حينما تطلق اسرائيل النار على رِجلِها

بقلم: افرايم هليفي
لوحظت مع تولي حسن روحاني منصبه فروق أولى بين توجهي الولايات المتحدة واسرائيل نحوه. ففي حين يستقبل متحدثون رسميون في واشنطن رئيس ايران الجديد بتهنئة حذرة، يزعم متحدثون اسرائيليون وفي مقدمتهم رئيس الوزراء أن الحديث عن ‘ذئب في جلد نعجة’، ويتمسكون بمقتبسات من كلامه عن اسرائيل تم انكار بعضها رسميا للبرهنة على ان ايران ما زالت مصممة على القضاء علينا.
قبل ان نُرى ونحن ننزلق في منزلق دحض، يحسن أن نصرف التفكير الى معنى النهج الذي ننتهجه.
إن توجه اسرائيل الأساسي هو أنه لا توجد أية أهمية لهوية رئيس ايران، لأن جميع الصلاحيات في الدولة مُركزة في يد الزعيم الروحي خامنئي، ولن يُفوض أحد سواه ولا هو قادر على الانحراف عن سياسته الذرية. إن هذا الرد الذي أُسمع في اليوم التالي للانتخابات التي فاز فيها روحاني بصورة مفاجئة بأكثر من 50 في المئة من اصوات الناخبين، سيراه جموع المصوتين الايرانيين ولا سيما الشباب والنساء وطبقة المثقفين المستنيرين، لطمة اسرائيلية لهم ولفخرهم.
فهذه مقولة تعني انه لا قيمة للفعل الذي فعلوه، وأنه لا أمل في ان يتحسن وضعهم وان اسرائيل مصممة على استقبال انتخابهم بسلبه شرعيته. ويتميز هذا التوجه ايضا بتناقض داخلي، لأنه اذا كان روحاني بلا أهمية في نظرنا فلماذا نبذل جهدا في الإساءة لسمعته؟ سارع روحاني الى تشكيل حكومة وفيها شخصيات كثيرة معروفة للدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة. فاذا استمرت اسرائيل في سلب الادارة الايرانية الجديدة شرعيتها قبل ان تتم اتصالات معلنة ما بين الولايات المتحدة وطهران فقد يعتقد فريق من الامريكيين ان نيتها كلها هي ان تُفشل احتمال التفاوض مع ايران.
عقد روحاني أمس مؤتمرا صحافيا أول وقال انه يريد ان يبدأ تفاوضا جديا وجوهريا في برنامج بلده الذري. وكرر السياسة الايرانية المعلنة التي ترى ان من حقها تخصيب اليورانيوم. لكن الأحمق فقط كان يتوقع ان يتخلى الرئيس الايراني عن موقفه الأساسي حتى قبل ان يدخل التفاوض.
سيوجد من يزعم أن حملة تبسم روحاني للولايات المتحدة ليست سوى خداع، وان دعوته الى حوار عادل حيلة غايتها كلها كسب الوقت لاستكمال مسار الحصول على القدرة الذرية. ومن المؤكد ان هذا ممكن. لكن ينبغي لتقصير هذا المسار ان نشجع تعجيل بدء حوار لا أن نجعل مجرد اجرائه صعبا.
لست أعتقد ان روحاني كان سينشئ حكومته الجديدة على صورتها المعتدلة، لولا أنه فحص فحصا أول بصورة سرية، هل توجد رغبة امريكية حقيقية في محادثته. فاذا كان ما نراه الآن الخطوات التمهيدية الاولى للتفاوض فاننا كلما ألغينا قيمة كل تفاوض مع ايران اقتطعنا من قدرتنا على التأثير في سيره.
يواجه روحاني ضرورة مُلحة وهي تخفيف الازمة الاقتصادية القاسية على أكثر أبناء شعبه. وهو يعلم انه لن يحرز تخفيفا للعقوبات بلا خطوة مهمة من جهته في الشأن الذري. والولايات المتحدة مصممة على التوجه الى تفاوض على أساس دعوة روحاني، فاذا بدأنا معركة اسرائيلية جديدة على الولايات المتحدة في هذه الظروف فستتضرر علاقاتنا بها ضررا شديدا ونخدم مصلحة ايران.
قال مسؤول رفيع المستوى في القدس أمس ان سلوك الولايات المتحدة في الشأن السوري يضائل ثقة اسرائيل برغبتها الحقيقية في التصرف كما ينبغي في الشأن الايراني. فما الداعي الى ان نشير لايران بأنه أخذ ينشأ فرق بيننا وبين الولايات المتحدة حتى قبل بدء التفاوض في الشأن الذري؟ ولماذا نُشكك في قدرات الامريكيين على اجراء تفاوض ذكي وواعٍ ومسؤول؟ وهل غطى أداؤنا في التفاوض على أداء واشنطن مع الروس ومع الصينيين ومع اوروبا؟
أقترح على اسرائيل ان تعلن رسميا بأنها تستقبل بالمباركة كل تفاوض بين الولايات المتحدة وايران يرمي الى ازالة التهديد الذري الايراني من خريطة العالم، وأنها ستفحص عن نتائجه بحسب هذه الغاية فقط. وستُبقي اسرائيل يدها على الزناد ما لم يُحرز هذا الهدف.
واذا أضافت اسرائيل الى تصريحها كلمة تقدير للشعب في ايران الذي عرف كيف يعبر في انتخابات الرئاسة عن رغبته في حياة رفاه وحرية باعتبارها الهدف المركزي لدولته، فربما نبدأ السير في الطريق الطويل لتطوير تحادث بشوش مع الجمهور الايراني. وباعتبارنا أمة حساسة جدا بكرامتها القومية فمن المناسب ان نظهر نفس الحساسية بكرامة الجموع في طهران.