتولي منصب البابا، ثم تعرض أسماء المرشحين على جمعية ناخبين تضم أعضاء المجمع المقدس وشخصيات عامة من بينها النواب الأقباط الحاليون والسابقون والوزراء الأقباط الحاليون والسابقون وأعضاء المجلس الملي. وبعد عملية الاقتراع سيتم إجراء «قرعة إلهية» بين المرشحين الثلاثة الذين حصلوا على أعلى الأصوات، إذ يقوم طفل باختيار ورقة من بين ثلاث أوراق تحمل كل منها اسم احد المرشحين.

في هذا الوقت، توالت الاتصالات والبرقيات المعزية بالبابا الراحل. وأشاد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي بالبابا شنودة مذكرا بـ«مواقفه الوطنية خصوصا حيال القدس».

ووصف بطريرك موسكو وعموم روسيا كيريل وفاة البابا شنودة بأنها «خسارة كبيرة للعالم المسيحي»، مشيداً بسعيه للتفاهم مع الكنائس المسيحية.

وأشاد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي بالبابا شنودة، مشيرا إلى أن «مواقفه المؤيدة للشريعة الإسلامية لا تنسى». كما وصفه بأنه كان «رجل الكنيسة الجاد ورجل مصر الوطني».

وكالات