السفير 14.1
مدير أمن زين العابدين بن علي أقنعه بالفرار قبل وقوع «انقلاب»
«لم يكن الخوف من الثورة.. بل من انقلاب دائرة المسؤولين الأمنيين الموثوق بهم المقربين من زين العابدين بن علي، والذين شجعوه على مغادرة البلاد إلى السعودية قبل عام».. هذا ما أعلنه سمير سرياطي (41 عاما)، نجل قائد الحرس الجمهوري في عهد بن علي ومدير أمنه، الجنرال علي سرياطي.
يروي سرياطي الابن، ان والده المسجون أخبره ان مسؤولين أمنيين «شحذوا السكاكين» (أي استعدوا للانقلاب) ضد بن علي، الذي أتى بدوره بانقلاب دموي العام 1987. «نعم كان هناك ثورة، لكن أمرا آخر كان يحدث في الوقت ذاته: انقلاب جديد.. فالمتآمرون كانوا ينوون البقاء في السلطة وتهديد الثورة تماما كما يفعل الجيش المصري حاليا لاحتواء الثورة المصرية». ولكن بمساعدة «حياد» رئيس أركان الجيش الوطني التونسي رشيد عمار، تم محاصرة المتآمرين المزعومين في نهاية المطاف من قبل الثوار الشباب، الذين واصلوا النزول إلى الشوارع في الأسابيع والأشهر التي أعقبت الثورة...
تداولت الصحف الفرنسية والتونسية الشائعات «الفقاعة» التي تحدثت عن انقلاب من هذا النوع، طيلة العام الماضي. غير ان رئيس الوزراء التونسي السابق الباجي قائد السبسي كان له كلام آخر للصحافة قبل أسابيع من الانتخابات التشريعية الأخيرة التي فازت بها المعارضة. «بالنسبة للحديث عن انقلاب في تونس تم التستر عليه، أقول انه ليس لدي معلومات عن هذا الموضوع كما لا أستطيع تأكيد الأمر أو نفيه.. لكن الحكومة المؤقتة مستعدة للتحقيق في أحداث 14 كانون الثاني (يوم فرار بن علي من البلاد) إذا كان هذا مطلبا شعبيا ملحاً»...
أمضى الجنرال سرياطي العام الماضي في سجن العوينة، قرب مطار تونس الدولي، بعدما اتهم بالمشاركة في قمع المتظاهرين بعد رحيل بن علي. أما نجل قائد الأمن السابق، فيأمل تبرئة والده، مصرا على أن الجد البالغ من العمر 72 عاما يبقى خلف القضبان ظلماً، خصوصا انه قادر على تسمية أولئك الذين كانوا يتآمرون ضد بن علي والثورة، بهدف البقاء في السلطة. ويقول سرياطي إن اعتقال والده أتى بعد أقل من نصف ساعة على هروب بن علي، ما يجعل من المستحيل أن يكون وراء توجيه أعمال العنف في الأيام التي أعقبت الثورة..
ما حصل ضمن الدائرة الصغرى المقربة من الرئيس المخلوع يوم ثارت حشود المحتجين الضخمة وسط شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة ومختلف أنحاء البلاد، لا يزال قيد التعتيم والتساؤلات. «أمر بن علي بتجهيز طائرة تقله وعائلته وأقرباءه إلى خارج البلاد. لكن الجنرال سرياطي الذي كان دوره آنذاك حماية الرئيس وعائلته، بدأ بتلقي التقارير المزعجة»، كما يؤكد سرياطي الابن. «لم يبدأ آلاف المتظاهرين بالتوجه الى القصر الرئاسي فحسب، بل كانت هناك تقارير تفيد بأن القوات التي تعمل بقيادة العقيد سمير ترهوني، رئيس لواء مكافحة الإرهاب، كالرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العقيد أحمد شبير، وزير الدفاع السابق رضا غريرة، كانوا في طريقهم الى بن علي»... ويتابع سرياطي قائلا «عند حوالى الرابعة والربع من بعد الظهر، واجه الجنرال سرياطي الرئيس بتقييم قاتم: اذا بقي في القصر، فسيعيق المتظاهرون هروبه، وبالتالي سيتمكّن مدبرو الانقلاب المزعوم من قتله». ويضيف «نبّه ابي بن علي من حصول الانقلاب ضده واستعجله للذهاب عبر المطار العسكري مع عائلته.. وبعد إصرار والدي، اقتنع بن علي بالمغادرة».
وفيما رأى سرياطي ان والده كان يقوم بواجبه، شكك دبلوماسي غربي بنوايا علي سرياطي قائلا «بن علي تخوف من الروايات التي نقلها اليه سرياطي.. لا بد ان الأخير أراد من ذلك ان يحلّ مكان الرئيس»...
(عن «فايننشال تايمز»)